* المرايا أكثر نبلاً من الإنسان.. الإنسان فقط يكذب.. المرايا لا تكذب.. الإنسان فقط يغش.. المرايا لا تغش.. الإنسان فقط ينافق ويجامل.. المرايا لا تنافق ولا تجامل.. النبلاء والشرفاء فقط من لا يهابون المرايا فليس ثمّة ما يخشون عليه الفضيحة.. المرايا العدو اللدود لأصحاب النفوس الدنيئة الذين يرتعدون فرقاً من مجرد ذكره.. ثمّة من يخشى، أن يرى جسده عارياً في مرآة حتى لا يشتهيه كل شيء في هذا الكون له مرايا، حتى الكون نفسه وأصحاب الأرواح البيضاء الشفافة والسامية هم فقط من أسعفتهم الظروف وخوّلتهم الحق في أن يروا هذا الكون بمراياه، فأحسوا وشاركوا الشمس وجعها هي تجري منذ الأزل إلى غاية لا تدركها، لارتماضها وهي تحرق نفسها وتنكر ذاتها حتى تنير دروب الجاحدين.. لسير الرياح، وخفق الموج، وجمود التراب، وسيولة الماء، وكمون النار أو اندلاعها، لوجع الأرض وهي تبوح لهم بأنين روحها.. المرايا تخول المرء متنفساً ومنفذاً يبوح من خلاله عما تعجز كل الأشياء من حوله أن تستسيغه وتمنحه.. بالمرايا يعرف الإنسان ذاته، تماماً كما عرف سقراط نفسه، ثم ضحك في قرارة نفسه وقد أدرك بؤس الحركة وحقارة المادة وهول المصير، فكان بذلك قد وصل إلى ذروة المعرفة.. المرايا هي الحقيقة التي لا ينكرها إلا من يحبون أفكارهم وذواتهم ويؤثرونها بعنادية ونرجسية على أي حقيقة.. المرايا صديق الغرباء.. المرايا شيء نادر في حياتنا ومن ظفر به وأصابه يوماً كان ذا حظٍ عظيم..