ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، صدر للباحث المغربي ذ. محمد مْريكيك كتاب بعنوان: هجرة اليهود المغاربة إلى الخارج 1910 1965 تاريخ هجرة مُبَرمجة، مراجعة وتقديم د. عبد النبي ذاكر. والكتاب في الأصل جزء من أطروحة أكاديمية للدكتور الكبير عطوف. يرصد هذا العمل تفاصيل الهجرة المغربية إلى فرنسا، ويستكشف الفصول الملغزة للظاهرة الهجروية المغربية باتِّجاه الضِّفة الأخرى نحو فرنسا أساسا، والتي تمَّت بطريقة مهيكلة ومبرمجة جدا، في سياق الحماية والحربين العالميتين الأولى والثانية، وما واكبهما من تحولات اجتماعية واقتصادية وسياسية وعنف رمزي وحقيقي، وكذا في سياق الوضع الكارثي لمغرب الخمسينيات والستينيات، الذي أملى اختيار الهجرة أداةً لتدبير الشأن الداخلي والتحكم في مساره ومصيره. والكتاب محاولة جادة لاستجلاء المسكوت عنه في الهجرات الأولى ليهود المغرب نحو فرنسا بدءًا من نهاية الحرب العالمية إلى الإنزال الأمريكي عام 1942، مرورا بالهجرة الداخلية وتدابير معاداة السامية، ووصولا إلى الهجرة الثانية بين سنتي 1942 1956، تحت وقْع تأسيس دولة إسرائيل، وواقع وضعية سوسيو ديموغرافية طَبَعها تَمْدين مكثَّف غذّاه الاستعمار الفرنسي لخلق هوَّة سحيقة بين اليهود والمسلمين، والعمل على مَأْسَستها. حريٌّ بنا أن نذكر هنا أن د. الكبير عطوف باحث في التاريخ الاجتماعي المعاصر. وهو من المؤرخين الذين يُعُّدون على رؤوس أصابع اليد الواحدة ببلادنا في تخصص تاريخ الهجرة. كما يجدر بنا أن نذكر أن مترجم هذا الكتاب الباحث محمد مْريكيك، وهو المتمرٍّس في مختبر الهجرات والمجال والثقافة والمجتمع في الجنوب المغربي، قد استطاع أن ينقل بأسلوب سَلِس، وعبارة دقيقة، ولغة لا تشوبها شائبة، مبحثًا ما تزال الأقلام تتعثر في صياغة طروحاته المتشعِّبة، وضبط مفاهيمه ومصطلحاته الشائكة.