افتتحت الأنشطة الثقافية لمعرض الكتاب الوطني المستعمل يوم السبت 21 أبريل 2018 بقراءات في رواية “الثورة الوردية” للكاتبة زبيدة هرماس، وقد نسقت أعمال هذه الجلسة الباحثة فاطمة زكي التي قدمت أعمال الروائية أهمها رواية كنز في تارودانت سنة 2008، وحب على رصيف القرويين سنة 2010، ثم رواية عشاق الصحراء سنة2013. تتميز هرماس بالتخفف من النزعة النسوية الواضحة في الكاتبات النسائية المغربية، وقد تمكنت من حجز حضور أدبي خاص لها، لكنها لم تحظ بالاهتمام النقدي الكافي في الساحة الأدبية. و هذا اللقاء هو اعتراف بمسارها الإبداعي. المداخلة الاولى قدمها محمد أيت اعزي الذي وصف هذه الثورة التي اختارتها الكاتبة باعتبارها عنوانا لروايتها من خلال الثورات الوردية، متى بدأت و إلى أين وصلت في عصرنا الحالي، بداية مع الثورة الأوكرانية الملونة سنة 2014، والبرازيلية، و ثورة القرنفل في البرتغال سنة 1974، و ثورة الورد في جورجيا سنة 2003، و ثورة التوليب سنة 2005… و غيرها من الثورات الملونة التي تشبه الثورة الحقيقية من الناحية الخارجية فقط، والتي تعطي اللون الأحمر لكن من داخلها وردي مختلف عن ما يقع في الثورات الدموية، و هذا تماما ما تجسده الرواية التي تتحدث عن مؤتمر سيرته النساء و غيرت ما كان ينويه رؤساء هذا المؤتمر، و مهما تعددت ألوان الثورات و أشكالها، تبقى وسيلة مهمة للتغيير نحو الأفضل، و ربما نحو الأسوأ، و كلها اختيارات الشعب يتحمل نتائجها بانتظار فرصة جديدة لثورة مخملية أو ثورة بقوة السيف.
وقدم عبد اللطيف خربوش في مداخلته دراسة تركيبية و لغوية للعنوان، مفترضا من خلاله أن الرواية ستتحدث عن ثورة سلمية من أجل تغيير مجموعة من الأنظمة و السلوكات المجتمعية السيئة، أو عن ثورة قادتها المرأة لارتباط اللون الوردي بالنساء أكثر من الرجال، متسائلا إذا كان هذا اللون يعبر عن المحبة أو السلام أو السكينة أو العدل أو الرحمة.. فهل يمكن أن نطلق هذا الوصف على الثورات التي عرفت عبر التاريخ بدماء الشهداء و كان الأجدر أن تسمى بالثورة الحمراء من أجل تحقيق مطالب و أحلام وردية؟. و في ختام هذه الجلسة عرفت زبيدة هرماس بتجربتها السردية، حيث ألفت ثماني أعمال، منها رواية تاريخية تدور أحداثها بين فاس و الأندلس، و فراشة مكة دعوها تحلق.. و غيرها. معتبرة أن الكتابة التاريخية من أصعب الكتابات لأنها تحبسنا في إطار تاريخي معين، موضحة أن رواية الثورة الوردية لا علاقة لها بثورات الربيع العربي و إنما استوحت الفكرة من تخييلها للعالم بدون حكام بعد أن “هجمت عاصفة ثلجية مؤتمرا أطمرتهم في القطب الشمالي، فكان العالم لأول مرة بدون حكام و لا قادة، وتولت النساء زمام الحكم، و سيرن العالم الى أن يخرجوا من سجنهم، و قد هدأ العالم بغيابهم حيث سجن رفقتهم الجنرالات و قادات الحروب، فأصبحت النساء تقود العالم و في هذه المدة اوقفن معامل السلاح و الحروب و غرس الشجر و رفعت الاعلام الوردية بدلا من الحدود و ما ان خرج الحكام حتى عاد الشر معهم” . تخللت الأنشطة الثقافية قراءات لإبداعات تلميذات مؤسسة الكفاءة العلمية الخصوصية، بتنسيق من الطالب حسن بنزعرية ، سيرت الجلسة التلميذة سكينة المالكي و قدمت مجموعة من القصص من إبداع اليافعات، قصة “سكيزوفرينية” لآية بوحافة ، “حكاية المجهول” لفاطمة الزهراء غيفار، “جسد غير مكتمل” لسكينة كرومي، “وداع” لهادر قيبال، “أفضل ما في العمر ساعة” لهبة العسول. و غيرهم من التلميذات اللواتي أ بدعن في قصص قصيرة اختلفت موضوعاتها. و كما عهدت الخيمة الثقافية تكريم المثقفين، تفضلت صفية أكطاي الشرقاوي بتكريم فاطمة دهر اعلوش؛ الأديبة و المربية، واصفة إياها بالمرأة الخارقة حيث تسلمت درعا تذكاريا بالمناسبة . اللقاء الأخير في أمسية السبت، كان مع الكاتب والناقد حسن بحراوي، الذي شهد حضور ثلة من المثقفين، نسق أشغال هذه الجلسة الأستاذ عبد الرحمن غانمي الذي قدم المحتفى به حسن بحراوي بكونه من الكتاب المميزين في الساحة الثقافية المغربية كاتب رحالة تهاجر كتاباته من مجال إلى آخر، غير منغلق في جنس معين بل له القدرة على الهجرة عبر الأجناس، فهو ناقد و مهتم بالحكاية الشعبية و روائي وشاعر يسعى للتجديد، ويشكل ملمحا أساسيا في النسق الثقافي المغربي و العربي بصفة عامة، له صوت متميز و هذه هي السمة العميقة للكتاب المتميزين، وتتميز أعماله بالراهنية إذ تستطيع أن تمتلك حياة و حيوات في سياقات أخرى. بعد ذلك تقدم الباحث لعزيز لمتاوي بورقة تناول فيها تجلي الترجمة في أعمال بحراوي عبر مسارين: الأول؛ مسار الممارسة الترجمية، والثاني يتمثل في الحديث النظري عن الترجمة، إذ أن ممارسة الترجمة تنطلق من الزاد النظري كما تساهم في صياغته و تشكله، و يقدم حوله ثلاث ملاحظات؛ أولها التأريخ للترجمة من خلال كتابين ابراج بابل/ شعرية الترجمة: من التاريخ الى النظرية، و كتاب الترجمة العربية من مدرسة بغداد إلى مدرسة طليطلة/ دراسات في التاريخ و النظرية، والثانية: الترجمة بين الممكن و المستحيل من خلال مقاربة بحراوي للترجمة بين الإمكان و الاستحالة عن طريق ترجمة الشعر، و ذلك في الكتابين: “مدارات المستحيل” و “مقارعة المستحيلة.” والثالثة نحو صياغة شعرية للترجمة من خلال كتاب : “مأوى الغريب” حيث يتداخل التاريخ في بعديه الأفقي و العمودي بالنظري. وتقدم الباحث محمد محي الدين في مداخلته ورقة حول رواية النمر الفيتنامي التي تحكي عن نمر صغير يعيش في أحضان أسرة بعدما عثر عليه الوالد، و سيخرجونه إلى الحديقة، و ظهور شخصية عز الدين في صورة البطل وطني رغم أنه مجرد واشي لا ذمة له سيتسبب في كارثة حقيقية. محاولا من خلال قراءته ان يبرز بعض الخصائص التي تميز بها البحراوي في كتاباته : كالتزاوج بين النقد و العجائبي، و الشعبي التراثي، و المحكي البوليسي، و التخييل التاريخي. وفي مداخلة أخرى لعبد الواحد العبدوني الذي أشار إلى أن عمل حسن بحراوي ارتبط مباشرة ببنية القارئ المبدع و المشاهد، و الفنان، و ذلك من خلال مجموعته القصصية “استوديو الجماهير” التي يجمع فيها بين عالمي الإمتاع و الإفادة، و التي تكشف عن إبداع فوق العادة، لأن عمله استطاع عن جدارة ان يجمع بين ما لا يجتمع، حيث يقدم الجد عبر توليفة ساخرة و يسمح هذا العمل للقارئ ان يلج عالم القصة و أن ينقطع تماما عن كل ما هو آخر، و هو انقطاع يسمح للقارئ أن يصبح ذاتا تعيش عبر و في القصة، بل و تساهم في بنائها ضمن لحظات خاطفة من القراءة و التأويل. من الرواية و القصة إلى الشعر دائمة في رحلة أدبية عن حسن بحراوي قدمت نادية شفيق قراءة في ديوانه “الأرض الأخيرة لعشاق الترامواي” حيت تقول أن الكاتب “ظل مشدودا للنزعة الواقعية في تجلياتها المتعددة، من حيث واقعية المكان و واقعية الزمان، و واقعية الشخوص، و واقعية الحكي”، مؤكدة أن الجرد المفصل لبعض تجليات البعد الواقعي في تجربة الشاعر تكرس نزوع ذات لمبدع إلى التعبير عن حاجاته النفسية، و رؤيته الانطوائية في قالب واقعي صرف بداية بالفضاءات و الأمكنة و مرورا بطبيعة الزمن المؤرخ له، و الشخصيات التي استدعاها الشاعر، علاوة على اقتدائه لمنحى سردي واقعي وسيط وفي كلمته عبر حسن بحراوي عن سعادته بتواجده في مكان لطالما ارتبط به وجدانا وذاكرة وفي سياق إجاباته عن الأسئلة المطروحة في المناقشة أو في أوراق مؤكدا أن مجمل إبداعاته جاءت مصادفة واستجابة لأسباب نزول أو لتحولات طارئة على المجتمع والحياة أو حكاية وتوثيقا لأحداث عاشها . اختتمت الأنشطة بتقديم وتوقيع كتاب “سينما و تحليل نفسي” لنورالدين بوخصيبي الذي له عدة مقالات في مجال السينيما. قدم عبد الطيف حبشي دراسة للغلاف، و عنوان الكتاب من الناحية المنهجية ثم دراسة للفهرس، و تنظيم الكتاب. مشيرا الى التوتر الذي يكنه فرويد للسينما و رفضه لها و هذا ما سيؤكده بوخصيبي، الذي جعل باب البحث ينفتح على مصراعيه لمحاولة فهم و استيعاب أسرار الفرجة السينيمائية من منظور التحليل النفسي . متابعة: أسماء امسيتن