كعبة في كربلاء.. عبارة قصيرة تصف مشهداً في العراق كان كفيلاً بإثارة جدل محموم على مواقع التواصل الاجتماعي ما بين مهاجم ومنتقد، ومن لا يجد في الأمر ضيراً إذا وضع في سياق محدد. في المغرب عام 2017 شهدت إحدى المدارس بالراشيدية بناء مجسم للكعبة وظهر التلاميذ يطوفون حوله في تقليد لمناسك الحج، وهو أمر متكرر في كثير من المدارس بحسب وسائل إعلام مغربية. ما القصة؟ مع اقتراب عيد مولد الإمام علي بن أبي طالب، نصب مجسم بحجم ضخم للكعبة في إحدى الساحات في كربلاء العراقية، وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت من المدينة أناساً يطوفون حول المجسم في محاكاة للطواف حول الكعبة خلال مناسك الحج والعمرة في مكة. من المعتاد لدى أتباع المذهب الشيعي إقامة احتفالات وأداء بعض الطقوس خلال المناسبات الدينية، يتضمن ذلك مواكب دينية وعروض تمثيلية. سبب الغضب يثار الجدل حالياً بسبب ما اعتبره البعض مساساً بثوابت الدين الإسلامي ومقدساته، وأن ما حصل هو بدعة وإهانة لمكانة الكعبة عند ملايين المسلمين. ما يزيد الحساسية هو أن كربلاء مدينة ذات مكانة عالية وقدسية لدى الشيعة، مما دفع بعض المعلقين لربط ما حصل بالهيمنة الإيرانية في المنطقة وأنه جاء تنفيذاً لأجندة سياسية معينة. موقف المرجعيات الشيعية بعد يومين على نصب المجسم، قامت العتبة الحسينية بإزالته ونفت أي مسؤولية عن نصبه، الأمر الذي بدوره أشعل جدلاً آخر حول كيفية تمرير مثل هذا المجسم ونصبه والطواف حوله دون ملاحظة المسؤولين. أما المكتب الإعلامي للمرجع الشيعي محمد مهدي الخالصي فأصدر بياناً يتضمن موقف المرجع الشيعي الرافض محاكاة الكعبة في كربلاء، معتبرا ذلك ارتداداً عن الدينوقال: "ما جرى من بناء هيكل على شكل الكعبة المشرفة في مدينة الإمام الحسين الشهيد إنما هو كفر بواح وارتداد عن الدين، وافتراء وكذب على الله وتكذيب صريح للقرآن، فعلى العلماء والمراجع والمسؤولين في المؤسسة الدينية، وكل من يقدر من المسلمين إنكار هذا الافتراء الصريح على الله والقرآن، والعمل على إزالة هذا المجسم من الأوثان وقول الزور، ومن يسكت عنه مشارك في الإثم والعدوان، وعلى حد الشرك بالله والارتداد عن الدين". أما المرجع الشيعي حسن الموسوي فأشار صراحة إلى دوافع سياسية وراء الفعل قائلاً في بيان "إن الأمر جاء حسب أهواء مرجعيات الضلال ويعد تحدياً صارحاً لأوامر الله، ويحمل طابعاً سياسياً واضحاً لاستفزاز مشاعر مسلمي العالم"، وطالب كذلك بموقف وتحرك ضد ما وصفه "بالبدع" متخوفاً من أن يتحول الأمر لبداية حقيقية لتشييد كعبة جديدة مستقبلاً بناء على فتاوى إيرانية. ليست كربلاء فقط.. وليس المجسم الأول من نوعه إنشاء مجسمات للكعبة وتقليد مناسك الحج لطالما كان محل جدل، فالأمر لا يقتصر على مرة واحدة ولا على مكان واحد، فيما يلي بعض الأمثلة: عام 2014 أثير جدل مشابه في تونس عندما شيد نموذج للكعبة في ملعب كرة قدم في مدينة قابس بغرض تدريب الحجاج على المناسك قبل توجههم إلى مكة، واختلفت حينها الآراء الدينية بين من أجاز ذلك لغرض التعليم ومن رأى فيه خطراً وفساداً. ونقلت الصحافة المصرية حينها عن الدكتور عيد يوسف أمين عام لجنة الفتوى في الأزهر قوله إن "إنشاء الكعبة الصناعية في تونس جائز إذا قصد من ذلك تدريب المسلمين على مناسك الحج". تكرر المشهد في البلاد منذ نحو عامين، تحديداً في نوفمبر- تشرين الثاني 2019، عندما أقامت بلدية العاصمة مجسماً للكعبة في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة بمناسبة المولد النبوي لأهداف تعليمية، وثار الجدل حينها على مستويين أحدهما ديني يتعلق بتجسيد الكعبة والآخر سياسي اجتماعي فكري يتعلق بأسئلة حول المواطنة ومدنية الدولة. مصر كذلك شهدت واقعتين مماثلتين العام الفائت، حيث انتشرت مقاطع فيديو لأناس يطوفون الشوارع ويحملون مجسماً للكعبة في مدينة الإسكندرية في نيسان/ أبريل، ثم بعدها بعدة أشهر حصل الأمر نفسه، وفقاً لمقاطع فيديو متداولة، في القاهرة. في المغرب عام 2017 شهدت إحدى المدارس بالراشيدية بناء مجسم للكعبة وظهر التلاميذ يطوفون حوله في تقليد لمناسك الحج، وهو أمر متكرر في كثير من المدارس بحسب وسائل إعلام مغربية.