تعزيز التعاون المغربي الفرنسي في التعليم العالي والبحث العلمي شراكة استراتيجية لمستقبل أكاديمي متطور    بريطانيا تؤكد حرية شركاتها في الاستثمار بالصحراء المغربية    حسابات فلكية تتوقع حلول عيد الفطر يوم الإثنين بالمغرب    توقيف أفراد عصابة إجرامية متهمة بالاختطاف والاعتداء بالسلاح الأبيض    نارسا : عطلة العيد تشهدُ حركة مكثفة .. التزموا بالسلامة لتفادي المخاطر    الداخلية ترفع من درجات اليقظة والتعبئة لمواجهة التحديات المتعلقة بانتشار الجراد    دراسة: النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    إيقاف شخص متلبس بمحاولة سرقة وكالة لتحويل الأموال في إمزورن    المغرب يمنع دخول نشطاء إسبان موالين للبوليساريو إلى العيون للمرة الثالثة في شهرين    أماكن وتوقيت صلاة عيد الفطر بالناظور    كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة .. السيد لقجع يحث المنتخب الوطني على "تقديم مستوى يليق بسمعة الكرة الوطنية"    نقاش "النقد والعين" في طريقة إخراج زكاة الفطر يتجدد بالمغرب    "حماس" توافق على مقترح للهدنة    من سيفطر غدا الاحد … بين الأحد والاثنين.. دول إسلامية تعلن موعد عيد الفطر    بمناسبة عيد الفطر.. فعاليات طنجة تتوحد في مسيرات شعبية دعما لغزة والقدس    نقابات تطالب بحماية الموظفين خلال عملية توزيع الأعلاف.. وإشادة بمجهودات المديرة الإقليمية لوزارة الفلاحة بطنجة    باها يتمنى التوفيق في "كان U17"    أسبوع إيجابي في بورصة البيضاء    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    عيد الفطر الاثنين في دول عربية    الإفلات من العقاب: "فلسطين هي المكان الذي تموت فيه القوانين الدولية"    حالة طقس عيد الفطر بالمغرب .. استقرار مع ارتفاع في درجات الحرارة    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال بورما إلى أكثر من 1000 قتيل    المعارضة تحتج بكثافة في إسطنبول    صحة غزة: إسرائيل قتلت 50 ألفا و277 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر 2023    غوارديولا: "لا نستحق الحصول على منح مالية ولا حتى ساعة يدوية"    الرباط .. تنظيم احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للمسرح    إلغاء الرحلات الجوية بمطار تطوان يُخلف حسرة في صفوف المسافرين    في الفرق الدلالي والسياقي بين مشهدية الناس ومنظورية العالم    أنبياء على الورق..    أنشيلوتي: برشلونة لم يحسم الليغا.. ويويفا لن يعاقب رباعي الريال    مجلة ألمانية: طنجة ضمن أفضل 10 وجهات سياحية في 2025    بقاء داري يقسم آراء النادي الأهلي    وجدة .. وكالة الحوض المائي لمولوية تعقد اجتماع مجلس إدارتها لسنة 2024    اتحاد جمعيات حماية المستهلكين يناشد الملك توجيه الحكومة لتسقيف الأسعار ومراجعتها    هيئة السلامة الصحية تدعو إلى الإلتزام بالممارسات الصحية الجيدة عند شراء أو تحضير حلويات العيد    أكاديمية الأوسكار تعتذر لعدم دفاعها وصمتها عن إعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال    على قلق كأن الريح تحتي!    الطالبي العلمي يرد على بركة: "ليس هناك 18 مستوردا وإنما 100 مستثمر في مجال استيراد الأغنام والمبلغ لا يصل إلى مليار و300 وإنما 300 مليون"    رقمنة الإستفادة من تعويضات العلاج ل"CNSS".. هذه هي الخطوات الجديدة التي يجب اتباعها من قبل المؤمن لهم    الصين تعتمد مخططا للتحول الرقمي للصناعة الخفيفة    تحذير طبي.. خطأ شائع في تناول الأدوية قد يزيد خطر الوفاة    معنينو يكشف "وثيقة سرية" عن مخاوف الاستعمار من "وطنيّة محمد الخامس"    ترجمة "نساء الفراولة" إلى العربية    الساسي يُقيم مشروع المسطرة الجنائية    المغرب التطواني يعبر لدور ثمن نهائي كأس العرش    لائحة الشركات التي تقدمت للإستفادة من الدعم المخصص لأضاحي العيد العام الماضي    الرميد يرد على لشكر: مهاجمة حماس وتجاهل إسرائيل سقوط أخلاقي وتصهين مرفوض    أوراق من برلين.. أوقات العزلة المعاصرة: اكتشاف الشعور الكوني    العامل المنصوري يبشر بمشروع "مدينة الترفيه والتنشيط" لتطوير إقليم تطوان وخلق فرص للشغل    عبد الرحيم.. نموذج مشرف للأمانة يعيد عشرة ملايين سنتيم إلى صاحبها في سوق إنزكان .    رحلة رمضانية في أعماق النفس البشرية    عمرو خالد: هذه تفاصيل يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. مشاهد مؤثرة ووصايا خالدة    الديوان الملكي يعلن عن ثلاث تعيينات جديدة    بخصوص ما قاله الكاتب الأول عن فلسطين الآن!    مباريات كرة القدم للتأهل إلى المونديال إصابة أكرد تدمي قلب مشجع ستيني    سكان المغرب وموريتانيا أول من سيشاهد الكسوف الجزئي للشمس السبت    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    









موقع القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة في ورش مراجعة مدونة الأسرة
نشر في العمق المغربي يوم 14 - 10 - 2023

جاء الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية الحادية عشرة، في سياق دولية وإقليمي ووطني تعتبر فيه مرجعية القيم أكثر شيء تحتاج إليه بوصلة صناع الرأي العام وصناع القرار لاستعادة حكمة ورشد القيادة.
والسياق الوطني، موضوع مقالنا، الذي جاء فيه الخطاب الملكي، يتميز بخروج المغرب سالما معافى من فاجعة زلزال الحوز، وإطلاقه ورش إعادة النظر في مدونة الأسرة، في ظل مناخ دولي شديد التوتر يصمه "قانون الغاب" وشريعة "اللا قيم" اللذان تتسلح بهما دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني بمباركة غربية.
وذكر الخطاب الملكي، الذي يخاطب ضمير المشرع المغربي ويحفز فكره ووعيه، بالدور المركزي الذي للقيم في تجاوز المغرب تداعيات فاجعة زلزال الحوز. وقال جلالته (لقد أظهرت الفاجعة انتصار القيم المغربية الأصيلة، التي مكنت بلادنا من تجاوز المحن والأزمات، والتي تجعلنا دائما أكثر قوة وعزما، على مواصلة مسارنا، بكل ثقة وتفاؤل). مضيفا (تلك هي الروح والقيم النبيلة، التي تسري في عروقنا جميعا، والتي نعتبرها الركيزة الأساسية لوحدة وتماسك المجتمع المغربي).
وجاء الخطاب الملكي في سياق تحتاج فيه عملية التشريع في مختلف مراحلها، وهي تفتح ورشا شديد الحساسية في المجتمع المغربي، لبوصلة القيم التي تحفظ وحدة وتماسك المجتمع المغربي. وهذا السياق تميز بظهور خطابات غريبة تتعامل مع ورش إعادة النظر في مدونة الأسرة وكأن المغرب بصدد تجميع أشتات أقوام لا يجمعها تاريخ وليست لها قيم مرجعية جامعة، ولا ثوابت دستورية، لتأسيس دولة!
والقيم التي كانت أحد محاور الخطاب الملكي الأساسية هي ما أسماه " القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة ".
ولبيان الدور المرجعي والتأطيري لتلك القيم لورش "إعادة النظر في مدونة الأسرة" ذكر الخطاب الملكي بأمر منهجي مهم، وقال إنه (في إطار هذه القيم الوطنية، التي تقدس الأسرة والروابط العائلية، تندرج الرسالة التي وجهناها إلى رئيس الحكومة، بخصوص مراجعة مدونة الأسرة)، ما يجعل خطاب 13 أكتوبر 2023 تكملة للرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة.
وقبل استعراض تلك القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة، كما جاءت في الخطاب الملكي، نتوقف عند رؤية الملك للأسرة من منظور تلك القيم في نفس الخطاب، حيث قال:( إن الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، حسب الدستور، لذا نحرص على توفير أسباب تماسكها. فالمجتمع لن يكون صالحا، إلا بصلاحها وتوازنها. وإذا تفككت الأسرة يفقد المجتمع البوصلة. لذا، ما فتئنا نعمل على تحصينها بالمشاريع والإصلاحات الكبرى).
ومن منطلق هذا الموقع الحساس والحيوي للأسرة في المجتمع، كما بين ذلك جلالة الملك، فهي لا يمكن بالمطلق أن تكون مجالا لتجريب النظريات وتجريب الآراء والتصورات المستوردة، والقناعات الشخصية الغريبة. فالمجتمع المغربي الموحد يقاس عمره بالقرون، وليس جماعة في طور التأسيس. لذلك فالأسرة في المجتمع المغربي من ركائز وحدته وتماسكه. والتشريع للأسرة لا يمكن إلا أن يلتزم بالعمق القيمي للمجتمع المغربي، وخاصة ما أسماه جلالة الملك ب"القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة"، وهي تسمية عميقة الدلالة وجامعة المعنى.
وقد صنف الخطاب الملكي تلك القيم، التي تشكل الإطار المرجعي للرسالة الملكية الموجهة لرئيس الحكومة، إلى ثلاثة أصناف كبرى وهي:
الصنف الأول: (القيم الدينية والروحية: وفي مقدمتها قيم الإسلام السني المالكي، القائم على إمارة المؤمنين، الذي يدعو إلى الوسطية والاعتدال، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات...)
وكما هو ملاحظ في هذا الأساس المرجعي، فقد وضع تعريفا دقيقا للقيم الدينية والروحية، فهي أولا، من حيث المرجع، "قيم الإسلام السني المالكي"، فلا مجال للحديث عن القيم الشيعية مثلا فالمغاربة سنيون، وداخل حقل السنة فالمغاربة مالكيو المذهب. وهذا مستوى أساسي في تحديد ماهي القيم المعنية، وهو جواب على الخطابات التي تستهدف المذهب المالكي في مراجعة المدونة بشكل واضح، والإسلام السني بشكل متخفي وملتبس. والقيم الدينية السنية المالكية المعتبرة هي قيم "الوسطية والاعتدال، والانفتاح على الآخر، والتسامح والتعايش مع مختلف الديانات والحضارات...".
ثم إن هذه القيم الدينية والروحية تستند إلى عنصر حيوي هو "إمارة المومنين"، وهي مؤسسة دستورية وتاريخية لها سندها الديني السني المالكي. وهذا العنصر على مستوى منهجية التشريع في قضية يتشابك فيها ما هو ديني وحقوقي وقيمي واجتماعي، مثل مدونة الأسرة، تلعب دورا محوريا في ضمان عدم خروج ذلك التشريع عن مساره الطبيعي وأهدافه السليمة، وهو ما عبرت عنه الرسالة الملكية لرئيس الحكومة لتأطير ورش إعادة النظر في المدونة.
الصنف الثاني: ( القيم الوطنية التي أسست للأمة المغربية، والقائمة على الملكية، التي تحظى بإجماع المغاربة، والتي وحدت بين مكونات الشعب المغربي، وعمادها التلاحم القوي والبيعة المتبادلة، بين العرش والشعب).
وهذا الصنف من القيم يعرف القيم التي تأسست عليها الأمة المغربية على مستوى علاقة الملكية كنظام للحكم والشعب، والمبنية على الإجماع والبيعة. وهما أمران لهما حمولات تاريخية وقيمية دينية وسياسية كبيرة وعميقة. وفي إطار هذا الصنف تندرج قيم أخرى وهي قيم (حب الوطن، والإجماع حول الوحدة الوطنية والترابية، من ثوابت المغرب العريقة، التي توحد المغاربة، والتي تشكل الإطار الذي يجمع كل روافد الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتنوعها)، كما جاء في الخطاب الملكي.
الصنف الثالث: (قيم التضامن والتماسك الاجتماعي، بين الفئات والأجيال والجهات، التي جعلت المجتمع المغربي كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا).
وهذا الصنف من القيم الحيوية، والتي أبانت فاجعة زلزال الحوز، وغيرها كثير، عن وظيفتها الحيوية، تعتبر الأسرة المشتل الذي يحتضنها ويرعاها. لذلك لا يمكن لعملية التشريع للأسرة أن تغفل دورها كمشتل تلك القيم، ولا أن تشرع بما يضرب هذه الوظيفة المقدسة.
وبالنظر إلى الأهمية الحيوية القصوى لهذه "القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة"، دعا جلالة الملك (إلى مواصلة التشبث بهذه القيم، اعتبارا لدورها في ترسيخ الوحدة الوطنية، والتماسك العائلي، وتحصين الكرامة الإنسانية، وتعزيز العدالة الاجتماعية. وخاصة في ظل ما يعرفه اليوم، من تحولات عميقة ومتسارعة، أدت إلى تراجع ملحوظ في منظومة القيم والمرجعيات، والتخلي عنها أحيانا".
إن الخطاب الملكي الذي دعا إلى التمسك ب"القيم المؤسسة للهوية الوطنية الموحدة"، وإن كان يخاطب جميع المغاربة، فهو موجه بالأساس إلى البرلمانيين بصفتهم الحلقة النهائية الأساسية في ورش إعادة النظر في مدونة الأسرة، من موقع التشريع. وبذلك يأتي الخطاب ليكمل المنهجية الملكية في تدبير ورش التشريع للأسرة وضبط بوصلته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.