توجت المعارك العسكرية والديبلوماسية الحاسمة التي كان أبطالها الملك محمد الخامس طيب الله ثراه والشعب المغربي والحركة الوطنية ضد الإحتلال الفرنسي والإسباني بوثيقة الإستقلال التي ألقاها المغفور له محمد الخامس في مدينة طنجة يوم 11يناير 1944 وكانت الضربة القاضية للمحتل الغاشم.. وكانت هذه الوثيقة بمثابة بنوذ المطالبة باستقلال المغرب من الاستعمار الفرنسي معززة بالاتفاقيات الدولية حول تحرير الدول ومنحها استقلالها وحريتها في تسيير شؤون بلادها.. كانت المعارك ومنذ بداية الإستعمار على اوجها وحامية الوطيس في شمال المغرب بجبال الريف بزعامة القائد محمد بن عبد الكريم الخطابي وفي جبال الأطلس المتوسط بزعامة موحا وحمو الزياني وفي الصحراء المغربية بزعامة محمد ماء العينين وذلك على المستوى الحربي والاستراتيجي وبزعامة علال الفاسي وآخرون على المستوى السياسي والديبلوماسي، فكانت لحمة الحركة الوطنية متكاملة ومنسجمة بحيث أظهرت للاحتلال الفرنسي خاصة والإسباني أن الشعب المغربي متمسك تماسكا شرعيا ووطنيا بملكه واستقلال وطنه وأنه قادر على تسيير شؤون بلاده بدون وصاية ولا حماية و لارعاية من أي دولة أخرى. نعم لم يكن سهلا ماقدمه أجدادنا لهذا الوطن العظيم الذي يستحق كل أنواع التضحيات منطلقين من شعار الإيمان والإيمان وحده وحب الأوطان من الإيمان والله والوطن والملك.. ،فلقد ضحوا بالغالي والنفيس من أجل تحرير بلدنا الحبيب من المستعمر الذي احتال على المغرب باسم الحماية حتى أصبح الآمر والناهي في الصغيرة و الكبيرة قس على ذلك استغلاله لثروات البلد و تقتيله وتشريده لكل من سولت له نفسه الدفاع عن وطنه وملكه أو حتى مساعدة الوطنيين الأحرار. خرجت فرنسا وإسبانيا عسكريا مرغومتين وهما يجران ذيول الهزيمة بسبب رجال ونساء لم يخافوا أنذاك في الدفاع عن وطنهم وملكهم لومة لائم. فهؤلاء النساء والرجال الذين كانوا السبب في استقلال المغرب عسكريا! الكثير منهم قضوا نحبهم بعدما أدوا الواجب الوطني بدون أداء قسم أو أخذ جزاء لأنه كان ذلك من تلقاء أنفسهم واستشعارهم بالمسؤولية للدفاع عن حوزة الوطن ومنهم من لايزال ينتظر... فحب الأوطان من الإيمان إلا أنه من الناس من يحب وطنه من قلبه فيجاهد بما له من كفاءات ومهارات من أجل تنميته وتطويره ورفع رايته ومنهم من يجعله ضيعة يستغل خيراته وينهب ثرواته مستغلا منصبه وحصانته!والفرق شاسع بين من دافع ولايزال يدافع عن حوزة الوطن والرفع من شأنه بين الأمم وبين من مات ضميره وساءت أخلاقه واندثرت وطنيته !. في جهاد أجدادنا الذين حاربوا من أجل استقلال وطننا بل ومن أجل استقلال بلدان أخرى كالجزائر التي نكرت المعروف و كفرت العشير و بعض بلدان أوربا التي شارك فيها الأجداد البواسل في الحربين العالميتين الأولى والثانية، لعبر كثيرة يجب أن ندرسها لأبناءنا حتى لا تمسخ هويتهم وتندثر رجولتهم وأنفتهم وغيرتهم على دينهم ووطنهم. وهذا ما تركه الاستعمار وراءه مع الأسف من ثقافة التمييع و مسخ الهوية الإسلامية والثقافة المغربية العريقة إذ أن الاستعمار لم ينجح عسكريا لمسخ الهوية الإسلامية وتشتيت لحمة المغاربة من أمازيغ وعرب عبر الظهير البربري المفضوح فلجأ إلى الاستعمار الثقافي والديبلوماسي للأخذ من هذه الهوية العريقة للمغاربة من طنجة إلى الكويرة.. وأخيرا هل نأخذ العبر والحكم والقدوة من أجدادنا الأمجاد أم نحكيها تاريخا جافا عقيما لأجيالنا في المدارس من أجل التباهي فقط بالانتصارات التي حققوها أم أننا نستغل هذه المناسبات التاريخية المجيدة لنحيي الضمائر الميتة ونوقظ الهمم النائمة ونستمر في بناء مغرب يعيش فيه أبناء وأحفاد المجاهدين في كرامة وعدل وصحة وتمدرس لائقين بما قدمه هؤلاء الأجداد رحمة الله عليهم جميعا. عاش المغرب ولا عاش من خانه وتقاعس في وطنيته.