هنا في المغرب ..دخلت الكرة المغربية في نسختها المونديالية بقطر كل بيت ..فقيرا كان أو غني، وتحدث عنها الجميع في وسائل النقل العمومي وابتهجت القلوب ومن بعد ذلك طويت الصحف ورفعت الأقلام. الكرة المغربية بقطر تألقت .. وسجلت تاريخا غير مسبوق في البطولات المونديالية ..جعلت من المغرب، دولة، ومؤسسات وشعبا إلى جانب دبلوماسيته الرائدة في التعاون الخارجي على مختلف القارات والمستويات، استطاعت أن ترفع العلم الوطني عاليا في قلوب كل محبي وعاشقي كرة القدم، موجها منتخبنا الوطني رسائله القوية حول قيم المجتمع المغربي حضاريا واخلاقيا، وأبلغ للجميع رسائل دافئة لملحمة العلاقات الاجتماعية التي تربط الأبن بكيانه الأسري والعائلي وواجب تقبيل يد الأب والأم وتقبيل الرأس؛ التي هي من الخصال المحمودة لكل إنسان يحمل مثل هذه القيم. ملحمة كروية ..مفعمة بطهارة الروح والبدن ..أصلها " دير النية" والنية المفقودة حديثا تعيد الحياة للروح البشرية وإعادة الثقة في النفس في تعامله مع الآخر من حولنا، " دير النية" ؛ المعنى الإيجابي للمصالحة الروحية والانسجام مع الذات الجماعية، وفيها كل معاني السلام والاستقرار والإحساس الكبير بالاطمئنان بعيون متفائلة وقلوب صادقة خالية من الشك، ذاك الشك الديكارتي الذي تنبعث منه الحقيقة، وكانت النية اصدق من ذلك فلسفة بتعبيرها المعاش والرياضي. تحت شعار وسمفونية تجلت كلمة " سير ..سير ..سير..سير .." بتصفيقات موازية منتظمة أعرب عن سرها المدرب الوطني لفريق أسود الأطلس وليد الرکراكي ، وترجمها الشعب المغربي والعربي والافريقي جماهيريا من داخل كل بيت مغربي وعربي وأمازيغي وافريقي عبر هذا الكون الفسيح ، جمهور في الميدان وخارجه، الذي واكب الحدث الرياضي العالمي عن كثب وصارت تردد في كل مقهى وشارع عام وبيت الغني والفقير، في توجه نحو مرمى الخصم الفريق المضاد، وهي كلمة للتوجه نحو المستقبل ، بثبات وإيمان قويين في تحقيق الأمل المرغوب وتحقيق الأهداف. " سير ..سير ..سير ..سير " تحفيز على عدم الإدبار والعودة للخلف في اتجاه المستقبل الطيب المنتظر، بإرادة وقوة وإصرار وعزيمة بعيون ثاقبة تشبه عيون الأسد حينما يسابق الريح لالتقاط الفريسة أمامه مستغلا بذلك إيمانه بالنفس وعزيمته القوية، دون الشعور بالتقهقر أو الايمان بمقطع القصيدة: مقبل مدبر ....عله السيل ... هذه الصورة الجميلة التي قدمها منتخبنا الوطني في مونديال قطر، ناقلة أعراف وتقاليد وقلوب كل المغاربة بمختلف الأجيال والأعمار والمستويات المدنية والسياسية، كانت ومازالت وستظل راسخة في قلب الإنسانية جمعاء عبر ربوع العالم من خلال هذا المونديال، حيث التضحيات موجودة بروح قتالية رياضية عالية سخية منسجمة على أرض الميدان بين أعضاء الفريق وفريقه التقني، وفي كل الأقطار وعبر كل الأمصار؛ مع كل اختلاف المذاهب والديانات واللغات واللهجات، وستبقى راسخة في الأذهان في قلب كل الحضارات.. حيث المغرب رسم ويرسم التاريخ ..بكل الأبجديات الدبلوماسية والرياضية والأخلاقية التي قل نظيرها في كل الفلسفات الكونية. لقد ظلمنا كثيرا، وحولنا الظلم إلى انتصار لعل التاريخ يسجل وقد سجلته وسائل الإعلام الدولية، ليس ضعفا منا، بل تركنا الحكم للتاريخ الرياضي ولكل محلل رياضي يتمتع بقيم الحقيقة ..تلك الحقيقة المطلقة التي سجدنا لله من أجلها ونحن نرفع راية الوطن فخرا وانتماء على أرض الملعب حاملين شعار الله الوطن الملك.