لا يزال فيروس كورونا ومرضه يفرض غموضه على البحث العلمي والعلماء رغم أن جائحته عمرت لقرابة ثلاث سنوات، وخلفت ملايين المصابين والقتلى. وتفيد المصادر المختصة أن الفيروس مند اكتشاف أول حالاته في الصين في ديسمبر 2019، حصد أرواح ما لا يقل عن 6.45 شخص عبر العالم، وأصاب 617 مليون آخرين. لكن غموض هذا المرض هو في فئة من المصابين يعانون من أعراض المرض لمدة طويلة، وحجمهم يعد بالملايين. فما هو كوفيد طويل الأمد، وما حجم ضحاياه؟ وكيف يفسر العلماء الظاهرة التي باث يمثلها عبر العالم؟ غموض كوفيد طويل الأمد لا يتعلق الأمر بمتحور لكوفيد 19، بل بحالة من المصابين به تستديم أعراض المرض لديهم لمدة طويلة. وحسب قناة الجزيرة مباشر، يَعتقد العلماء أن ملايين الأشخاص حول العالم يعانون من كوفيد طويل الأمد، لكن ما زال الغموض يلف هذه الحالات رغم أن أبحاثا طرحت مؤخرا نظريات عدة عن أسبابها ويقدّر العلماء أن ما بين 10 و20% من الأشخاص الذين يصابون بكوفيد يعانون من أعراض تلازمهم مدة طويلة، أحيانا بعد شهور من التعافي من المرض، أبرزها الإرهاق ومشاكل في التنفس والتشوش الذهني ويُقدّر معهد المقاييس الصحية والتقييم ومقره الولاياتالمتحدة بأن نحو 145 مليون شخص حول العالم عانوا من أحد هذه الأعراض على الأقل عامي 2020 و2021 وفي أوربا وحدها، عانى17 مليون شخص من عارض كوفيد طويل الأمد لمدة 3 شهور على الأقل بعد إصابتهم في تلك الفترة، بحسب نموذج وضعه المعهد لمنظمة الصحة العالمية ونشر في وقت سابق هذا الشهر ويسابق الباحثون الزمن لمواكبة هذه التطورات، لكن المجموعة الكبيرة من الأعراض وعدم اتساقها يعقّدان الأمور وأفادت دراسة لكلية لندن الجامعية بأن أكثر من 200 عارض صحي مختلف مرتبط بكوفيد طويل الأمد حتى الآن الإرهاق في الخلفية وقال المنسق المعني بكوفيد طويل الأمد لدى الوكالة الفرنسية للأمراض المعدية الناشئة أوليفييه روبينو، حسب نفس المصدر، ليس ثمة أعراض تقتصر حقا على كوفيد طويل الأمد، لكن لديه سمات تتباين من شخص لآخر. وأفاد روبينو بأن الإرهاق يبقى في الخلفية، بينما تتفاقم الأعراض الأخرى على ما يبدو بعد أي جهد فكري أو جسدي، وتصبح أقل تكرارا مع مرور الوقت. ويشير معهد المقاييس الصحية والتقييم إلى أمر واحد معروف هو أن الناس الذين كانت إصاباتهم في الأساس أكثر شدة، وبينهم أولئك الذين استدعت حالاتهم نقلهم إلى المستشفيات، هم الأكثر عرضة للإصابة بكوفيد طويل الأمد. وخلصت دراسة نشرتها مجلة الأمراض السريرية المعدية في سبتمبر/أيلول إلى أن بروتين فيروس كورونا الشوكي، وهو المفتاح الذي يُسمح له بالدخول في خلايا الجسم، كان ما زال موجودا لدى بعض المرضى بعد عام كامل من إصابتهم. ويشير ذلك إلى بقاء مخزون فيروسي لدى بعض الأشخاص، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى التهاب يسفر بدوره عن أعراض طويلة الأمد تشبه أعراض كوفيد، بحسب باحثين وتفيد إحدى النظريات الأبرز بأن تلف الأنسجة الناجم عن إصابات كوفيد الشديدة يؤدي إلى اضطرابات في الجهاز المناعي تستمر فترة طويلة. وتشير أخرى إلى أن الإصابة الأولى تتسبب بتجلطات دموية دقيقة للغاية قد تكون مرتبطة بأعراض كوفيد طويلة الأمد. لكن بالنسبة لكل من هذه النظريات، فإن البيانات غير مؤكدة بعد ، بحسب روبينو. وأضاف أنه على الأرجح لم نجد سببا واحدا لتفسير كوفيد طويل الأمد. وتابع الأسباب قد لا تكون حصرية. قد تكون مرتبطة أو متعاقبة في الفرد نفسه، أو مختلفة لدى مختلف الأفراد. اختبار الدم يمكن أن يتنبأ بالإصابة بكوفيد طويلة الأمد حسب سكاي نيوز عربي، توصلت دراسة طبية حديثة إلى أن اختبار الدم الذي يتم إجراؤه أثناء إصابة الأشخاص بكوفيد-19، يمكن أن يتنبأ بما إذا كان من المحتمل أن يصابوا بمشاكل صحية طويلة الأمد لاحقا. وقارن الباحثون في كلية لندن الجامعية مستويات أكثر من 90 بروتين دم في 54 من العاملين في مجال الرعاية الصحية من المصابين بفيروس كورونا، بمجموعة أخرى من الموظفين الأصحاء. ووجد الباحثون في الدراسة التي نشرت نتائجها بمجلة "لانسيت"، أن العديد من البروتينات تعطلت بشكل كبير لمدة تصل إلى 6 أسابيع، حتى عند أولئك الذين يعانون من أعراض خفيفة. وتنبأ الباحثون بمعاناة 20 من المصابين بكوفيد-19 بأعراض مستمرة بعد عام من إصابتهم بالفيروس، وقد ارتبطت الأسباب بعمليات مكافحة التخثر والالتهابات، حسبما نقلت "سكاي نيوز" . واستخدم الباحثون بعد ذلك خوارزمية ذكاء اصطناعي لمسح البروتينات في عينات الدم، ونجحوا في التعرف على 11 من العاملين الصحيين المصابين، الذين طوروا أعراض كوفيد-19 لفترة طويلة. وتعليقا على نتائج الدراسة، حسب نفس المصدر، قالت ويندي هيوود، أحد كبار الباحثين من معهد "غريت أورموند ستريت" لصحة الطفل في جامعة كاليفورنيا: "إذا تمكنا من تحديد الأشخاص الذين من المحتمل أن يصابوا بأعراض كورونا طويلة الأمد، فإن هذا يفتح الباب لتجربة العلاجات مثل الأدوية المضادة للفيروسات في وقت سابق، وتقييم مرحلة العدوى، لمعرفة ما إذا كان يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالفيروس لفترة طويلة لاحقا". من جانبه شدد كيفن ماكونواي، الأستاذ الفخري للإحصاء التطبيقي، على ضرورة توسيع العينة التي خضعت للدراسة من أجل الوصول لنتائج أشمل وأدق، بالإضافة إلى ضرورة شمول المتغيرات الخاصة بالفيروس التاجي في الأبحاث المستقبلية ذات الصلة.