لا زال ملف ما بات يُعرف إعلاميا ب"الشيخ والشيخة" يثير تفاعلات وردود فعل متبانية على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب انتقاد الداعية ياسين العمري، لدور "الشيخة" في مسلسل "المكتوب" الذي يعرض على القناة الثانية. وفي هذا الصدد، اعتبر الباحث في الفكر والفقه الديني، محمد عبد الوهاب رفيقي، أن كل محاولة لتنميط المجتمع وجعله نسخة واحدة تبوء بالفشل، مضيفا: "رأينا ما وقع بالسعودية والسودان وأفغانستان، تجارب فاشلة وقاسية وأدت إلى استفحال كل ما يمنع منه الداعية والواعظ". وقال رفيقي في تدوينة له، إن "هؤلاء الذين يسمون بالدعاة لا يدركون طبيعة المجتمعات، وأنها فطريا تسعى إلى خلق التوازن غير آبهة بفتوى المفتي أو نهي الواعظ، للداعية جمهوره لكن لا يمكن أن يخصع المجتمع كله لأفكاره وتوجهه مهما داعب ذلك أحلامه وطموحاته". وأضاف: "حتى القرون التي يسمونها بالمفضلة ، ويدعوننا إلى العودة إليها، كانت كل الظواهر موجودة ويتعايش معها الناس، انتشرت ظاهرة القيان والجواري المغنيات والراقصات، وتفشت ظاهرة حب الغلمان والتغزل بهم، حتى كان للسلاطين غلمان معروفون بأسمائهم، وعرفت الحانات التي يشرب بها الخمر". وفي هذا السياق، يتساؤل رفيقي بالقول:" أين كان الفقيه وقتها؟ في مسجده يعظ ويصيح والمجتمع في واد آخر غير ملتفت إلى وعظه، لأن دينامية المجتمع أقوى من كل القوانين والتشريعات والأحكام الدينية"، حسب قوله. ويرى المتحدث أن "ما ينبغي أن يدافعوا عنه هو حريتهم في إبداء ارائهم، لأنها ضرورية لخلق التوازن داخل المجتمع، أما أن يسعى لمهاجمة كل مخالفيه، أو أن يكون الجميع نسخة مما يريد، فذلك من أحلامه التي لم تتحقق أبدا ولن تتحقق". وأردف قائلا: "لا يغرنه كثرة المصفقين، لأن غالب هؤلاء المصفقين أنفسهم هم من يحبون سماع أن الفوائد البنكية حرام، وتدبير كل حياته قائم على القروض البنكية، يحب أن يسمع أن التبرج حرام وهو أول المتحرشين، يحب أن يسمع الداعية يتحدث عن الزنا وهو يصيح "أترضاه لأختك"، وهو يتسكع وينام مع أخوات الآخرين، المهم فقط أن تدغدغ عاطفته الدينية، أما سلوكه فله شأن آخر". لذلك، يقول رفيقي، "دعوا المجتمع يعبر عن نفسه بحرية، ويمارس ما يريد بحرية ما دام ذلك في إطار القانون، الحمد لله أن الدولة واعية بهذا المعطى، وإلا لو سلم الأمر لهؤلاء لتوقفت الحياة واختنق المجتمع". جدل "الشيخ والشيخة" وكان جدل "الشيخ والشيخة" قد تفجر عقب تداول فيديو للداعية ياسين العماري وهو ينتقد دور "الشيخة" في مسلسل "لمكتوب"، معتبرا أن "الشيخة" ليست نموذجا للافتخار، وأن معظم الأسر المغربية يعتبرونها "وسمة عار"، وأن هذا الواقع الذي يتحدث عنه المسلسل لا يمثل الواقع المغربي. وسأل العمري الحاضرين في اللقاء، الذي كان يقدمه إن كانت في عائلة أحدهم "شيخة"، معلقا: "ها هما ثلاثة ديال الناس ماكيناش فعائلتهم شيخة، ولكن ضروري تلقا فعائلتهم امرأة كاتقرا القرآن.. علاش مايديروش مسلسل فيه امرأة كاتقرا القرآن؟ ولا هذا ماغيجيبش ليهم المشاهدات". وأضاف العمري أن المسلسل يحاول التكبير بدور "الشيخة" واعتبارها مهنة شريفة ومصدر فخر لممتهنيها، مصرحا "المرأة ملي كتسمع كلمة شيخة لحمها كيشوك، وهما باغين عباد الله أن تطبع مع هذا المنكر"، كما استحضر العماري حديثا لعلي بن أبي طالب "حين سكت أهل الحق عن الباطل، توهم أهل الباطل أنهم على حق". وانتشر الفيديو الذي ينتقد فيه العماري مسلسل "المكتوب" على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، بين من أيد ما صرح به الداعية ومن هاجمه، ومن بين التعليقات التي رافقت الفيديو "الله يعطيك الصحة يا شيخ هذا هو المعقول"، "تماما هادشي لي بغاو يدخلو فالثقافة ديالنا، وماعمر الشيخة ما كانت مهنة شريفة". فيما انتقدت تدوينة كثيرة، كلام الداعية العمري، وعلق ناشط فايسبوكي بالقول: "واش ماشي الحاجة الحمداوية لي غنات: "وخوتنا يا الإسلام، هزو بنا العلام زيدو بنا القدام، الا خيابت دابا تزيان، الشيخات فئة -مهمشة- من المجتمع وكباقي الفئات فيهم وفيهم، الدور لي قدمات "دونيا بوطازوت" في مسلسل "المكتوب" هو دور شيخة ضربت واحد براسها حيث تجرأ وتحرش بيها، وتحرص على تربية ابنتها". وجاء في التدوينة ذاته، أنه "كاين بعض المذاهب الفقهية تعتبر الغناء مجون وفسق وبالتالي فكل من يمتهنه أو يسمعه فهو كذلك! لكن لا أظن أن المغاربة مع هذا الرأي وإلا فكلنا أو أغلبنا ماجن وفاسق، حتى البلبل نفسه وهو يغرد فوق الشجرة". وعلق آخر بالقول: "الشيخة هي مهنة في أدنى سلم المهن، فضلا على أنها ممجوجة اجتماعيا، لذلك يسهل التهجم عليها، جرب أن تهاجم مهنا أعلى رتبة، جرب مثلا أن تهاجم الأطباء وما يقومون به من استغلال لمآسي الناس، جرب مهاجمة المحامين أو القضاة". فيما قال ناشط، بقوله: "ياسين العمري شيخ من خارج الزمن المغربي ممكن أن تكون إحدى جدانه أو قريباته شيخة تغني وتطرب الناس .. وممكن أن تكون مناضلة بفنها ضد قياد وباشوات جبابرة كما فعلت خربوشة". وزاد، "ياليته كان مثل جداته يوظف لسانه المغوار ضد الزيادات وضد الفساد المنفجر هنا وهناك وضد تجار الدين والدنيا الذين ربحوا الدنيا وخسرو الآخرة وهو منهم،لأنه يوظف خرجاته من أجل متابعات أكثر ومبالغ أكبر من اليوتوب وغيرها". وتجدر الإشارة إلى أن مسلسل "المكتوب" عالج واقع "الشيخة" وما تعيشه هي وابنتها وسط المجتمع بسبب مهنتها، وكيف استطاعت أن تثبت وجودها وسط انتقادات الناس والأحكام المسبقة التي تطالها. ومسلسل "المكتوب" هو من إخراج علاء أكعبون وسيناريو فاتن اليوسفي، صورت أحداثه بمدينة الرباط، ومن بطولة دنيا بوطازوت، مريم الزعيمي، أمين الناجي، هند بنجبارة، أيوب ابو النصر، سلوان زرهان، رفيق بوبكر، سكينة درابيل وآخرون، وقد حقق نجاحا كبيرا ونسب مشاهدة عالية منذ بدايته.