طلبت السلطات العمومية تأجيل الزيادة في أسعار المائدة خلال فترة ارتفاع أسعار المواد الأولية والخلل الواقع في سلسلة التوريد والنقل الدولي جراء تداعيات أزمة كورونا. واستنادا إلى ما جاء في رأي مجلس المنافسة حول الزيادات الأخيرة التي عرفتها أسعار زيوت المائدة بالسوق الوطنية، فإن أحد الفاعلين في قطاع إنتاج وصناعة زيت المائدة، صرح خلال مرحلة تحقيق المجلس، أنه بطلب من السلطات العمومية، تم تأجيل الزيادات في أسعار بيع الزيوت. من جهة أخرى، صرح الفاعلون في سوق إنتاج زيوت المائدة خلال مرحلة التحقيق، أنه بفضل احتياطاتهم الإستراتيجية من المواد الأولية، تمكنوا من تأمين تموين السوق الوطنية من هذه المادة الحيوية ومن تأجيل تطبيق الزيادات الأخيرة التي عرفتها تكاليف اقتناء المواد الأولية على أسعار البيع المطبقة على المستهلك النهائي. وقدمت شركات إنتاج الزيوت توضيحاتها بشأن الزيادات المسجلة في أسعار زيوت المائدة خلال مرحلة تحقيق مجلس المنافسة في هذا الموضوع، حيث أوضح الفاعلون في السوق أن المغرب يستورد تقريبا كل احتياجاته من المواد الأولية الزيتية من الخارج في شكل زيوت نباتية خام مما يجعل السوق الوطنية عرضة لتقلبات أسعار هذه المواد على مستوى السوق الدولية. وارتفعت أسعار المواد الأولية الزيتية خلال الأسدس الثاني من سنة 2020 وتزايدت حدة هذه الزيادات خلال شهري شتنبر وأكتوبر من نفس السنة. وعلى سبيل المثال، يورد المجلس في رأيه بناء على التوضيحات التي قدمتها الشركات الفاعلة في القطاع، ارتفعت أسعار الزيوت النباتية الخام لحبوب الصوجا وهي الزيوت الأكثر استهلاكا بالمغرب، بنسبة 80 في المائة حيث انتقلت من 600 دولار أمريكي خلال شهر يونيو 2020 إلى أكثر من 1100 دولار أمريكي للطن في شهر فبراير 2021. كما تضاعفت أسعار الزيوت الخام المستخرجة من حبوب نوار الشمس مرتين خلال نفس الفترة. وبحسب الفاعلين في سوق زيوت المائدة ترجع هذه الارتفاعات لأسباب عديدة حيث عرفت أسعار الزيوت الخام المستخرجة من حبوب الصوجا في بداية أزمة كورونا تراجعا كبيرا بسبب غياب الرؤية لوضعية السوق من حيث العرض والطلب. غير أنه ومع بداية النصف الثاني من سنة 2020 ، قفزت أسعار المركب الزيتي (الحبوب والفيتور والزيوت الخام) نظرا للانتعاش الاقتصادي العالمي ولتزايد الطلب على الزيوت الخام خاصة من قبل الصين التي تعد أكبر سوق مستوردة لزيوت الصوجا في العالم لتلبية حاجياتها المحلية وكذا لتكوين مخزونها الاستراتيجي، إثر تعافي اقتصادها نتيجة تحسن مؤشراتها الصحية المتعلقة بوباء كوفيد-19. من جهة أخرى، يعزى ارتفاع أسعار الزيوت الخام بالسوق الدولية للعوامل المناخية غير الملائمة التي أثرت على حجم المحصول العالمي لدى الدول الأكثر إنتاجا لهذه المواد، حبوب نوار الشمس بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي والدول المطلة على البحر الأسود (مثل أوكرانيا وروسيا)، وحبوب الصوجا بالنسبة لدول أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى إنتاج زيوت النخيل لدول جنوب شرق آسيا (أندونيسيا وماليزيا) بسبب الأمطار الغزيرة. وانخفض محصول أكبر الفاعلين في إنتاج نوار الشمس بسبب التقلبات المناخية بما قدره 5 مليون طن. وأدى تراجع المحصول العالمي من النخيل إلى ارتفاع الطلب على زيوت حبوب نوار الشمس و الكولزا. وإلى جانب ذلك وفق توضيحات الشركات الفاعلة في القطاع، أدى عامل أخر، وهو كثرة المضاربات من طرف الصناديق الإستثمارية والتي همت السلع الغذائية بشكل عام والزيوت النباتية الخام المستخرجة من حبوب الصوجا بشكل خاص، إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية الزيتية في السوق الدولية خلال النصف الثاني من سنة 2020 .