في يوم الخميس 16 دجنبر ، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي عن الإرهاب في دول العالم لعام 2020، الذي يلقي نظرة مفصلة على حول القضايا المهمة في مكافحة الإرهاب. و يتضمن هذا التقرير إشادة قوية بالمغرب كقوة إقليمية في جنوب البحر الأبيض المتوسط، تتوفر على استراتيجية متكاملة وفعالة في مجال مكافحة الإرهاب. ووفقا للتقرير ، فقد ساهمت جهود المغرب في محاربة الإرهاب سنة 2020 في الحد بشكل كبير من مخاطر الأعمال الإرهابية ، بفضل استراتيجيته الوطنية الشاملة في هذا المجال والتي ترتكز على التنمية الاقتصادية والبشرية، علاوة على محاربة التطرف وتأطير المجال الديني وفق مقاربة نشر القيم والمبادئ الإسلامية المعروفة بالتسامح والاعتدال والوسطية، نظرا للمكانة الدستورية والروحية لجلالة الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين و ضامنا للأمن الروحي لجميع المغاربة . كما أضاف التقرير أن أفراد قوات الأمن المغربية شاركت في سلسلة من البرامج لتحسين القدرات التقنية والتحريات، خاصة التحقيقات المالية وتحليل المعلومات الاستخباراتية والأمن السيبراني، وأمن الحدود الذي ظل أولوية مطلقة للسلطات المغربية ، فضلا عن اعتراف تقرير الخارجية الأمريكية في كون المغرب هو "حليف رئيسي خارج الناتو" ، وعضو في شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء، وشريك أساسي في بلورة السياسة الدولية لمكافحة الإرهاب، حيث يترأس بشكل مشترك مع كندا المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ويستضيف سنويا مناورات الأسد الإفريقي، ويحتضن إجتماع فريق العمل الدولي المعني بمكافحة الإرهاب ، و منخرط في دينامية التعاون الأمني الدولي والإقليمي لمكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات الاستخباراتية التي مكنت الدول الأوروبية مثل إسبانيا وفرنسا وبلجيكا من الوقاية وتفادي وقوع عمليات إرهابية تستهدف أمنها واستقرارها. فلما كان الإرهاب ظاهرة عالمية ذات تداعيات إقليمية ومحلية ، صار المغرب هو أيضا معرضا للمخاطر والتهديدات عبر الوطنية التي يمثلها تزايد الإرهاب والجريمة المنظمة وانتشار الفكر المتطرف و العنيف ، الأمر الذي جعل الأجهزة الأمنية ببلادنا تنهج سياسة يقظة واستباقية في محاصرة الظاهرة ، عبر خطة استراتيجية ترتكز على عدة آليات وعناصر، لاسيما التنسيق الدائم والمستمر بين مختلف الأجهزة الأمنية ومختلف المتدخلين وجمع المعلومات والعمل الاستباقي في مجال التعرف على الحيثيات والبيئة الحاضنة وكذلك المؤهلة للاستقطاب والتجنيد ، حققت نجاحات متتالية ، جعلها نموذجا يحتذى به في دول منطقة الساحل بأفريقيا، ولقيت إشادة واسعة من عدة دول على غرار الولاياتالمتحدة وفرنسا وإسبانيا مرورا بمنظمة الأممالمتحدة . وإذا كنا نتفهم حجم وخطورة التهديدات الارهابية وأهمية المقاربة الأمنية، والتي تستدعي اتخاذ تدابير استباقية وآنية لمكافحة الإرهاب والتصدي للتنظيمات المتطرفة، الداعية إلى العنف وإلى الكراهية و الحاضنة للفكر الارهابي ، فإن ذلك ينبغي يكون مقرونا بالمقاربات الأخرى ، والتي لم تغفلها الاستراتيجية المغربية في هذا المجال ، حيث تأخذ بعين الاعتبار البعد التنموي الاقتصادي والاجتماعي ، والبشري، والديني وفق قيم المبادئ الإسلامية المعروفة بالتسامح والاعتدال والوسطية ، حيث تظل هذه الأبعاد ضرورية و أساسية لنجاح السياسة الأمنية في مجال مكافحة التطرف و الارهاب، مع مواصلة الإصلاحات التي شرع فيها المغرب منذ سنوات لتعزيز الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والتنمية في شمولها ، و التي تكرست من خلال مضامين التقرير المتعلق بالنموذج التنموي الجديد . فالاستراتيجية الأمنية متعددة الأبعاد التي ينهجها المغرب في مجال مكافحة التطرف العنيف و الجريمة الإرهابية يجب الاستمرار في تنفيذها، كما ينبغي تطويرها نظرا لما يشهده العالم من تقدم في مجال التكنولوجيا الحديثة والإعلام الرقمي ، وأيضا من مخاطر و تهديدات الجريمة الالكترونية أو السيبرانية ، التي قد توفر البيئة الملائمة لانتشار الفكر المتطرف المؤدي إلى ارتكاب الفعل الإرهابي ، وتساعد على استقطاب الشباب خاصة من قبل تنظيمات إرهابية . وكما لاحظنا أن الخارجية الأمريكية ، وقبلها عدد من الدول الغربية والإفريقية و المنظمات الدولية وعلى رأسها الأممالمتحدة ، نوهت بجهود الأجهزة الأمنية المغربية في مجال مكافحة التطرف العنيف و الإرهاب ، وتفكيك عدد مهم من الخلايا الإرهابية التي كانت تنوي ترويع المجتمع وزعزعة أمنه واستقراره . فظاهرة الإرهاب تشكل خطرا وتهديدا حقيقيين على المجتمع والدولة ، وعلى حق الأفراد في العيش في أمن وطمأنينة . وبالإضافة إلى عمل الأجهزة الأمنية ، ينبغي على المجتمع ، أفرادا وجماعات ، أن يظل يقظا و معبأ لمناهضة الأفكار الضالة المؤسسة والمنتجة للفعل الإرهابي ، لأن المسألة متعلقة من الناحية الجوهرية بحريات المواطنين وحقهم في الحياة ، فضلا عن أمن واستقرار البلاد.