وكأني أعيش اللحظة بكل هولها وصدمتها، حينما اعتقل الفرنسيون جلالة الملك وعائلته، وتمّ نفيهم إلى كورسيكا عام 1953م، وفي عام 1954م نُقلوا إلى مدغشقر… أي إهانة لحقت بنا، ونحن ذلك الشعب العريق الذي امتدت أمجاده التاريخية في أعماق قارتين؟ أعذر رؤيا فئات عريضة من المغاربة، ومنهم خالتي الباتول رحمها الله كما سمعتها منها شخصيا، ظل صورة الملك على صهوة جواده على القمر! فالواقعة لم تدخل في نطاق التهيئات الجماعية فقط، ولكنها كانت تعبيرا لا شعوريا بضرورة تخطي كل ذلك القهر والمرارة التي أحس بها عموم المغاربة حينما تم انتزاع رمز وحدتهم عن عرشه، بما يمثله ذلك من تجليات دينية بصفته أميرا للمؤمنين… أصبحت المطالبة بالاستقلال، تتعدى القيم الوطنية فقط، لتصبح مسألة وجودية للشعب المغربي بكل تجذراتها الدينية والتاريخية والثقافية والفكرية… لم يملك المستعمر، بعد ثورة امتدت نيرانها جميع أرجاء الوطن دون توقف، إلا الرضوخ لتقليل خسائره… وعاد ملكنا المحبوب وعائلته الشريفه إلى أحضان وطن متيم بحبه… عاد في 18 نونبر وهو يحمل بشرى الاستقلال والحرية واستعادة الكرامة المغربية. ومنذ ذلك التاريخ ونحن نحتفل بذلك اليوم التاريخي الذي ترسخ في الوعي الجماعي كذكرى مجيدة، تذكرنا بتضحيات ملك إلتحم ببطولات شعبه… عاش الملك، وعيد استقلال مجيد لكل الأحرار المغاربة.