جلالة الملك يهنئ إمبراطور اليابان بمناسبة عيد ميلاده    هل الحداثة ملك لأحد؟    دراسة: الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يجعل الإنسان كسولا وغبيا    هذه توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    بعد منعهم من حضور مؤتمر الاتحاد المغربي للشغل.. نقابيون يعلنون تضامنهم مع عبد الحميد أمين ورفاقه    لولاية رابعة.. موخاريق على رأس الاتحاد المغربي للشغل    عشرات الآلاف يشيّعون الأمين العام ل "حزب الله" ونائبه في بيروت بعد 5 أشهر على استشهادهما (فيديو)    الانتخابات الألمانية.. فتح مراكز الاقتراع وتوقعات بفوز المعارضة المحافظة    أبرزها مواجهة "الكلاسيكو" بين الرجاء والجيش الملكي.. الجولة 22 من البطولة تختتم مساء اليوم بإجراء ثلاث مباريات    أنشيلوتي: "مواجهة أتلتيكو في دوري الأبطال ستكون صعبة"    رونالدو: تشرفت بلقاء محمد بن سلمان    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    توقيف ثلاثة أشخاص بشبهة نشر محتويات عنيفة    "غضب" نقابي بسبب "انفراد" رئيس جماعة الفقيه بن صالح بإجراء تنقيلات واسعة في صفوف الموظفين    لقاء تواصلي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية ووفد صحفي مصري    مؤتمر دولي مغربي لنموذج محاكاة الأمم المتحدة    متهم بالتهريب وغسيل الأموال.. توقيف فرنسي من أصول جزائرية بالدار البيضاء    منفذ هجوم الطعن في فرنسا: مهاجر جزائري رفضت الجزائر استقباله    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    إسرائيل تهاجم موقعًا عسكريًا بلبنان    الميلودي موخاريق يقود الاتحاد المغربي للشغل لولاية رابعة    بعد سنتين من الغياب.. جمال بن صديق يعود ويفوز بالضربة القاضية    القاهرة... المغرب يؤكد على ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية    خبراء وباحثون يؤكدون على أهمية قانون المالية لسنة 2025 في النهوض بالاستثمارات العمومية وتمويل المشاريع المهيكلة    حماس تستنكر تأجيل الإفراج عن أسرى    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    أخنوش يدشن الجناح المغربي بالمعرض الدولي للفلاحة بباريس    رضا بلحيان يظهر لأول مرة مع لاتسيو في الدوري الإيطالي    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    عرض 117 شخصاً "للنصب" و"الاحتيال".. توقيف شخص اوهم ضحاياه بتسجيلهم في لائحة للحصول على للعمل في الفلاحة بأوروبا    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    حادثة سير مروعة بطنجة تودي بحياة فتاتين وإصابة شابين    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    إصابة عنصر من القوات المساعدة بحروق خطيرة في حريق سوق بني مكادة بطنجة    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التعادل يحسم مباراة آسفي والفتح    اختتام رالي "باندا تروفي الصحراء" بعد مغامرة استثنائية في المغرب    انطلاق مبادرة "الحوت بثمن معقول" لتخفيض أسعار السمك في رمضان    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    أخنوش يتباحث بباريس مع الوزير الأول الفرنسي    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    عجز الميزانية قارب 7 ملايير درهم خلال يناير 2025    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحم الله الأستاذ أحمد أفزاز.. المسؤول الحي
نشر في العمق المغربي يوم 09 - 10 - 2021

رحل عنا مؤخرا إلى دار البقاء (فجر الأربعاء 21 صفر 1443 // 29 شتنبر 2021) الأستاذ أحمد أفزاز رئيس المجلس العلمي الأسبق (أول رئيس مجلس علمي إقليمي) بوجدة، ولأنه كان من طينة خاصة، ولأنه كان رجلا مميزا في عمله وفي أدائه عموما، ومميزا في تعامله ومعاملاته مع الآخر، ومميزا في أخلاقه العالية الراقية، ولأني تشرفت بالعمل قريبا منه لمدة من سنين غير يسيرة، رأيت من الواجب أن أذكره هاهنا بما هو أهل له حقا وصدقا رحمه الله وأحسن إليه، وأنعم عليه جل وعلا بالرضا والرضوان.
في سياق حياة المرء، خصوصا ما يدرج في البدايات يبقى في الغالب راسخا متجذرا يصعب نسيانه أو تناسيه لما يترك من أثر بالغ إيجابا أو سلبا، وفي هذا الجانب أستحضر معلمي المرحلة الابتدائية خلال سبعينيات القرن الماضي، كان المعلمون وقتها أناسا ملتزمون بأداء الواجب إلى أبعد الحدود، وكانوا يتنافسون جبليا أي والله في ممارسة عملهم (تربية وتعليما) بأداء واع وقلب صاف، كان الواحد منهم مثلا يشرع في درسه حتى قبل أن تلج قدماه القسم حيث يكون التلاميذ قد انضموا إلى مقاعدهم قبلا، لينادي وهو في الممر المؤدي إلى القسم.."افتحوا الكتاب، الصفحة كذا !"، أو "Prenez vos ardoises !"، وكان المعلم معلما وموجها ومربيا وقدوة، وكلامه "دستورا مقدسا" بالنسبة للتلميذ..
كذلك كان الأستاذ أحمد أفزاز رئيسا للمجلس العلمي بلا أدنى مبالغة أو إطناب وقد كانت "طفولتي" الإدارية إلى جانبه ، كان رحمه الله يلج مكتبه قبل جميع الموظفين ويغادره بعدهم جميعا إلا في حال الالتزامات الخارجية، كان لا يبخل بالمعلومة أو بالتوجيه على الموظف ولا يرى فيما يعرفه امتيازا شخصيا "لا يجوز للآخر التطاول عليه"، وكان لا يرى في الموظف قصورا في إبداء الرأي، كما أنه لم يكن يرى أي حرج في تبني فكرة أو رأي يراه وجيها من موظف قد يكون مبتدئا أو ذا مستوى ليس بالضرورة "عاليا"، كان مربيا إداريا بالقدوة لا بالكلام، وكان بالمناسبة قليل الكلام/ كثير الحركة والعمل. وكان رحمه الله ينصت باهتمام، ويتجاوب بتواضع، كان يجمع في امتزاج عجيب غريب بين الحزم الشديد والتواضع البالغ، ولم يكن قط مسرفا ولا مبذرا ولا متهاونا حتى مع "أتفه" الملفات، كان يحرص على الدقة في الأداء والجدية في العطاء.
كان رحمه الله يوقر العلماء وأئمة المساجد وحملة كتاب الله دون تمييز، يخفظ الجناح لهم ويحسن الإنصات إليهم، ولم أشهد يوما أنه أهان أحدا منهم أو سمح بذلك.
كان يحترم من يتقن عمله، ويطلع على ذلك باهتمام، ولم يكن ليصنف عملا ما في خانة الشيء التافه، أو حتى الدرجة الثانية.
كان رحمه الله يطلع شخصيا بكل الاهتمام وبمنتهى الجدية على جميع الوثائق، الصادر منها والوارد، ويبدي ملاحظاته، وأحيانا غضبه من الأخطاء التي لا ينبغي أن تكون، فلقد كان في العمل الإداري كالملح الذي يقي اللحم من الفساد..
هذا، ولم أشأ الحديث عن جانب اضطلاعه بمهام إدارية أخرى في مساره المهني، فذاك شأن لم يكن يعنيني على الأقل بشكل مباشر، غير أنه لابد من الإشارة إلى أنه خلال فترة ما، حين كان مفتشا عاما بوزارة العدل، كان ملتزما بالحضور بمقر المجلس العلمي الاقليمي بوجدة حيث كان رئيسا كل نصف شهر (وجوبا)، فكان يهتم بشؤون المجلس العلمي بشكل عملي ومباشر حين يحضر أيام الخميس والجمعة والسبت ليغادر مجددا إلى الرباط، فكانت الأيام الثلاثة التي يقضيها بوجدة كل خمسة عشرة يوما غنية حافلة بالعمل الجاد والعطاء والتجاوب مع كل صغيرة وكبيرة، وكان مكتبه لا يعرف السكون، لكن "غيابه" إلى الرباط لم يكن غيابا حقيقيا (ظاهرا)، كان على اتصال دائم ومستمر، حتى أنه لم يكن يتأخر في التجاوب أو البت أو التوقيع على الوثائق المختلفة التي توجه إليه، بل إن التعامل الإداري كان ذكيا للغاية بحيث إن خلاصات العمل المتصل باختصاصات المجلس العلمي كانت تصل الإدارة المركزية مفصلة مختومة وموقعة من قبله قبل جميع المجالس العلمية الإقليمية وقتئذ بالمملكة.. !
لقد كانت مجمل أنشطة المجلس العلمي خلال شهر رمضان على سبيل المثال ترسل موثقة بتفاصيلها وجزئياتها/ مؤرخة/ في فاتح شوال (أي يوم عيد الفطر) !
هذا قليل جدا من كثير جدا مما يمكن البوح به في جانب يسير من مسار الأستاذ أحمد أفزاز انسجاما مع فلسفته وأسلوبه الذي لم يكن يميل لحب الحديث عن الذات، فمما تميز به ويعرفه كثير ممن عاشروه أنه لم يقل قط "أنا"، ولم يرغب قط في أن ينسب عملا قام به أو أنجزه لشخصه، كان يقول إذا سئل، وهو رئيس للمجلس العلمي، عن عمل معين، "قام به المجلس العلمي"، وحتى حين كان بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية كاتبا عاما، كان دائما وفي جميع الحالات، يقول "الوزارة عملت كذا" أو "أنجزت كذا"، ولم يربط أبدا عملا ما بشخصه.
رحم الله أستاذنا وفقيدنا، وأكرم مثواه، وأسعده بلقاء ربه مغفورا له، منعما عليه مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولائك رفيقا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.