ودَّعت مدينة الفنيدق، اليوم الإثنين، ضحية عملية الهجرة السرية الجماعية سباحةً نحو مدينة سبتة، العربي كريكش، الذي قضى غرقا أثناء محاولته الوصول إلى المدينةالمحتلة، وذلك بمشاركة العشرات من شباب الفنيدق الذين رفعوا شعارات غاضبة حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة. يأتي ذلك بعد يوم واحد من تشييع جثمان الشاب سليمان الحليمي بمدينة طنجة، والذي قضى بدوره غرقا أثناء محاولته الوصول إلى سبتة على متن قارب مطاطي رفقة اثنين من أصدقائه، لا يزال أحدهما في عداد المفقودين. وأثارت وفاة كريكش والحليمي حالة حزن وغضب عارمين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر معلقون أن استمرار فقدان أرواح المغاربة في الهجرة السرية دليل على "زيف شعارات التنمية" بالمنطقة. والعربي كريكش متزوج وأب لطفلة صغيرة، يبلغ من العمر 38 عاما، كان من ممتهني التهريب المعيشي، قبل أن يعمل في مطعم بالمدينة بعد إغلاق معبر باب سبتة، إلا أن الإجراءات الحكومية لمواجهة كورونا خلال رمضان جعلته عاطلا عن العمل. وخلفت صورة جثة الشاب سليمان الحليمي ابن مدينة طنجة، بعدما لفظته أمواج البحر بشاطئ الفنيدق وهو يرتدي سترة نجاة برتقالية، حالة من الحزن والآلم على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعدما اختفى الراحل رفقة صديقين له على متن "قارب للموت" قبل أيام. وتداول نشطاء تدوينة مؤثرة للراحل نشرها على حسابه بموقع فيسبوك، وضع فيها صورة له داخل قارب مطاطي داخل محل للحلاقة، وأرفقها بتعليق جاء فيه: "أنا خائف يا أمي بأني لن أراك مجددا، فأنا لم أضمن حتى الوصول، فكيف سأضمن لك الرجوع". ونفذ العشرات من الشباب والقاصرين، هروبا جماعيا من سواحل الفنيدق، أمس الأحد وأول أمس السبت، نحو سبتةالمحتلة، متحدين سوء الأحوال الجوية، ما أدى إلى غرق اثنين، وإنقاذ آخرين. وكشفت وسائل إعلام محلية بمدينة سبتة، أن حوالي 70 مهاجرا مغربيا، تمكنوا من من الوصول سباحة إلى المدينةالمحتلة بعد أزيد من ساعتين من السباحة، حيث تدخل عناصر الحرس المدني الإسباني لانتشالهم من أمواج البحر العاتية، فيما لا يُعرف مصير آخرين ممن انقطعت أخبارهم. وفي نفس السياق، أفادت وسائل إعلام إسبانية، أن شبان آخرين أقدموا اليوم الإثنين على محاولتين للهجرة السرية سباحةً نحو سبتةالمحتلة، غير أن السلطات المغربية أحبطت العمليتين، فيما تمكن بضعة أشخاص من الفرار والوصول إلى المدينةالمحتلة. ووفق المصادر ذاتها، فإن المغرب أحبط محاولة هجرة حوالي 40 شابا من الفنيدق، اليوم الإثنين، وسط حراسة أمنية مشددة بشواطئ المدينة ودوريات للبحرية الملكية والدرك الملكي البحري التي مكنت من إنقاذ خمسة شباب كانوا يواجهون خطر الغرق. إلى ذلك، فتحت الفرقة المحلية للشرطة القضائية بمفوضية الأمن بمدينة الفنيدق، بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، مساء أمس الأحد، وذلك لتحديد ظروف وملابسات وخلفيات تنظيم محاولة جماعية للهجرة غير المشروعة عبر المسالك البحرية انطلاقا من أحد شواطئ المدينة. ووفق مصدر أمني، فقد مكنت التدخلات الميدانية التي باشرتها عناصر القوة العمومية المكلفة بحراسة الشواطىء، وكذا عمليات التمشيط بالغابات المجاورة، من توقيف 14 مرشحا للهجرة غير المشروعة، من بينهم 5 قاصرين، وذلك عندما كانوا يحاولون مغادرة سواحل الفنيدق سباحة في اتجاه مدينة سبتة. وأفاد المصدر بأنه تم ضبط عدد من المرشحين يرتدون أو يحملون معهم معدات وبذلات خاصة بالسباحة، وذلك لتسهيل عملية الهجرة غير المشروعة. وتم إخضاع المشتبه فيهم لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، فيما تتواصل الأبحاث الميدانية المكثفة من أجل تحديد باقي المتورطين المفترضين في تنظيم هذه العملية وتوقيفهم. وعملت جريدة "العمق"، أنه جرى فتح تحقيق من طرف السلطات المختصة بمدينة الفنيدق بتنسيق مع النيابة العامة بتطوان، بشأن تحريض جهات على الهجرة السرية بشواطىء الفنيدق، عبر منشورات في وسائل التواصل الاجتماعي. وأوضح مصدر للجريدة، أن هذا التحقيق جاء عقب انتشار دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي "تحرض شباب الفنيدق على المغامرة بأرواحهم عبر الدخول إلى مدينة سبتةالمحتلة بحرا".