قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس الجمعة، المصلين داخل المسجد الأقصى بمدينة القدسالمحتلة لليلة الحادية عشر على التوالي، ومن جانبها أطلقت المقاومة الفلسطينية في غزة رشقة صاروخية ردا على اعتداءات الاحتلال على المسجد المبارك، وقد ردت تل أبيب على صواريخ المقاومة في غزة بغارات جوية استهدفت مواقع عسكرية داخل القطاع. واستخدمت قوات الاحتلال قنابل الصوت والخيالة والضرب لقمع المتظاهرين المقدسيين، والذين أصروا على البقاء في ساحات باب العامود، والمصرارة وباب الساهرة، وقد أصيب عشرات الشبان، واعتَقل جنودُ الاحتلال عشراتٍ آخرين. وحسب الهلال الأحمر الفلسطيني فإن العشرات أصيبوا خلال قمع قوات الاحتلال مسيرات فلسطينية في منطقة باب العامود. وذكرت مراسلة الجزيرة في القدسالمحتلة جيفارا البديري أن قوات الاحتلال قمعت لليلة الحادية عشرة على التوالي المصلين الخارجين من داخل المسجد الأقصى، ومنعتهم من البقاء في الساحات والتجول في الأزقة المجاورة. وذكرت وكالة رويترز أن الاشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال -وهي الأشد منذ سنوات في المدينة المقدسة المحتلة- امتدت من الجمعة ليلا إلى الساعات الأولى من صباح السبت، عندما تجمع شبان فلسطينيون مجددا خارج المدينة القديمة واشتبكوا مع المئات من أفراد شرطة الإسرائيلية. وزاد التوتر في المدينة المقدسة بعد احتجاجات الخميس من جانب شبان فلسطينيين غضبا من القيود الإسرائيلية المفروضة على التجمع في شهر رمضان، وكانت الصدامات بدأت بعد مظاهرة ليهود متشددين هتفوا خلالها "الموت للعرب" أمام باب العمود، أحد مداخل القدس الشرقية، ليرد الفلسطينيون على ذلك بمظاهرة احتجاجية في القدس الشرقية خلالها المواجهات مع الشرطة. أزيد من مائة مصاب أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بأن أكثر من 100 فلسطيني أصيبوا خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنين متطرفين في محيط البلدة القديمة بالقدسالمحتلة، فيما دعت الرئاسة الفلسطينية المجتمع الدولي لحماية الفلسطينيين في المدينة. وأكد الهلال الأحمر أن الشرطة أطلقت الغاز المدمع والرصاص المطاطي على الفلسطينيين، مما أدى لإصابة 105، نقل 30 منهم إلى مستشفيات القدس لتلقي العلاج. ورصدت كاميرا الجزيرة لحظة اعتداء جنود الاحتلال الإسرائيلي بقنابل الصوت والعصي على عشرات الفلسطينيين في مناطق باب العامود والمصرارة وباب الساهرة في القدسالمحتلة. وقالت مراسلة الجزيرة جيفارا البديري إن "جنود الاحتلال الإسرائيلي اعتدوا على عشرات الفلسطينيين في مناطق باب العامود والمصرارة وباب الساهرة في القدسالمحتلة". وكانت قوات الاحتلال عززت وجودها في البلدة القديمة لإجبار الفلسطينيين على المغادرة عقب أداء صلاة التراويح في المسجد الأقصى بدعوى منع الاحتكاك بين المصلين ومستوطنين كانوا قد حشدوا للاعتداء على الفلسطينيين، بزعم الرد على اعتداء فلسطيني حدث قبل أيام. وفي حي الشيخ جراح وسط مدينة القدس حاول عشرات المستوطنين الإسرائيليين، فجر أمس الجمعة، الاعتداء على منازل الفلسطينيين برمي الحجارة عليها، لكن السكان الموجودين تصدوا لهم، بحسب شهود عيان. وأفاد الشهود بأن مستوطنين حطموا زجاج عشرات السيارات في شارع المطران بالحي، وأعطبوا إطارات أخرى. كما اعتدى مستوطنون إسرائيليون على مقدسيين في حي التلة الفرنسية بالقدسالمحتلة دون وقوع إصابات، بحسب شهود عيان. مظاهرة المصلين وقبل حملة القمع من جانب الاحتلال، نظم المصلون مظاهرة داخل ساحات الحرم، رددوا فيها هتافات تطالب الفلسطينيين بالوحدة لحماية المسجد الأقصى والقدس والمقدسات، وناشد المتظاهرون المجتمع الدولي لحماية المقدسيين جراء الانتهاكات الإسرائيلية. وقالت مراسلة الجزيرة في القدس إنه لم يدخل إلى المسجد الأقصى أمس الجمعة أي فلسطيني من الضفة الغربية، لأن الاحتلال منعهم، واشترط حصولهم على تصريح صلاة في الحرم القدسي. ومن جانبه قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، عبر حسابه في تويتر، إن الأردن يدين الهجمات العنصرية على البلدة القديمة في القدسالمحتلة ويحذر من تبعاتها. ودعا إلى تحرّك دولي فاعل لحماية المقدسيين من الاعتداءات وما تُمثِّل من كراهية وعنصرية. وقال إن على سلطات الاحتلال مسؤولية وقف الاعتداءات وفق القانون الدولي. وختم الوزير الأردني تغريدته بالقول إن القدس خط أحمر، والمساس بها لعب بالنار. من جهة أخرى، دعت الولاياتالمتحدة لضبط النفس، ونصحت سفارتها بالقدسالمحتلة مواطنيها بتوخي الحيطة والحذر بعد اتساع أعمال العنف بالمدينة، وعبر المتحدث باسم الخارجية نيد برايس عن قلق بلاده العميق من تصعيد العنف بالقدس، وقال في تغريدة إنه "يجب رفض خطاب المتظاهرين المتطرّفين الذين يردّدون شعارات تنمّ عن كراهية وعنف". التصعيد بالقطاع وفي سياق متصل، شنت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة غارات فجر اليوم استهدفت موقعا للمقاومة الفلسطينية وأراضي زراعية في مناطق متفرقة من قطاع غزة، وألحقت أضرارا مادية في الأماكن المستهدفة دون وقوع إصابات. يأتي ذلك عقب إعلان الجيش الإسرائيلي أنه رصد إطلاق 36 قذيفة صاروخية من قطاع غزة، مساء أمس الجمعة وفجر اليوم السبت، اعترضت القبة الحديدية 6 منها، في حين انفجر الباقي على الجانب الفلسطيني من السياج الأمني. وقال جيش الاحتلال إنه رد على ذلك بشن غارات استهدفت بنى تحتية ومنصات إطلاق قذائف صاروخية تابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة. وقد أعلنت فصائل فلسطينية المسؤولية عن قصف مواقع ومستوطنات متاخمة لقطاع غزة بقذائف صاروخية. وكانت الغرفة المشتركة للمقاومة الفلسطينية قد حذرت من المساس بالقدس، وقالت إن المدينة وأهلها خط أحمر وسيكون للمساس بهم تداعيات كبيرة يدفع الاحتلال ثمنها غاليا. حماس تحذر وحذرت حماس الاحتلال من الاستمرار في التصعيد ضد قطاع غزة وما يقوم به من انتهاكات في مدينة القدسالمحتلة، وحمل الناطق باسم حماس فوزي برهوم الاحتلال مسؤولية وتداعيات ما وصفها بالأعمال الاستفزازية العنصرية التي يقوم بها جنوده ومستوطنوه في المسجد الأقصى. وقال مراسل الجزيرة في غزة وائل الدحدوح إن هناك هدوءا شبه تام بالقطاع، ولا سيما في محاذاة السياج الفاصل في قطاع غزة، مع استمرار تحليق طائرات استطلاع إسرائيلية، ولكن لا وجود لطلعات للمقاتلات الحربية. وأضاف أن الغارات الجوية الإسرائيلية طالت مواقع عسكرية للمقاومة الفلسطينية، ولم تخرج هذه الغارات عن قواعد الاشتباك التي سادت بين الاحتلال وفصائل المقاومة السنوات القليلة الماضية. وختم المراسل بأن الرشقات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية هي الأوسع في الأشهر الأخيرة في قطاع غزة، وتأتي في ظل ما يجري في ساحات المسجد الأقصى من هبة جماهيرية بالحرم القدسي الشريف للتصدي للاعتداءات الصادرة عن المستوطنين وقوات الاحتلال.