إعداد: عبد الكريم الدخيسي نظم فريق البحث: النص والفكر والنموذج التفسيري، والإجازة المهنية: ديداكتيك علوم اللغة العربية وآدابها، وماستر هندسة اللغات والتعليم الإلكتروني للغة العربية، برحاب الكلية متعددة التخصصات بالرشيدية بتنسيق مع الائتلاف الوطني من أجل حماية اللغة العربية، وبدعم من مجلس جهة درعة تافيلالت ندوة وطنية احتفاء باللغة العربية في يومها العالمي في موضوع: اللغة العربية أفق العالمية بسؤالي التنمية ومجتمع المعرفة، وذلك يومي 18 و19 دجنبر 2019، برحاب الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية. وقد ترأس د. محمد السهول الجلسة الافتتاحية التي استهلت بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم تلاها د. محمد الحفضاوي. وبعد الترحيب بالحاضرين والوافدين وتقديم الشكر العميم لإدارة الكلية وباقي الفاعلين الذين سهروا على إنجاح هذه الفعالية تناوب على التحدث عدد من المتدخلين. السيد العميد د. الحو مجيدي، كان أول المتحدثين في الجلسة، وقد رحب بالحضور الكريم ونوه بهذه البادرة الطيبة، ودعا الأساتذة الكرام إلى مواصلة العمل الجاد من أجل الرقي بالكلية، وأوصى بطبع أعمال هذه الندوة الوطنية، وذلك لأهمية المداخلات التي تمت برمجتها لا سيما أن أعمال الندوة قد خضعت للتحكيم. ثم أشار إلى التحديات التي تواجه اللغة العربية من عولمة، وضعف همة القراءة، وغياب مناهج حقيقية تؤدي إلى الرفع من جودة المنظومة عموما. واختتم كلمته بشكر شركاء الندوة سواء مجلس جهة درعة تافيلالت في شخص نائب الرئيس، وكذا الإتلاف الوطني من أجل اللغة العربية في شخص منسقه الجهوي لدرعة تافيلالت. بعد ذلك تناول الكلمة السيد نائب رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت د. عبد الله صغيري الذي استهل مداخلته ب بشكر الجهات المنظمة لهذه الندوة المباركة في شخص فريق النص والفكر والنموذج التفسيري، ثم أشاد -بعد ذلك -بالعمل القيم للكلية وشكر الفعاليات الحاضرة، ومنسقي مختلف المسالك بشعبة اللغة العربية. ثم استرسل المتحدث في تشخيص واقع اللغة العربية ومكانتها موضحا أن شعار الندوة يكتنز من الشحنات والخصائص ما يجد بؤرته في اللغة العربية. وأشار المتدخل إلى أن العالمية هي الشهود والعدل والإمامة وعالمية اللغة من عالمية التنمية وعالمية التنمية من عالمية المعرفة وعالمية المعرفة في النهاية من عالمية اللغة. كما أشار إلى أن عالمية اللغة هو أفق مؤكد ومشروع ويتحدد بوظيفة هذه الأمة وطبيعة حضارتها، فاللغة تحمل حضارتها والحضارة تحمل لغتها، وهذا كله يأتي استمرارية للتغير الحاصل والانتقال من الإسلام الفردي القوي إلى الإسلام العالمي، فاللغة هي أهم ما يجمع الأمم، وهي -أيضا-أهم عناصر النسف، تنسف أمجادا من الأعمار والجهود، وكيف لا –أيضا – وكلمات معدودة يمكن أن تبني أمجادا كما يمكن أن تهدم قرونا من الحضارة. ثم أكد على العلاقة الوطيدة بين اللغة والفكر قائلا ” التنمية في التأسيس الأول هي منتوج للعقل، والعقل ينتج الفكر، وهل باستطاعة الفكر أن يشتغل خارج نطاق اللغة؟ وهل من سبيل لوجود ذلك خارج اللغة؟”، ثم ختم كلمته بأنه بواسطة مجتمع التنمية تترشح الأمة للإمامة والشهود والعالمية وتتصدر جلالة اللغة العربية هذا الاهتمام. بعده تناول الكلمة السيد رئيس شعبة اللغة العربية د. أحمد البايبي الذي شكر بدوره القائمين على الندوة، وأشار في معرض حديثه مسألة الأمن اللغوي الذي يحتاج الحماية، فالأمن اللغوي يقتضي الدفاع عن اللغة العربية، وصد التوغل المهول للغة الفرنسية، من أجل توظيف هذه اللغة وتمكينها من حقها ومحيطها لما لها من مكانة دستورية واستعمالية وتجنب الصراع اللغوي أو ما يسمى بالحروب اللغوية. فالهوية -كما يقول المتحدث -هي تعبير عن الخصوصية، تُتَخذ اللغة والعُرف والدين أشكالا لها، وبالتالي تستطيع اللغة أن تكون عامل توحيد أو عامل تمزيق، فهي مقوم أساس من مقومات الشعوب والدول، ذلك أن الإنسان يُنسَب إلى لغته، واللغة والجنسية متلازمتان مثل وجهي العملة الواحدة، وحيث إن حماية الهوية من صميم حماية الخصوصية والتفريط فيها هو تفريط في الذات. علينا إذا ألا نتهاون في مراقبة اللغة الأجنبية يؤدي إلى تغول هذه الأخيرة وإلى انحدار لغوي خطير. أما المنسق الجهوي للائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية د. لخلافة كريم فقد جدد الشكر لكافة الأطراف المشاركة في الندوة الوطنية وشكر لفريق البحث المنظم للندوة كما نقل شكر وتقدير رئيس الإتلاف الوطني للغة العربية للمنظمين لهذه البادرة الطيبة، وعبر عن أسفه لعدم تمكنه من حضور أشغالها لالتزامات سابقة، ثم تحدث عن أن اللغة تستطيع مواكبة التطورات والوقوف في وجه كل التحديات فهي لغة الجمال والجلال وهناك إقبال كبير جدا لتعلمها في الدول والجامعات الأجنبية. أما د. عبد الكريم الدخيسي فقد تناول الكلمة باسم اللجنة المنظمة، وتحدث عن أهمية الاحتفاء باللغة العربية في يومها العالمي، مشيرا إلى أن فكرة التنظيم لم تكن وليدة اليوم بل كان هناك تفكير في الأمر قبل هذا، لكن شاء الله أن تنظم الندوة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 دجنبر من كل سنة، ثم تحدث عن قيمة الأعمال المشاركة والمداخلات التي ستقدم خلال أشغال الندوة. مذكرا بأن عدم التمكن من إدراج عدد كبير من المداخلات لا يعني عدم أهميتها، إنما عدم مناسبتها لسياق الندوة فقط. ثم أشار الأستاذ المتحدث إلى أن الحضور الوازن لبنيات البحث والتكوين المنظِّمة للندوة فيه إشارة قوية إلى أن هذه البنيات تلتقي في مشترك جامع وموحد هو اللغة العربية، وهذا وحده دليل كاف على إمكانية التعاون وتوحيد الجهود بين مختلف الهيئات الفاعلة داخل الكلية وخارجها، حيث إمكانية الانفتاح على المحيط الخارجي للجامعة ستتجسد عمليا من خلال تنظيم مائدة مستديرة بقاعة فلسطين بالرشيدية. وذكر بأن هناك مفاجآت في الندوة سيعلن عنها في حينها. وقد جاء برنامج الندوة حافلا من حيث الموضوعات التي برمجت للعرض والمناقشة خلال هذين اليومين، وقد وزعت على خمسة محاور هي موضوع جلسات علمية جاءت في برنامج الندوة كالآتي: وهذا عرض لخلاصات مضامين مداخلات الندوة التي قررها كل من الطلبة الباحثين سهام عبد الكبير وعبد العلي صغيري ومحمد قاسمي، ووثقها الطالب الباحث محمد الزياني: الأولى: محورها اللغة العربية والهوية والتنمية ودبرها د. عبد الله صغيري افتتحها د. محمد بوطاهر أستاذ التعليم العالي بجامعة س. محمد بن عبد الله بفاس بمداخلة وسَمَها ب: (جدلية اللغة الداخلية والمحيط السوسيوثقافي)، أوضح فيها أهمية البيان في كل عملية إنتاج أو إرسال للغة، مما يكشف عن العلاقة الوطيدة بين الفكر واللغة، ودورها في بيان خصائص الموجودات، لذلك فكل تعلم للغة يقتضي التعريف بخصائص الأشياء والمسميات، لكي تسمو اللغة من التعبير العادي عن أغراض بسيطة إلى لغة تواصلية يدرك الناطق بها خصائص وكنه الموجودات المعبّر عنها، وأردف بأن هذا هو الهدف الأساس لكي تُعْرف المعاجم وتتطور وتكون أجيال الأمة عالمين لا قوالين وغوغائيين- على حد قوله-. بعده تناول الكلمة د. عبد الرحمان يجيوي، أستاذ التعليم العالي بجامعة س محمد بن عبد الله بفاس الذي تناول موضوعا سماه: (الهوية اللغوية والتنمية في عصر المعرفة)، وقد أوضح المحاضر من خلاله بأن الهوية اللغوية هي أم الهويات التي توجّه حياة الأمم والشعوب بل وترسم مستقبلها وتضمن بقاءها، ثم وضح المقصود ب “عصر المعرفة” والذي يتحدد في جعل اللغة متطورة باعتبارها مجالا من مجالات التنمية، والتي لا يمكن أن تتصور خارج إطار لغوي، يضمن بقاء الهويات، مفندا القول بإمكانية خلق هوية موحدة انطلاقا من المدخل اللغوي الموحد، مادامت اللغة والهوية وجهين لعملة واحدة، منبها إلى أن أزمة الهوية والشعور بتهديدها، يعد المحرك للبحث عن سبل أنجع لتحقيقها والخروج منها، وذلك بتجنب التقوقع حول الذات، قصد الاستفادة من المسالك القادرة على تطوير اللغة وتنميها، في إطار التمسك بقيم الانتماء لها، وهذا هو مقصوده من الهوية اللغوية، أما عصر المعرفة فاعتبره المحاضر تجاوزا لامتلاك المعلومات إلى القدرة على إنتاج المعرفة الشاملة القادرة على تحقيق التنمية المنشودة. د. عبد الله طاهيري، من جامعة م. اسماعيل مكناس. تناول في موضوعه (اللغة والهوية: أية علاقة؟)، حيث تحدث عن شن حرب ثقافية ولغوية ضارية، وبالتالي القضاء على هوية الأطراف الضعيفة ولغتها، وهو أمر راجع إلى تخاذل أهل اللغة، وتجاهل الحقيقة التاريخية، ومنها الدفاع المستميت لبعض الجهات عن لغتهم. ثم فصل مفاهيم اللغة والهوية، والعلاقة بينهما، وربط مفهوم اللغة وعلاقته بالفكر، كما جمع بين مفهوم الهوية والانتماء، وشدد على مخاطر الفصل بين اللغة والهوية. وخلص إلى أن هناك حربا مدمرة وخطيرة منذ زمن بعيد، وتزداد اشتعالا من حين لآخر، هدفها الأساس القضاء على العربية، وهويتنا. كما ذكر أن الفصل بين اللغة والهوية يعد من المغالطات، بل من الخداع الفكري والتغرير الثقافي. وتحويل بوصلة الهوية إلى اتجاه تذويب الهويات المختلفة في هوية واحدة. ودعا المحاضر إلى إشراك أكبر عدد ممكن من الباحثين في موضوع اللغة، وتعزيز ذلك بورشات ميدانية ليتم التوصل إلى نتائج أفضل، ومد الجسور مع مختلف الأطراف التي تشتغل في الموضوع ذاته. د. م احفيظ مدني علوي، من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين درعة تافيلالت، اختار المشاركة في الندوة بمداخلة عنوانها: (اللغة العربية بين واقعها في أوطانها وأفق العالمية)، وقد تحدث المتدخل عن الريادة التي تحتلها لغة الضاد في مصاف اللغات، وذكر بالأرقام ازدياد الإقبال على تعلمها في مقابل ارتكاسة وعزوف الناطقين بها. ثم تحدث عن مزاحمة اللغات الأجنبية للغة العربية. ثم فصل في السر وراء هذا الإقبال الكبير من جهة وهذا الإحجام الغريب من جهة أخرى. ولم ينس المحاضر أن يشير إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي يؤكد نكوصاً وتراجعاً كبيرين في الكفاية اللغوية قراءةً وكتابة عند تلاميذ الجذع المشترك، حيث أظهرت مكتسباتهم ضعفا كبيرا وبينا، وحيث إن الواقع المغربي يكرس القناعة الخبزية، ويجعل التلاميذ يتوجهون بدورهم إلى الإيمان بأن اللغة العربية ليست لغة الخبز و المال، ثم فصل المتدخل الكلام عن التهميش الذي يطال اللغة العربية في الإعلام، حيث يتم اقحام العامية بشكل كبير في الحوارات الإعلامية، والبرامج المباشرة الموجهة للعموم. الثانية: محورها التخطيط اللغوي والتنمية، ودبرها د. أحمد طايعي د. نورى مروي، الحاصلة على دكتوراه في اللسانيات العربية، اختارت الإسهام في الندوة بمداخلة عنوانها: (التخطيط اللغوي و المعجمي و دوره في تنمية اللغة): وقد تحدثت المتدخلة عن أهمية التخطيط اللغوي في تنمية اللغة، وتمكينها في القطاعات المختلفة، وفي تأهيلها لمواجهة التحديات المعاصرة في المجتمع، وفي العلوم التقنية والتكنولوجية، وبما أن اللغة العربية كائن حي قابل للتطور والتجدد المستمر، فإنها لاشك تجاري مقتضيات العصر الحديث بإمكانياتها الخاصة ووفق ما يوفره لها أبناؤها من مناخ وشروط تكفل هذا التطور. ولهذا فقد ركزت المحاضرة على أهمية مراجعة المعاجم وتحديثها عن طريق عمليتي الجمع والوضع اللذين يميزان خصائص المعجم من أجل حفظ اللغة، فالمعجم ليس فقط مدخلات فحسب، بل له ارتباط وجودي بالمجتمع، ودعت المتدخلة إلى ضرورة تجديد مصادر أخذ المدونة العربية، وتحيين المواد اللغوية في المعجم، وتخليص اللغة العربية من القداسة الدينية فالله، حسب قولها، حفظ لغة القرآن ولغة التعبد وليس لغة الاستعمال، وواجب أهل اللغة هو حفظ لغة الاستعمال. د. محمد الطيب من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاسمكناس شارك في الندوة بموضوع (اللغة العربية وأفق توظيف تكنولوجيا المعلومات والتواصل في مجتمع المعرفة)، حيث كشف عن تجليات واقع اللغة العربية في مجتمع المعرفة، وأشار إلى أن قوتها تتجلى في مسايرتها لمستجدات عصر تكنولوجيا المعلومات والتواصل. ودعا المحاضر إلى البحث عن استراتيجيات استثمار تكنولوجيا المعلومات والتواصل لتوسيع دائرة استفادة اللغة العربية من إمكانياتها. فقد تبين للجميع أن قضية اللغة العربية تمسنا جميعا، ولا يمكن التسليم بمجتمع المعرفة دون حضورها المحوري. مما يضعنا أمام مسؤولية حقيقية محورها الأساس: كيف نفعل دور اللغة العربية في مجالات الحياة كلها، ونجعل منها لغة قادرة على القيام بوظيفتها في التواصل والتعليم وتدريس العلوم، حاضرة في عالم ثورة المعلومات، وتتعايش مع باقي اللغات الحية؛ فنحن لسنا ضد الانفتاح على لغات الآخرين، ولا ننكر أهميتها في نقل المعرفة وما تعكسه من ثقافة، لكننا نرفض أن يكون استعمالها على حساب لغتنا العربية. أما علي بوراس الطالب الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس فتناول في محاضرته: (خطابان حول اللغة العربية: التعليم والتخطيط)، وأشار فيها إلى أن النقاشات حول المسألة اللغوية تتداخل فيه مجالات عديدة ( السياسي، الاجتماعي، التربوي…)، وأوضح أن اضمحلال دور الإعلام والأسرة في تنمية الوعي باللغة العربية أصبح يلقي بثقله على المدرسة، مما يفرض ضرورة تصحيح تمثلات الناشئة حول اللغة الأم ولغة الهوية ولغة الحضارة ولغة التدريس، …، من خلال التخطيط اللغوي الذي لا يمكن أن نتحدث عنه في غياب سياسة لغوية واضحة. وركز المحاضر على أن غياب الإرادة السياسية والشعبية الموحدة تعد عائقا من عوائق النهوض بالعربية والتخطيط لها، لذا فإن الدخول إلى عصر المعرفة، يقتضي الاهتمام باللغة العربية من مدخلي التعليم والتخطيط. أما لحسن حسني، من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين درعة تافيلالت، فقدم مداخلة بعنوان: (الآليات التوليدية في المستويات اللغوية العربية: سماتها التأصيلية وتحدياتها الراهنة)، واعتمد فيها على الدراسات اللسانية الحديثة التي أكدت أن اللغة موضوع طبيعي يتسم بالنسقية المنتظمة، ويعتمد المبادئ الدقيقة التي تؤهله للارتقاء والإغناء، فاعتبرت وفق هذا الدراسات إجراءً توليديا تكراريا يولد مجموعة من الوحدات اللغوية بناء على عناصر دقيقة أولية وأصيلة. واللغة العربية مثلها مثل باقي اللغات الطبيعية تستند إلى آليات توليدية تكفل لها الاستمرارية، وتؤهلها لاحتواء تحدياتها والقدرة على تجاوزها. ولن يتأتى لها ذلك إلا بمورد بشري يؤمن بعبقريتها وبقدرتها الإبداعية. وقد ركز المحاضر على المفاهيم المؤثثة للعنوان، من خلال التحديد المفهومي ل”التوليد”، ثم نحا نحو المقاربة التأصيلية للآليات التوليدية في التراث اللغوي العربي وذلك عبر تحديد السمات التوليدية الصوتية والصرفية والمعجمية والتركيبية، كما هي عند الخليل وابن جني والسيوطي. واعتمد في هذه المقاربة على المنهجية التفسيرية التي تعتمد الصورنة خصوصا أثناء دراسة المادة الأولية للغة العربية في المستويات الصوتية والصرفية والمعجمية، وآلية التوليد الدلالي في المعطيات اللغوية التي خرجت على المعاني الأصلية. كما تحدث عن واقع اللغة العربية من خلال رصد التحديات التي تواجهها، بربطها باللهجات المحلية أولا، ثم باللغات الأجنبية، وواقع الترجمة والتعريب. الثالثة: محورها اللغة العربية والحاسوبيات، ودبرها د. سعيد كريمي وقد حاضر فيه د. عز الدين غازي” بمداخلة تحت عنوان: (دور البرمجيات الحاسوبية في تطوير الاقتصاد الرقمي: تحديات الولوج والاندماج والتنافسية)، أوضح فيها أن البرمجيات العربية في السوق الإلكترونية يبقى نموها بعيدا عن متطلبات المستعمل، لأنها ما تزال تقتصر على مجال الإعلام والخدمات البنكية، والإدارة، والمحاسبة، والأمن … ولم تتحول إلى اقتصاد المعرفة بعد، وهو الأمر الذي أصبح يطرح العديد من الإشكالات وعلى رأسها تأهيل اللغات الطبيعية ومنها العربية لكي تخوض هذا الرهان، مشيرا إلى أهمية بعض المشاريع الحاسوبية التي تقدم بها ثلة من علماء العربية أمثال : الأخضر غزال ومحمد الحناش ويحيى هلال، …. وقد لفت المتحدث النظر إلى حاجة اللغة العربية لمحللات صرفية وتركيبية قادرة على تذليل الصعوبات وإزالة اللَّبس، وهو ما يستوجب ابتكار منتوجات إلكترونية تستجيب لخصوصيات اللغة العربية، ولمتطلبات متكلميها، وذلك بانخراط كل الفاعلين من مهندسين ولسانيين. وتناولت مداخلة د. عبد الواحد دكيكي موضوع: (اللسانيات الحاسوبية في اللغة العربية: ابستمولوجيا المعرفة والتطوير)، وركز فيها المحاضر على ضرورة التمييز بين اللسانيات الحاسوبية واللسانيات المعلوماتية، مبينا أهمية الخوارزمات الرياضية والمنطق في البناء الصوري للغات الطبيعية في مستوياتها اللغوية المختلفة، وهو أساس تطوير لغة البرمجة، وهذا ما يفرض الانتقال من العلوم المغلقة إلى العلوم المفتوحة، أي التكامل بين العلوم الحقة والعلوم الإنسانية، لأن غياب دراية الحاسوبي باللغة في مقابل غياب دراية اللغوي بالمعلوميات يَحُولُ دون معالجة علمية دقيقة للغة العربية، لذلك لا بد من أن تدرس مادة المعلوميات في تدريس اللغات ومنها العربية. أما المداخلة الثالثة فكانت للطالب الباحث: إبراهيم حبيبي” من كلية علوم التربية بالرباط الذي حاضر في موضوع: (دور التشكيل النحوي في الترجمة الآلية من العربية إلى الإنجليزية)، وقد بيّن من خلالها أهمية المقاربة الإحصائية والأحداث السياسية في بروز الترجمة الآلية، مشيرا إلى دور ظاهرة التشكيل في تقريب المسافة بين لغة المصدر ولغة الهدف، كما حدد المحاضر مراحل الترجمة الآلية في ثلاث، هي: التحويل، والنقل، التوليد. وبيّن أيضا طغيان المستوى الصرفي في أغلب المعالجات الحاسوبية للعربية مقارنة بباقي المستويات، معللا ذلك بدقة الأوزان العربية، وقد ختم مداخلته، بتقديم نماذج توضيحية كشف من خلالها دور التشكيل في الترجمة الآلية للنصوص. الرابعة: محورها تعليم اللغة العربية وتعلمها، ودبرها د. عبد الغني قزيبر افتتحها د. عبد الكبير حميدي بمداخلته التي وسمها ب(اللغة العربية مدخلا إلى فقه النص القرآني) حيث أشار إلى أن القرآن الكريم نص عربي مبين، نزل بلسان العرب، ووفق سننهم في القول، ومعهودهم في الخطاب، وذلك في الألفاظ المفردة، وفي الجمل والألفاظ المركبة، وفي المعاني والدلالات أيضا. وأشار إلى أن العربية سمة جوهرية من سمات النص القرآني الكريم، وخاصية أصلية من خصائصه، بل هي ركن في ماهيته، وجزء أصيل من طبيعته وهويته. وعليه فلا خلاف بين أهل اللغة والشرع، ولا بين اللغوين والمفسرين، في أن فقه العربية والإلمام بها، شرط ضروري ومدخل حاسم وأداة لا غنى عنها، في تفهم القرآن العظيم، والتوصل إلى معانيه الأصلية والتبعية، والتحليق في آفاقه، وسبر أغواره، والدخول إلى رحابه الفيحاء. وقد عرض الأستاذ المحاضر البحث والتنقيب والتدقيق، في أقوال وآراء أهل العربية والشرع معا، في موضوع علاقة العربية بالقرآن الكريم، وموضعها منه، لاسيما تأويل بعض المجتهدين المعاصرين لعدد من آي القرآن الكريم، جاء ذلك كله موزعا على ثلاثة مباحث على النحو الآتي: “عربية النص القرآني: الدلالات والمقتضيات”. و”من الدلالة اللغوية إلى الدلالة القرآنية”. و”من فقه العربية إلى فقه القرآن”. أما د. سعيد الشقروني، الأستاذ بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمكناس. فكان عنوان مداخلته: (تدريس اللغة العربية بالثانوي التأهيلي بين كتابين: دراسة مقارنة). وقد أكد على أن عمق النقاش اللغوي سياسي، أي من شؤون سياسة الدولة أولا وأخيرا. أما القدرة الإبداعية خارج رسميات الديداكتيك فهي مدخل أساس لتعليم الحس اللغوي لدى المتعلم. ولذلك فإن حسن انتقاء النصوص العربية الفصيحة ضرورة تعليمية. كما أن حسن استخدام العربية من قبل الاستاذ مدل مباشر لتنمية الحس اللغوي لدى التلميذ. لذا لا بد من التسلح بالمرجعيات العلمية في الدفاع عن اللغة العربية بدل الحماسة والعاطفة. وقد جعل من كتابين للغة العربية بالتعليم الثانوي مجالا للمقارنة ومقاربة موضوعه. د. عبد العالي أحميد، المراقب التربوي بأكاديمية الرباطسلاالقنيطرة. جعل من (تدريس العربية وإشكال الكتابة). موضوعا لمداخلته. وقد دعا إلى ضرورة إحداث وحدة للتعبير والكتابة في شعبة الدراسات العربية بالجامعات المغربية. وكذا ضرورة تمرين الطلبة على الكتابة الإبداعية. ووجوب تمكين الطلبة أدوات الكتابة. وقد شدد المحاضر على وجوب تعلم النحو الوظيفي المتمركز على القدرة التواصلية بالعربية، من أجل تنمية الحس الإبداعي في أساليب الكتابة بالعربية. وختم محاضرته بالدعوة إلى الاستفادة الواعية من النظريات المفسرة للكتابة الإبداعية. مع ضرورة إبعاد الدارجة من قاموس الأستاذ داخل الفصل الدراسي والجامعي. الطالب الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة الحسان العوني، شارك بمداخلة خصصها للحديث عن: (سؤال الجودة في المنظومة التعليمية، مكون اللغة العربية في التعليم الثانوي التأهيلي نموذجا). وقد ركز فيها على ضرورة تعزيز مكون اللغة في التعليم باعتباره ضرورة تربوية وحاجة علمية وطنية. وأشار إلى أن الإقلاع الحضاري والتنموي يحتم علينا ضرورة وضع سياسة لغوية قائمة على تغيير عقدة الدونية اللغوية، والاعتماد على التدريس باللغة العربية في المرحلة الابتدائية بناء على مبدأ التمكن قبل الانفتاح، مع تأخير استعمال اللغتين الفرنسية والإنجليزية إلى السنة الثالثة من التعليم الثانوي الإعدادي، إسوة بالنظم التعليمة المتقدمة عالميا. وكذا التجديد المستمر والتحيين الواعي لبرامج العربية في مقررات التعليم الثانوي وغيره مع مراعاة عامل الجودة. مع إعادة الاعتبار للتدريس باللغة العربية في جميع المستويات التعليمية، مع تقوية حضورها برفع عدد ساعات تدريسها في الثانوي التأهيلي للشعب العلمية والتقنية، ومعاملاتها، وتغيير النظرة الدونية تجاهها. الخامسة: محورها تدريس العلوم باللغة العربية، ودبرها د محمد امراني علوي د. مصطفى قدوري، من الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين كلميم واد نون، شارك بمداخلة عنوانها: (لغة تدريس العلوم بالمغرب بين الواقع والآفاق). وقد ذكر فيها أن اللغة الأصيلة للمتعلمين هي السبيل الوحيد لإصلاح التعليم والنهوض به. ولهذا يجب ضرورة الانسجام اللغوي في تدريس العلوم في جميع مراحل التعليم. وفي جميع أسلاكه. أما ادعاء قصور العربية عن مسايرة الركب العصري، وعدم قدرتها على توصيل العلوم فهي دعوى لا برهان عليها يكذبها الواقع. أما القراءة بلغة الأجنبي فهي تسريب لثقافته وهويته إلى المتلقي والمتعلم. وقد تناول أيضا الحديث عن الجدل القائم حول لغة تدريس العلوم، وذكر بمواقف العديد من المسؤولين من الموضوع، وهو ما اعتبره سبة عليهم ولا يشرفهم ذلك. وتناولت مداخلة الطالب الباحث: إسماعيل الشقف الطالب الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط موضوع: (المصطلح العلمي العربي وتنمية اللغة)، وتطرق فيها إلى أهمية المصطلحات في تنمية اللغة نظرا لحاجة العلوم إليها، ملفتا نظر الحضور إلى أهم المدارس المصطلحية سواء الغربية منها أو العربية التي تهتم بوضع المصطلحات، وفق مبادئ منهجية تسعى إلى صيغة موحدة، لكن هذه الغاية تقف أمامها مشاكل حاول الباحث أن يشير إلى بعض منها، ليختم مداخلته ببعض الحلول التي رأى أنها يمكن أن تذلل تلك الصعوبات، وعلى رأسها توحيد الجهود بين الأفراد، وتبني المؤسسات للمجهودات الفردية، وإلزامية العمل المؤسسي بمخرجات المجامع العلمية العاملة في الموضوع. المداخلة الأخيرة في برنامج الندوة تحدث فيها إبراهيم الطيب الطالب الباحث بالكلية في موضوع (اللغة العربية في المنظومة التعليمية وسؤال الهوية بين التثبيت والتفتيت) عن اللغة باعتبارها وعاء حاملا للثقافة والقيم، وثوابت وهوية الأمم، لذلك غدت مجالاً تجانس فيه الحس المشترك، وتناسج خطاب الحوار والتراشق أحياناً، بين الانثروبولوجي والسوسيولوجي والإيديولوجي والبيداغوجي لتحقيق الكينونة، والحفاظ على الهوية. هذه الرؤية الوجودية للغة استطاعت أن تخلخل ثوابت المنظومة الاِجتماعية والتربوية وتمسُّكها وتماسُكها لإعادة النظر في تركيبتيهما، والبحث عن الوحدة في التعدد، أو تفتيت الهوية الثقافية. وقد ركز المحاضر على الرهانات البيداغوجية للغة العربية، وأبعادها التنشئوية، وكيف يمكن أن تكون آلية للإقلاع بمنظومتنا التعليمية، بعد الترهل الذي أصابها. كما ركز المتحدث على كيفية زرع الثقة بين المتعلم ولغته التي تعكس هويته ووجدانه، وأورد تجارب واقعية حية لنماذج من الدول التي أقلعت في ارتباط بلغتها وهويتها. وقد حاول مقاربة البعد البيداغوجي في علاقته بالهوية من أجل تحديد الخلفية المعرفية الموجهة للمنظومة، وتشخيص المشكلة، وتوصيف البدائل المقترحة انطلاقاً من بنية اللغة العربية وخصائصها النوعية. هذه المداخلات كانت تعقبها مناقشة الحاضرين والمتابعين، وهو ما أغنى طروحاتها وأثراها بعدد من الأفكار القيمة. نوه بها السادة المسيرون، وأشاروا إلى أنها تستحق الإشادة والتأمل الفكري والعلمي للتدافع بها أمام خصوم العربية وتصحيح الكثير مما يروّج حولها من أوهام. أما الجلسة الختامية للندوة فقد كانت من تدبير: د. عبد الواحد دڴيڴي، وتناول الكلمة فيها السيد نائب العميد الكلف بالشؤون الأكاديمية والتعاون الذي نوه بحسن تنظيم الندوة وبالموضوعات المطروقة فيها، لاسيما أنها تسعى إلى النهوض باللغة العربية، وجدد التذكير بوقوف إدارة الكلية مع تنظيم الأنشطة التي تقترحها البنيات البحثية بالكلية الفرق والمختبرات، خصوصا طباعة أعمال الندوة لأهمية مخرجاتها. ثم أعطيت الكلمة لمقرر الجلسة د. المهدي بريمي، لتلاوة التوصيات وهذا بيانها: بعد الاطلاع على التوصيات التي تقدم بها الأساتذة المشاركون في هذه الندوة تبين أنها تشترك في النقط التالية: 1. الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية الذي يوافق 18 دجنبر من كل سنة، وجعله تقليدا سنويا في الجامعات المغربية والعربية من خلال تنظيم ندوات في الموضوع. وإقامة معارض للكتاب بالتزامن مع الحدث. 2. طبع أعمال الندوة في مؤلف جماعي، وتوثيق أعمالها صوتا وصورة ونشرها في قناة على (اليوتوب). 3. الاحتفاء باللغة العربية بتنظيم ورشات تدريبية في الخط العربي، وعقد لقاءات فكرية وعلمية خارج قاعات التدريس ومدرجات الجامعة، في إطار معارض وصالونات أدبية وموائد مستديرة في كل المدن كيلا يبقى الاهتمام باللغة العربية محصورا بين الباحثين فقط. 4. المداومة على المعرفة التراثية وعمقها التفسيري للمستويات اللغوية، وإبراز أهمية هذه المعرفة من خلال اعتماد الوسائط الرقمية، وأدوات الابداع من تأليف وتشكيل ومسرح وسينما، من أجل النهوض باللغة العربية باعتبار قدسيتها. 5. إعداد مدرس اللغة العربية إعدادا علميا وخلقيا ومهنيا، وتكريمه وتشجيعه ماديا ومعنويا ومساعدته وظيفيا بما يجعله قادرا على خدمة اللغة العربية وقيمها. 6. الاستعانة في تدريس اللغة العربية بالوسائط التكنولوجية الحديثة. وحفز المتعلمين على القراءة باللغة العربية، والانخراط في مسابقات وبرامج تشجع على القراءة، مثل برنامج تحدي القراءة العربي، ومسابقات المتحدث البارع باللغة الفصحى. 7. الاهتمام ببرامج تعليم العربية لغير الناطقين بها، والتوسع في نشر اللغة العربية في الدول التي كانت العربية لغتها الرسمية، (الدول الافريقية جنوب الصحراء، ولدى الجاليات العربية في الخارج)، ودعم هذا العمل بالوسائل المادية والمعنوية، بما يجعله قادرا على منافسة اللغات والثقافات الأخرى. 8. تعزيز مكانة اللغة العربية في سوق المال والأعمال، بحث الغيورين على استعمال لغة الضاد في مراسلاتهم وإعلاناتهم. وخلق جسور التواصل بين الأكاديميين المهتمين باللغة العربية وشركات الإشهار الوطنية من أجل التعاون في مجال الإبداع في الصورة الإشهارية باللغة العربية. 9. إنشاء بنوك مصطلحية عربية، تواكب روح العصر، مع الإلحاح على مؤلفي المعاجم بالأخذ بها، وذلك بخلق مراكز لغوية داخل فضاءات الكليات تضطلع بوظيفة الضبط المصطلحي. وتوزيع هذه المعاجم المصطلحية الموحدة على الكليات والمدارس من أجل توحيد الجهود في تداول المصطلح عند التأليف والترجمة. وتشجيع الباحثين في مختلف ربوع الوطن على البحث والمعرفة وخاصة في التراث اللغوي العربي، وتيسير طبع الكتب ونشرها. 10. اعتماد اللغة العربية الفصحى في التدريس في أسلاك التدريس كلها في كل التخصصات عدا درس اللغات الأجنبية بما في ذلك المدارس والجامعات والإقلاع عن استعمال الدارجة. مع ضرورة تنزيل المقتضيات الدستورية لحماية اللغة العربية، وإخراج مشروع أكاديمية محمد السادس للغة العربية، وتفعيل أدوارها. 11. دعم جهود الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية بالمغرب، ودعم مطالبه كلها. وإقامة شراكة مع كل التنسيقيات والجمعيات المدافعة عن اللغة العربية سواء داخل الوطن أو خارجه. 12. تقديم عريضة احتجاجية من طرف كل الغيورين على اللغة العربية إلى الحكومة قصد التراجع عن فرنسة تدريس العلوم، والترافع أمام المؤسسات المسؤولة عن الموضوع. وفي الختام أعطيت الكلمة للجنة المنظمة التي تحدث منسقها عن أهم مخرجاتها بالنظر الى ما حدد لها من أهداف وما سطر فيها من محاور، وجدد شكره لكل من أسهم في إنجاح الندوة التي كانت ناجحة بكل المقاييس، وذكر من جديد بانفتاح الفريق على مختلف مكونات البحث بالكلية من أجل التعاون على خدمة اللغة العربية والبحث العلمي في تقاطعاته. وختم حديثه باستمرار الاهتمام بالطلبة المتعاونين وشد أزرهم قبل التخرج وبعده، وبهذه المناسبة تم تكريم أحدث متعاون متوج من هذه الفئة، وهو الطالب الباحث محمد قاسمي، الذي حصل على شهادة الدكتوراه في الفقه وأصوله من جامعة ابن طفيل بالقنيطرة. كما أعطيت الكلمة لطالب عماني تمت استضافته في الندوة وألقى قصيدة شعرية بالمناسبة. ثم وزعت الشهادات على المشاركين. وختم الحفل بتلاوة آي من الذكر الحكيم تلاها الطالب المتوج. وفي مساء اليوم الأخير من الندوة الموافق للخميس 19 دجنبر 2019 نظمت مائدة مستديرة في موضوع (مستقبل العربية وتحديات العصر) بقاعة فلسطين بالرشيدية، تدخل في إطار انفتاح الجامعة على محيطها، وقد سيرها بنجاح د. عبد المجيد طلحة، من الكلية متعددة التخصصات الذي عرض أطروحة التحديات التي تواجه اللغة العربية في ظل التحولات المتسارعة في عصر الرقمنة والتكنولوجيا. وقد أشار إلى أن عددا من مخرجات الندوة تسائل الجميع عن واقع اللغة العربية، وسنة التدافع بين اللغات في مجال البحث العلمي، وهو الأمر الذي يتطلب من الجميع الترافع القوي من أجل تنزيلها في الواقع ورفع رهان التحدي، وقد تناول الكلمات تباعا الأساتذة الباحثون: د. محمد بوطاهر، ركز في مداخلته على أن الخوف على العربية خطأ لأنها لغة التعليم ولغة القرآن وهي من اللغات المعتمدة في الأممالمتحدة والإعلام وغيره. بل إنها قد اقتحمت المجال التكنولوجي بجدارة. وهي محل دراسة من جميع التخصصات والاتجاهات والمشارب قديما وحديثا. كما أنها لغة التأليف في العلوم والواقع يشهد لذلك. وأشار المتحدث إلى أن القانون المنظم للجامعات لا يمنع من تدريس العلوم بالعربية، لكن الإشكال في الإرادة وتكوين الأطر. ولهذا لا بد من تكوين أهل العربية بتخصص وانفتاح بلا تحجر. أما د. سعيد شقروني، فقد انطلق من واقع ممارسته المهنية ليتساءل عن الكفايات المنتظرة من المدرسة المغربية، ويسعى للحديث عما يمكنها القيام به تجاه تعليم اللغة العربية والتدريس بها، وفي هذا الإطار ركز حديثه عن المنتظر من المنظومة التربوية تجاه المتعلمين، لا سيما أن الوزارة الوصية شرعت، هذه السنة، في تنزيل مشروع التعليم الأولي بالمدرسة، وقد دعا المتحدث إلى ضرورة الاعتناء بالتعليم الأولي، تخطيطا وتدبيرا وتقويما. في حين تناول د. عز الدين غازي في مداخلته الحديث عن تحديات دخول العربية إلى السوق التكنولوجية وهو أمر قائم، لذا لا بد من تيسير السبل والطرق لدخول العربية عالم البرمجيات بقوة. خاصة أن اللغات صارت تلعب دورا حاسما في اقتصاد المعرفة. كما دعا المتحدث إلى ضرورة الابتكار والإبداع لمواجهة التغيرات الهندسية، مع ضرورة التجند لمواجهة التحديات اللسانية والهندسية والنفسية وغيرها. بينما تناول د. عبد الرحمن رضوان، الحديث عن تحدي التنمية الاجتماعيةّ، وأشار إلى أنه لا تنمية خارج العربية، وذكر أن اللغات كلها صالحة للعلوم بدون تمييز بينها. وأن اللغة العربية لغة قابلة لمواجهة التحديات الإلكترونية، بدليل قدرتها وقابليتها على التوسع في إنتاج المفاهيم والمصطلحات بشتى تخصصاتها، لأنها لغة اشتقاقية. ومن هنا ضرورة القطع مع العادات التواصلية الفجة مع الأطفال وذلك باستعمال الكلمات العربية ذات الصيغ الصرفية الصحيحة في صيغها الدارجة. وقبل فتح النقاش للحضور قصد إغناء النقاش المفتوح تناول الكلمة د. لخلافة كريم، الذي تحدث عن ضرورة تفعيل دور المجتمع المدني بجميع أطيافه، واستغلال أفضل للفضاءات والمؤسسات القانونية لخدمة العربية ومن خلالها لتكوين الأجيال. ودعا إلى عقد شراكات بين الجامعة والمراكز البحثية وهيئات المجتمع المدني لخدمة العربية. مع وجوب إعادة تنشيط النوادي العلمية والثقافية المدرسية وتوظيف المجلات الحائطية وفتح المجال أمام المتعلمين للإسهام في تنمية العربية بكتاباتهم وإبداعاتهم. جاري النشر… شكرا على التعليق, سيتم النشر بعد المراجعة خطأ في إرسال التعليق المرجو إعادة المحاولة