نعى مجموعة من المثقفين والكتاب والأدباء الراحل محسن أخريف، الشاعر والروائي والأديب الذي غادر الحياة بصعقة كهربائية أثناء نشاط ثقافي بعيد الكتاب بتطوان، معتبرين رحيله بتلك الطريقة خسارة كبيرة للثقافة والأدب المغربيين، واصفين إياه ب”شهيد الكتاب” الذي بذل عمره في سبيل المعرفة وخدمة الأدب. وودَّعت مدينة تطوان، أمس الإثنين، الراحل محسن أخريف في جنازة مهيبة شارك فيها حشد كبير من زملائه الأساتذة والكتاب والروائيين والشعراء، حيث شُيِّع جثمانه بالمقبرة الإسلامية ابن كيران بتطوان، بحضور عدد من المسؤوليين المحليين، على رأسهم مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والمدير الإقليمي للتعليم ومسؤولين بالجماعة الحضرية لتطوان. ففي تصريحات لجريدة "العمق" أثناء دفن الراحل، عبر زملاء وأصدقاء أخريف عن صدمتهم لوفاته بتلك الطريقة، مبرزين الدور الذي قام به الروائي في خدمة الأدب وتكريس ثقافة القراءة ونشر الوعي عبر إبداعاته في الشعر والقصة والرواية وغيرها من الأجناس الأدبية، فيما ظل والده يذرف الدموع طيلة مراسيم الدفن والعزاء. تطوان تودِّع الشاعر أخريف .. والسلطات توقف “عيد الكتاب” (صور) إقرأ أيضا ومباشرة بعد وفاته أول أمس الأحد، قررت السلطات المشرفة على تنظيم النسخة ال21 من عيد الكتاب بساحة الفدان الجديد بتطوان تحت شعار "الكتابة وأسئلة القراءة"، وقف ما تبقى من فعاليات هذه التظاهرة الثقافية السنوية وإغلاق أبوابها قبل يومين من موعد انتهائها، فيما فتحت عناصر الأمن تحقيقا في الموضوع لمعرفة ظروف وملابسات الحادث. علامة مشرقة في الثقافة المغربية الكاتب إدريس علوش، اعتبر في تصريح لجريدة “العمق”، أن “المغرب الثقافي فقد أحد أعمدته بحكم الفعالية التي خلقها الراحل رغم أنه حديث السن، لكنه كان كبيرا في الحضور الثقافي، على اعتبار أنه ساهم بكثافة في إرساء قواعد العديد من الفعاليات بما فيها عيد الكتاب بتطوان”. وأضاف علوش أن أخريف توفي وهو بصدد العمل من أجل سيرورة هذه التظاهرة الثقافية، “فهو متعدد المواهب والاهتمامات والأجناس الأدبية انطلاقا من الشعر الذي هو أساس انطلاقه الأدبي، والقصة القصيرة والرواية، كما أنه يزاول النقد وغيرها من تجليات الأدب”، مشيرا إلى الراحل “أحد العلامات المشرقة في الثقافة المغربية، وفي ثقافة وأدب وإبداع مدن الشمال باعتباره مؤسس رابطة أدباء الشمال”. الكاتب العام للنقابة الوطني للتعليم المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الصديق الرغيوي، كشف أنه أشرف على تدريس الراحل محسن أخريف طيلة 3 سنوات من التعليم الثانوي، موضحا بالقول: “أثناء دراسته كان يتميز بهدوء منقطع النظير ويحسن الإنصات وكثير الأسئلة والبحث، ولم يكن يشبه باقي التلاميذ”. وتابع قوله: “كنت مدركا أنه سيكون له مستقبل على المستوى الأدبي، وفعلا تفجرت قريحته على مستوى مجموعة من الأجناس، كالقصة القصيرة والشعر والرواية والنقد، لأنه كان مرهف الحس وذو ذوق رفيع وأخلاق عالية، وكان مدعوما بحب الآخرين، إذ لا يمكن لكل من عرفه إلا أن يحبه، وكان يعيش وسط أصدقائه من الأدباء والشعراء والفنانين والرسامين، واستطاع أن يجد مكانة جد متميزة في الأدب المغربي الحديث، بل تعدى حدود المغرب إلى الوطن العربي”. رحل في غفلة من الجميع الأستاذ والباحث عبد ربه البخش، زميل الراحل في ثانوية أم المؤمنين خديجة بتطوان، وصف محسن أخريف ب”شهيد الكتاب”، مشددا على أنه كان “رجلا طيبا وأساتذا مصابرا مجدا، وتلاميذه يبرزون أثره ويقولون عنه الخير دوما، وكان معطاءً في المجال المعرفي وأخلاقه يحتدى به”، خاصة وأنه كان رئيسا لفرع اتحاد كتاب المغرب بتطوان ورئيسا لرابطة أدباء الشمال. واعتبر البخش في تصرحه لجريدة “العمق”، أن رحيل أخريف يُعد خسارة لتطوان وللمشهد الثقافي بالمغرب والأسرة التعليمية ككل، مضيفا: “نتمنى أن لا نسمع مثل هذه الحالات مجددا، وأن تتخذ السلطات كل إجراءات السلامة وشروط الوقاية من المخاطر قبل الترخيص لمثل هذه التظاهرات”. الكاتب محمد نور بلحساين، اعتبر أن وفاة أخريف “فاجعة ثقافية ليس في تطوان أو المغرب فقط، بل في كل الوطن العربي”، مشيرا إلى أن الأدب والثقافة بالمغرب “فقدت شخصا ذو قيمة ثقافية وأدبية كبيرة جدا، نتحسر جدا على فقدان روح الفقيد الشاعر الكبير محسن أخريف”، حسب تصريحه لجريدة “العمق”. من جانبه، قدم المسؤول بالجماعة الحضرية لتطوان محمد سعيد مسلم، تعازي الجماعة إلى أسرة الشاعر الفقيد، مشيرا إلى أن “عيد الكتاب بتطوان تحول إلى مأثم، وهذا خطب عظيم لا يسعنا معه إلا أن نتقدم بالعزاء لأسرته وأصدقائه وعموم المثقفين بالمدينة”، فيما قال الكاتب محمد بنعياد إن أخريف “ضاع في غفلة منا بصعقة كهربائية غادرة”. تفاصيل الفاجعة وفي تفاصيل الحادثة، كشف مصدر حضر الواقعة، أن الراحل تعرض لصعقة كهربائية بمجرد إمساكه الميكروفون لتناول الكلمة، أثناء لقاء ثقافي داخل خيمة مُخصصة للندوات بمعرض الكتاب بتطوان، حيث سقط على الأرض فورا وهو يصارع الموت وسط صدمة الحاضرين، مشيرا إلى أن أسلاك الميكروفون كانت تلامس الأرضية المبللة بسبب الأمطار. وأوضح المصدر لجريدة "العمق"، أن الشاعر محسن أخريف سارع لأخذ الكلمة عبر مكبر الصوت خلال فقرة تقديم قراءة في كتاب حول الديمقراطية التشاركية، وذلك من أجل تهدئة الأوضاع بسبب متدخِّل أثار الجدل في كلمته، غير أنه لم يكن يعلم أن إمساكه بمكبر الصوت كان سيكون آخر لحظاته في الحياة. واستغرب المصدر غياب سيارة الإسعاف عن معرض الكتاب رغم قيمة هذه التظاهرة الثقافية، مشيرا إلى أن تأخر وصول الإسعاف إلى عين المكان زاد من غضب زملاء الراحل، علما أن محسن أخريف كان من بين الذين قصوا شريط افتتاح "عيد الكتاب" الذي انطلق يوم 16 أبريل الجاري، وكان من المفترض أن ينتهي اليوم الثلاثاء. وتساءل المصدر ذاته بالقول: "المعرض يقصده مئات الزوار، ومن ضمنهم الأطفال، فكيف سيتم التدخل لتقديم الإسعافات الأولية إذا وقعت حالة معينة، ونحن نعلم أن تواجد سيارات الإسعاف والإطفاء ضروري في مختلف التظاهرات التي تعرف توافد العديد من المواطنين تفاديا لأي طارئ". مسيرة اللقاء توضح مسيرة اللقاء المذكور فاضلة الوزاني التهامي، كشفت تفاصيل ما وقع بالقول: "كنت أسير الجلسة، وكان مكبر الصوت بيدي وكنا على وشك الانتهاء، فوجئت بالشاعر محسن أخريف يتقدم بسرعة ليمنع متطفلا من إفساد اللقاء، تناول المكبر وقبل أن يقدمه، تجمد ثم سقط على ظهره فوق الزرابي المبللة يصارع الموت". وأضافت في تدوينة لها: "مر كل شيء بسرعة، ولم نكن نعرف؛ لم نكن نعرف أن الموت كان يطوف حول خيمتنا، ينتظر من يخطو فوق الماء ليضمه إليه، لا أنعيك أخي محسن أخريف بل أنعي نفسي.. لا أبيك بل أبكي نفسي وأنا أرى روحك تلبي نداء الملائكة على بعد خطوة مني.. نحن مجرد موتى تترصد المنون خطواتنا في كل لحظة.. فليرحمنا الله.. ولروحك الطيبة السلام". يُشار إلى أن محسن أخريف، هو شاعر وكاتب مغربي من مواليد مدينة العرائش عام 1979، حاصل على الدكتوراه في الآداب، صدرت له في الشعر "ترانيم للرحيل" سنة 2001، وديوان "مفترق الوجود" في 2019، و"حصانان خاسران" التي فاز خلالها بجائزة القناة الثانية الوطنية، و"ترويض الأحلام الجامحة" عام 2012. كما صدر للراحل في صنف الرواية، وهو أستاذ العربية بثانوية أم المؤمنين خديجة بتطوان، "شراك الهوى" سنة 2013 ضمن جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب، وفي القصة أصدر "حلم غفوة" سنة 2017، حيث حصل على الرتبة الثالثة لجائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2017. 1. الأدب 2. تطوان 3. جنازة 4. صعقة كهربائية 5. محسن أخريف