“كيف تقنع الرأسمالية المرأة بأن أناقتها وأنوثتها موجودة في حذاء بكعب عال؟” ليست الرأسمالية فقط بذلك التوحش الذي نصفها به والذي يصعب أن نضع له حدودا بل هي كذلك من الذكاء والفطنة التي يصعب تصورها، لقد فهمت الرأسمالية ثلاث نقط أساسية: أولهما أن الإنسان بطبعه متمرد على كل نظام صارم يشاركه كل حيثيات ومناحي حياته بما في ذلك الأشياء الحميمية وهو الأمر الذي لم تنتبه له تصورات أخرى ذات طبيعة نظامية تحاول أن تستولي على الفرد بوضع معايير وقواعد تؤطر حياته كما هو الحال في الأديان. المسألة الثانية وهي أن الرأسمالية فهمت جيدا أن الإنسان طاقة أو كما يسميه سبينوزا “كوناتوس” تحركه الرغبة فاستغلت ذلك لصالحها من خلال إيقاظ وإخماد كل ما يخدم شهيتها الإستهلاكية. النقطة الثالثة والأخيرة وهي أن الرأسمالية تعرف جيدا أن الجنس محرك للتاريخ لذلك تركز على ترويض الغريزة وليس التحكم فيها كما تفعل الأديان، وهذا ما يفسر اقتحامها لكل الأنماط الثقافية بما في ذلك المحافظة منها حتى ولو اقتضى الأمر أن تعطي لمنتوجاتها غلافا شرعيا “الماكياج الشرعي” “المايو الشرعي” بل يمكن للرأسمالية أن تقنعك بمعاييرها من داخل ثقافتك التي تؤمن بالخصوصية، لكن كونية الرأسمالية هنا هي كونية الإستهلاكوالزبونية وليست كونية الإنسان، فقد فهم الأمريكيون هذا جيدا فصارو يتحدثون عن “الزبون الصديق” Le client est un ami بعد أن ابتدع الفرنسيون مبدأ “الزبون ملك” Le client est un roi. وتتمظهر جنسانية الرأسمالية ليس فقط في فهمها لطبيعة الإنسان بل حتى في إيقاظ فنتازماتهواستيهاماته المرتبطة بالجسد ليس كفضاء فزيقي يمثل حميمية الشخص بل كمشجب تعلق عليها كل ما يمكن بيعه من ملابس داخلية إلى سيجارة عالقة بشفاه حمراء مرورا بالكعب العالي الذي يرمز لقضيبية الفرد موشومة، هكذا نصبح أمام نظام يفهم ما يجري ويتلاعب به لصالحه، ببساطة إننا أمام دين جديد “كن من أنت اعتقد فيما تريد، لكن تعالى واشتري من عندي”. 1. وسوم