لا تكاد تنتهي زوبعة في محيط جامعة ابن زهر حتى تبدأ أخرى، في مشهد أصبح يطرح العديد من التساؤلات وتحوم حوله الكثير من الشكوك، خصوصا وأنه في كل مرة تثار فيها قضية من القضايا نجد بأن هناك حرصا شديدا على تسليط الضوء على الانتماء السياسي أو الحزبي لصاحب هذه القضية، بل وإقحام هذا الإنتماء إقحاما في فهم القضية وتحليل أبعادها، وهذا يجعلنا نتساءل بصدق، هل نحن حقا إزاء قضايا همها الحرص على تطبيق القانون والدفاع عن سمعة الجامعة، أم أن ذلك كله ليس سوى "زوبعة في فنجان” كما يقولون، الدافع إليه تصفية حسابات سياسية عن طريق اختلاق حوادث أو تزييف حقائق أو النفخ في أشياء بسيطة و تحميلها ما لا تحتمل. ولعل آخر ما استجد من “زوابع الفنجان" هذه هو هذا الهجوم الذي شنته بعض الجرائد الالكترونية على الأستاذ كمال بلحركة، بسبب تدوينة له على حسابه الفايسبوكي ساند فيها زميلا له بالجامعة هو الأستاذ محمد همام الذي تعرض هو الآخر لهجوم شرس من طرف الأستاذة نبيلة منيب الأمينة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد والتي اتهمته بعدة تهم تمس سمعته ونزاهته كإنسان وكأستاذ بالجامعة. الأستاذ كمال بلحركة في تدوينته التمس من أحد طلبة الماستر، والذي بالمناسبة هو عضو ومناضل بحزب الأستاذة منيب، أن يدلي بشهادته في موضوع الاتهامات التي طالت الأستاذ همام والجامعة، حيث كتب "كما التمس من الاستاذ ادومغار المناضل بحزب الاشتراكي الموحد وعضو فرعه بأكادير وعضو مجلسه الوطني ونطلب منه موقفا رجوليا لأنه الآن طالب بماستر القانون الدستوري وعلم السياسة الذي يدرس به الزميل محمد همام". الذين هاجموا الأستاذ بلحركة بسبب هذه التدوينة، أولوا كلامه تأويلا بعيدا وغير منصف ولا يقبله أي عقل سليم وقالوا بأن هذه التدوينة تحمل تهديدا مبطنا للطالب، وأن مساره التعليمي مهدد إن لم يقف في صف الأستاذ والجامعة، بل إن منهم من حسب هذا “التهديد” على إدارة الكلية كلها وليس على الأستاذ “بلحركة” وحده ، في إقحام متعسف لا مبرر له، كما جاء في عنوان مقال في الموضوع على موقع الكتروني محلي والذي جاء فيه "إدارة كلية الحقوق بأكادير تهدد طالبا بسبب تصريحات منيب". هذا رغم أن الأستاذ “بلحركة” أشار بما لا يدع مجالا لأي لبس إلى أنه يكتب باعتباره أستاذا وليس بأي صفة أخرى، المتهجمون أيضا لم يدعوا المناسبة تمر دون اللمز في الانتماء السياسي للأستاذ بلحركة، وإطلاق العنان لخيالهم في الربط بين انتمائه (قالوا هو عضو بالعدل والإحسان) وانتماء الأستاذ همام (العدالة والتنمية) وتحليل الأقوال والمواقف على ضوء هذه الاعتبارات الشخصية التي ما كان ينبغي اقحامها في موضوع مهني لا علاقة لها به، وهذا يعود بنا إلى ما توجسنا منه في بداية هذا المقال من أن الجامعة أصبحت ساحة لتصريف الخلاف السياسي والضرب تحت الحزام، وكل ذلك للأسف على حساب الجامعة وسمعتها. لا يفوتني هنا أن أنوه إلى أنه هذه المرة الأولى التي أعرف فيها أن الأستاذ “بلحركة” عضو ب ”العدل والإحسان” (لا أدري إن كان حتى اللحظة هذا الأمر صحيحا)، وفي الحقيقة فإنه لا يهمني شخصيا من قريب أو بعيد أن يكون الأستاذ “بلحركة” أو غيره على هذه الجهة السياسية أو تلك، ولا يغير ذلك بالنسبة إلي شيئا، و لكن ما دام أنني قضيت مدة لا بأس بها بالجامعة، و جمعني على طول هذه المدة علاقة مهنية بالأستاذ “بلحركة” بصفته أستاذا وكذلك مسؤولا إداريا دون أن أنتبه ولو مرة إلى أن هذا الرجل محسوب على هذه الجهة أو تلك، فإن هذه منقبة حميدة يستحق أن يحيّ عليها، ودليل على أن الرجل يعرف حدوده المهنية ويحترمها. وعودا إلى موضوع التدوينة، فإن كل ذي عقل حصيف سيدرك لماذا توجه الأستاذ “بلحركة ” إلى الطالب “ادومغار” بطلب الشهادة في الموضوع دون غيره من الطلاب، فهو فضلا عن كونه طالبا بالجامعة وبشعبة الماستر، ودرس عند الأستاذ “همام” وبالتالي أكيد عنده الكثير من المعرفة والإطلاع بما يجري خصوصا بوحدة الماستر، فإن رأيه كذلك يعتبر شهادة قوية وموثوقا بها، خصوصا عند الأستاذة منيب التي أثارت هذه الاتهامات، على اعتبار أن الطالب “ادومغار” يتقاسم مع الأستاذة “منيب” الانتماء الحزبي والإيديولوجي، مما يجعله أقرب إليها من الأستاذ “همام” خصمها في الموضوع المثار وفي الانتماء الحزبي والإيديولوجي أيضا. إن الأستاذ “كمال بلحركة” بتقديمه للطالب “ادومغار” للشهادة في هذه القضية فإنه يقدم أقصى درجات الضمانة في الحكم العادل، ولو قدم غيره من الطلبة لكانت شهادته مجروحة أو مشكوكا فيها. أما قضية التهديد المزعوم، فإنه زعم فارغ، أولا لأنه ليس سوى محض تأول سقيم، لا يسعفه كلام الأستاذ “بلحركة” وثانيا لأن الطالب “ادومغار” هو أكبر من أن يكون محط تهديد، فهو شخصية سياسية معروفة بالمدينة وإطار بنيابة التعليم بأكادير، وربما حتى يكون طلب الأستاذ بلحركة له هو من باب العلاقة الطيبة التي تجمع الرجلين، فكيف يستقيم تهديد والحال هاته؟ وعلى كل فالتدوينة أخذت أكبر من حجمها وتم تحميلها أكثر مما تحتمل، واتخذها البعض وسيلة للتهجم والطعن في الأستاذ “بلحركة” وربما تصفية حسابات سياسية ضيقة معه، وهو ما يعيدنا مرة أخرى إلى التساؤل والتشكيك إن كان الأمر مجرد تصادف عابر وسوء تقدير من هؤلاء الذين هاجموا الأستاذ “بلحركة ” أم أن الأمر يستضمر سوء نية ويعد عملا ممنهجا للإساءة إلى الرجل وإلى الجامعة.