تنشغل مواقع التواصل الاجتماعي بالجدل الذي أثارته مواقف مشايخ وعلماء ودعاة أصدروا فتاوى ومواقف تعطي قرارات الحصار على قطر صبغة دينية، وهو الأمر الذي رفضه العديد من رواد مواقع التواصل وردوا بقسوة على هؤلاء المشايخ. فبعد أسبوع من بدء الحصار الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين على دولة قطر، كانت الدعاية الإعلامية مكثفة من مئات من وسائل إعلام الدول الثلاث ومصر، لكن الاستخدام الأبرز كان لمواقف مشايخ ودعاة وأئمة مساجد شاركوا في تبرير الحصار بل اعتبار أنه يصب في مصلحة القطريين. ولعل من المفارقات في استخدام هؤلاء المشايخ والدعاة أنها جاءت من حكومات ووسائل إعلام كانت تتهم قطر دائما بدعم جماعات الإسلام السياسي التي تخلط السياسة بالدين، لكن ذات الحكومات وآلاتها الدعائية استخدمت هؤلاء المشايخ وفتاويهم لشرعنة الحصار وخدمة مواقفها السياسية. وتزخر حسابات عدد من المشايخ والدعاة بالفتاوى والمواقف والصور والتغريدات التي تحاول تشريع الحصار واعتباره خدمة للدين الإسلامي ومصلحة للمسلمين في شهر الصيام، لكن الموقف الأبرز جاء من أعلى مرجعية دينية سعودية قدمت ما اعتبره نشطاء على مواقع التواصل شرعنة لحصار قطر. لمصلحة القطريين ونقلت صحيفة الحياة اللندنية عن المفتي العام للسعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ أن "القرارات الأخيرة التي اتخذتها السعودية وعدد من الدول ضد قطر بسبب تمويلها الإرهاب، أمور إجرائية فيها مصلحة للمسلمين ومنفعة لمستقبل القطريين أنفسهم"، مضيفا أن هذه القرارات "مبنية على الحكمة والبصيرة وفيها فائدة للجميع". وشكل هذا الموقف من آل الشيخ ما يشبه الصدمة للعديد من رواد مواقع التواصل الذين انتقدوا فتواه، فقد قارن رئيس تحرير صحيفة العرب القطرية عبد الله العذبة بين موقف آل الشيخ من تأييد حصار قطر، وموقف وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الذي دعا لتخفيف الحصار عن قطر في شهر رمضان. وتساءل المغرد ابن العنقري التميمي "والله شيء محزن، حاجة مخجلة، رمضان شهر العبادة والطاعات قلبوه شهر قطع أرحام ومنع من بيوت الله ولم ترعَ الحالات الإنسانية بما فيها الوفيات". فتوى السديس وفي موقف آخر مساند للحصار، نقلت وسائل إعلام سعودية عن إمام الحرم المكي عبد الرحمن السديس تحذيره من التعامل مع ما وصفها ب"الفئة الضالة والجهات الإرهابية" المصنفة وفقا لما نص عليه البيان المشترك بين السعودية وأربع دول أخرى، في إشارة تأييد ومباركة لقائمة "الإرهاب" التي أعلنتها دول الخليج الثلاث ومصر. وعلق الدكتور باسم خفاجي على ما ذكره السديس بالقول "أرأيتم كيف يمكن أن تكون إماما للحرم وتجعلك الدنيا ظالما ويجعلك الخوف خائنا للقرآن، اللهم ثبتنا". وكعادته في الأحداث الكبرى، لا بد للداعية المصري عمرو خالد أن يترك بصمته، فقد أعلن في موقف لافت قبل يومين "وأنا أساند كل قرارات بلدي مصر تجاه كل من يمس أمنها سواء من حكومة قطر أو غيرها". كفار قريش وهذا الموقف من خالد جاء بعد أن قام بحذف كل تعليقاته على الحلقة الخامسة عشرة من برنامج له تبثه فضائية "أم بي سي" (MBC) السعودية، والتي تحدث فيها عن حصار كفار قريش للمسلمين في شعب أبي طالب، بعد أن هاجمه مغردون سعوديون وإماراتيون اتهموه بأنه يلمز ببلديهما المشاركتين في الحصار، على الرغم من توضيحه أن برنامجه مسجل قبل شهرين. ولعل من أكثر الشخصيات ذات الصبغة الدينية توظيفا في الأزمة الحالية هو إمام مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي وسيم يوسف، الذي يبدو متفرغا في شهر رمضان للهجوم على قطر وكل من يتعاطف معها من المشايخ والدعاة والسياسيين والإعلاميين، إضافة لدوره في برنامج تلفزيوني تبثه فضائية أبو ظبي خصصه كله تقريبا لتطويع نصوص من القرآن والسنة وتفسيرها بما يؤيد مواقف الدول المحاصرة لقطر. وكتب يوسف على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ترويجا لإحدى حلقات برنامجه "من رحيق الإيمان" عنوان "لحى غسلت بأموال القطر"، ورد مغردون على هذه التغريدة، فكتب محمد نزال "ولحى غسلت بأموال الإمارات، كله بالهوا سوى". وتساءل أبو نادر "أريد أن أعلم هل هذا البرنامج ديني أم سياسي"، فردت خويرة بلقادي على التساؤل بالقول "الظاهر سياسي، بقي القليل ويصبح اسم البرنامج من سم السياسة عوض من رحيق الإيمان". التوبة إلى الله الداعية الأردني عضو مجلس النواب محمد نوح القضاة أثار جدلا واسعا في مواقع التواصل، بعدما ظهر في مقابلة على شاشة سكاي نيوز الإماراتية دعا فيها "علماء قطر إلى أن يثوبوا إلى رشدهم ويقولوا كلمة الحق". وعلق عودة الزيدانيين "محمد نوح القضاة يدعو علماء قطر لأن يثوبوا إلى رشدهم ويجددوا البيعة لترمب.. ليته سكت، دعاة في خدمة الطغاة". وتساءل محمد قطيشات عما دعا القضاة علماء قطر إليه، وقال "ما هو الرشد الذي يقصده، ولماذا لم يطلب ذلك من علماء السعودية، وهل حصار بلد عربي مسلم من الرشد في شيء، وإذا كان يطالب بعدم تسييس الدين فلماذا يتدخل في الأزمة لصالح الطرف المعتدي".