ليس من عادتي الذهاب إلى مقهى الإنترنيت لكن فضولي دفعني إلى مغامرة قضاء ساعة في سيبير الحي هذا الفضاء المفتوح والغريب في نفس الوقت، ذهبت ذات مساء أحد فائت فحجزت مقعدا وأبحرت في مواقعي الثقافية المفضلة فهي ملاذي الوحيد في منطقة منسية تعيش تصحرا ثقافيا، كانت بجانبي فتاة شقراء في مقتبل العمر تتكلم بصوت مرتفع و فاقد للحياء و الإحترام في مكان مشترك من لكنتها يبدو أنها تتكلم مع خليجي أزعجت الحاضرين مما دفع بصاحبة السيبير إلى نهرها بصوت مرتفع، فتولد في مخيلتي سؤال مؤرق عماذا يبحث الشباب في الإنترنت؟ في الجهة المقابلة يجلس عادل شاب من لباسه يعطيك الإنطباع بأنه من أصحاب الموضة الجديدة، لباس فضفاض سروال طويل وقميص يحمل رقم 91 و شعرا مشوكا يقرأ أخبار البارصا والريال صديق مدمن للمواقع الرياضية خاصة كرة القدم، اقتربت منه سألته هل تلج المواقع الثقافية والسياسية والتربوية فرد علي لا أحب القراءة، غادرت المدرسة مبكرا، مجنون بالبارصا وأحب الموسيقى الغربية، تحولت من مكاني إلى الجهة الأخرى بحجة أن الجهاز بطيء الإشتغال لكي أواصل فضولي، جلست بجانب شاب آخر صامت وهادئ منذ أن ولجت لم يرفع رأسه، يحملق في شاشة حاسوبه، بمجرد جلوسي قربه أقفل الصفحة خلته كان مبحرا في مواقع إباحية فجأة ارتفع صوت موسيقى شعبية من الجهة الخلفية سيدة في عقدها الرابع تحب سماع الشعبي منذ نصف ساعة تقريبا وهي تطلب من صاحبة السيبير مساعدتها على تحميل أغاني شعبية. أعترف أني وجدت نفسي غريبا وسط هذه الكائنات، صدمت كثيرا لهذا الواقع المر وأنا أهبط في الدرج تساءلت في دواخلي ما الذي قتل روح القراءة في الشباب وتذكرت ما قاله لي شيخ القصة بالمغرب الأديب أحمد بوزفور بحكمته المعهودة في حوار أجريته معه سابقا حيث قال لي : "التكنولوجية الحديثة لم تحجم دور الكتاب في مجتمعاتها الأصلية في أوروبا وأمريكا الذنب ذنبنا نحن وليس ذنب التكنولوجيا". لكن ما يبعث على الدهشة هو علاقتنا مع الكتاب التي أصابها النكوص ونحن نرى هذه المكتبات التي تحولت إلى محلات لبيع السندوتش والبيتزا، ما يحز في النفس أن تدخل مقهى عموميا و تجد لوحة مكتوب عليها بخط عريض "ممنوع القراءة" هل فعلا نحن شعب لا يقرأ شعب استهلاكي بامتياز؟ خرجت من السيبير وسؤال كبير يخترقني من الإرب إلى الإرب: من المسؤول عن قتل الثقافة المجتمع ، الدولة أم الأسرة أم المدرسة أم نحن؟