ينتظر أن تعلن تركيا في وقت لاحق اليوم الأربعاء إجراءات طارئة لمحاولة تعزيز الاستقرار وتفادي الأضرار الاقتصادية في الوقت الذي تواصل فيه عمليات تطهير استهدفت الآلاف من قوات الشرطة ورجال القضاء والقطاع الحكومي والأكاديميين في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة. وقال مصطفى شنتوب العضو البارز بحزب العدالة والتنمية الحاكم والمقرب من الرئيس رجب طيب إردوغان إن الدستور التركي يسمح بإعلان حال الطوارئ لكنه أكد عدم معرفته إن كان هذا الإجراء سيتخذ. وأضاف شنتوب خلال مقابلة على الهواء مباشرة مع تلفزيون (إن.تي.في) أن أي حالة طوارئ تستمر لستة أشهر وأنها لن تؤثر على حياة المواطنين. ودعا لإعادة العمل بعقوبة الإعدام في الجرائم التي تستهدف تغيير النظام الدستوري. وفصلت السلطات أو اعتقلت نحو 60 ألفا من العسكريين وأفراد الشرطة والقضاة والموظفين الحكوميين والمعلمين منذ فشل محاولة الانقلاب وهو ما أثار التوتر داخل الدولة البالغ عدد سكانها 80 مليون نسمة والمجاورة لسوريا التي تعاني الفوضى والحليفة للغرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وسجلت الليرة التركية مستوى قياسيا منخفضا مقابل الدولار بعدما خفضت مؤسسة ستاندرد آند بورز توقعاتها للتصنيف الائتماني السيادي لتركيا إلى "سلبية" من "مستقرة." وقالت ستاندرد آند بورز إنها تتوقع فترة من الغموض الشديد قد تقيد التدفقات الرأسمالية إلى الاقتصاد التركي عقب الانقلاب الفاشل. ومنع الأكاديميون من السفر إلى خارج البلاد اليوم الأربعاء فيما وصفه مسؤول تركي بأنه إجراء مؤقت لمنع خطر هروب المشتبه بأنهم من مدبري الانقلاب من الجامعات. وقال تلفزيون (تي.آر.تي) الرسمي إن 95 أكاديميا أقيلوا من مناصبهم في جامعة اسطنبول وحدها. وقال المسؤول "إن الجامعات ظلت دائما (هدفا) للجماعة العسكرية في تركيا ويعتقد بأن أفرادا معينين هناك على صلة بخلايا داخل الجيش." ويتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان شبكة يتزعمها رجل الدين فتح الله كولن الذي يعيش في الولاياتالمتحدة بالمسؤولية عن محاولة الانقلاب التي وقعت مساء الجمعة وأدت لمقتل أكثر من 230 شخصا بعدما قاد جنود طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر ودبابات تابعة للجيش في محاولة للإطاحة بالحكومة. وتعهد إردوغان بالقضاء على "الفيروس" المسؤول عن مخطط الانقلاب من كل مؤسسات الدولة. وأثار عمق ونطاق عمليات التطهير مخاوف لدى حلفاء تركيا الغربيين من أن إردوغان يسعى لقمع كل المعارضين حتى لو لم يكن لهم صلة بالمخطط. وترأس إردوغان اليوم اجتماعا لمجلس الأمن القومي استمر لخمس ساعات تقريبا. وقالت مصادر رئاسية إن من المتوقع صدور بيان بنتائج الاجتماع يشمل سلسلة من الإجراءات الطارئة بعد اجتماع آخر للحكومة قاده إردوغان في قصره. وفي مؤشر على الهزة التي تعاني منها القيادة التركية بسبب محاولة الانقلاب لم يبلغ الوزراء وكبار المسؤولين حتى الآن بجدول أعمال اجتماعات اليوم. وأعقب المحاولة اعتقال عشرات الجنرالات والمعاونين الشخصيين لإردوغان. وقال مسؤول كبير لرويترز "اجتماع الحكومة على أعلى مستويات السرية لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وسيعطي القصر الرئاسي ملفا لكل وزير قبل الاجتماع مباشرة." وأضاف "الوزراء لا يعرفون حتى الآن الموضوعات التي ستجري مناقشتها." وقال مسؤول كبير آخر إنه منذ فشل محاولة الانقلاب اعتقل نحو ثلث جنرالات تركيا البالغ عددهم 360 جنرالا ممن لا يزالون في الخدمة. وأضاف أنه جرى توجيه الاتهامات إلى 99 جنرالا وهم بانتظار المثول أمام محكمة إضافة إلى 14 جنرالا آخر مازالوا محتجزين. وأفاد تلفزيون (إن.تي.في) بأن وزارة الدفاع تحقق مع جميع القضاة والمدعين العسكريين وأوقفت عن العمل 262 منهم في حين أوقف 900 ضابط شرطة عن العمل في العاصمة أنقرة اليوم الأربعاء. وامتدت عملية التطهير لتشمل الموظفين الحكوميين في وزارتي البيئة والرياضة. وهز الخطر المحتمل لوقوع تركيا في حالة اضطراب لفترة طويلة ثقة المستثمرين. ولم تشهد تركيا عضو حلف شمال الأطلسي محاولة انقلاب عسكري عنيفة منذ أكثر من ثلاثة عقود. وانخفض مؤشر بورصة اسطنبول (إكس.يو. 100) بنسبة ثمانية في المئة حتى الآن هذا الأسبوع ليشهد أسوأ أداء له على مدار ثلاثة أيام متواصلة منذ العام 2013. وقال نائب رئيس الوزراء التركي محمد شيمشك لرويترز اليوم الأربعاء إن الأولوية في الإجراءات التي سيعلن عنها اليوم ستكون لمنع تأثر الاقتصاد. وأضاف أيضا في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أن الإجراءات ستكون مواتية لاقتصاد السوق الحر وتعطي أولوية للإصلاح الهيكلي. * قائد الجيش رفض تأييد محاولة الانقلاب أصيب نحو 1400 شخص حين قاد جنود من الجيش دبابات وطائرات هليكوبتر هجومية وطائرات حربية وقصفوا مبنى البرلمان ومقر المخابرات وحاولوا السيطرة على المطار الرئيسي وجسرين محوريين في اسطنبول مساء الجمعة الماضي. وفي أخطر مراحل محاولة الانقلاب الفاشلة اقتربت طائرتان من نوع (إف-16) بقيادة اثنين من الطيارين المؤيدين للانقلاب من طائرة إردوغان لدى عودته لاسطنبول من عطلة في منتجع ساحلي. وقال إردوغان إنه كاد أن يقتل أو يعتقل. وفي شهادة نشرتها صحيفة حريت وأكدها مسؤول تركي قال ضابط برتبة كولونيل إن مدبري الانقلاب حاولوا إقناع قائد الجيش بالانضمام إليهم في محاولة الإطاحة بإردوغان لكنه رفض. وكان قائد الجيش في ذلك الوقت محتجزا من قبل مدبري الانقلاب. وقال الضابط في شهادته أيضا إن خططا وضعت لاعتقال إردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم ووزراء وقادة وجنرالات بارزين في ليلة الانقلاب الفاشل. وعبرت دول غربية حليفة عن تضامنها مع الحكومة في وجه محاولة الانقلاب لكنها أيضا عبرت عن قلقها من حجم وسرعة الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع ما جرى وطالبتها باحترام القيم الديمقراطية. وأغلقت السلطات أمس الثلاثاء وسائل إعلام اعتبرتها مؤيدة لكولن. وأوقف عن العمل أكثر من 20 ألف معلم وإداري في وزارة التعليم. وعزل مئة من ضباط المخابرات و492 من إدارة الشؤون الدينية و257 من موظفي مكتب رئيس الوزراء و300 من وزارة الطاقة. وجاءت تلك الحطوات بعد اعتقال أكثر من ستة آلاف من عناصر الجيش بين جنود وقادة ووقف نحو ثلاثة آلاف من القضاة والمدعين. وفصل من العمل أيضا قرابة ثمانية آلاف ضابط شرطة بينهم عناصر كانت تعمل في أنقرةواسطنبول. وقال الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة أمس الثلاثاء إنه "قلق للغاية" من قرارات الإيقاف عن العمل الجماعية ضد قضاة ومدعين وحث تركيا على السماح لمراقبين أجانب بزيارة المعتقلين. وقالت وزارة الخارجية إن الانتقادات الموجهة للحكومة ترقى لمستوى دعم محاولة الانقلاب.