بلغت نسبة تلوث المياه في قطاع غزة 97%، وهي معلومة بمثابة جرس إنذار خطير أطلقه مسؤول محلي في غزة، إذ يعتبر تسرب 90 ألف لتر من مياه الصرف الصحي سنوياً إلى المياه الجوفية، أهم مصادر تلوث المياه في القطاع. والحديث هنا عن إشكالية واضحة وملموسة لدى جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، من مواطنين ومزارعين ومتلقي الخدمة ومزوديها، إلا أن أحداً لم يتوقع أن تُشير النتائج إلى تلوث المياه الجوفية بنسبة 97%، لتنهي الأمل لدى المؤسسات الفلسطينية العاملة في مجال تحلية المياه. وأرجع خبراء المياه في غزة، الأسباب المؤدية لذلك إلى نقص الموارد المائية وعجزها عن تلبية احتياجات المواطنين، فضلاً عن نقص المياه المغذية للخزان الجوفي لأسباب كثيرة ومتنوعة، تبدأ من الاحتلال ولا تنتهي عند ازدياد نسبة الاستهلاك في الآونة الأخيرة، نتيجة تزايد عدد السكان وزيادة الاهتمام بالقطاع الزراعي. ولكن الفحوصات التي أُجريت على عينات المياه في مختلف المناطق في غزة، التي تعتبر من أكثر مناطق العالم اكتظاظا بالسكان، أكدت تلوثها وعدم صلاحيتها للاستخدام كونها تتنافى مع المعايير الدولية التي حددتها منظمة الصحة العالمية، ولاسيما فيما يتعلق بنسبة "الكلوريد" التي ارتفعت بنسبة مذهلة عن الحد الأقصى الذي سمحت به المنظمة، ناهيك عن ارتفاع تركيز النيترات في معظم آبار القطاع. حياة مستحيلة وكان تقرير متخصص للأمم المتحدة نشر سابقا، كشف عن أن غزة بعد 7 سنوات سيكون من الصعب العيش بها، بسبب تناقص كميات المياه التي هي أساس الحياة. وقد أثر تلوث المياه بنتائجه السلبية على صحة المواطن الفلسطيني في غزة، فانتشرت الأمراض المتعلقة بالجهاز التنفسي والأمراض الجلدية، وكثير من أمراض العين والتهابات المعدة والأمعاء وغيرها. وحذر رئيس قسم الكلى في مستشفى الشفاء في غزة، عبد الله القيشاوي، من أن "هناك زيادة في عدد مرضى الفشل الكلوي، ناتجة عن تلوث المياه خاصة في ظل ظروف الحصار الحالي". ومن ناحيته، رأى مدير عام مصلحة بلديات الساحل منذر شبلاق، أن القطاع الذي يبلغ عدد سكانه نحو مليوني فلسطيني "مقبل على كارثة مائية وبيئية فعليا"، موضحاً أن "نسبة الملوحة في المياه في ارتفاع دائم، ومياهنا باتت لا تصلح للاستخدام الآدمي، ولا حلول في ظل الحصار الإسرائيلي، خاصة في ظل عدم وجود محطة صرف صحي بالكفاءة المطلوبة". كارثة مائية ومن جهته، قال مسؤول قسم المياه في منظمة اليونيسف، المهندس زيدان أبو زهري، "إننا مقبلون على كارثة مائية، إن لم تكن في هذه السنة ستكون في السنوات الثلاث المقبلة". وأوضح أبو زهري، أن القطاع "يعتمد بشكل كامل على الخزان الجوفي، الذي يتم شحنه من مياه الأمطار بمعدل 60 مليون متر مكعب في السنة، لكن يتم سحب 180 مليون متر مكعب سنويا ليكون العجز في الخزان سنوياً بنحو 120 مليون متر مكعب". معتبرا أن أحد الحلول لهذه المشكلة الخطيرة هو "اللجوء إلى تحلية مياه البحر لنوقف السحب الجائر من الخزان الجوفي" .