د. طارق جبل تعود كثير من الناس على وصل ممارسة الرياضة بمختلف أنواعها في رمضان بعد طول انقطاع. لكنهم غالبا ما لا ينتبهون عن جهل أو تجاهل إلى مجموعة من المبادئ التوجيهية المتعلقة بمزاولة الرياضة، خصوصا في شهر تعقد فيه تبعات الصيام على أيض وفيزيولوجيا أعضاء الجسم المختلفة علاقة التغذية بالجهد البدني. فيفوق ضرر الرياضة نفعها، وقد تزيد أضرارها وتتفاقم لتؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. لذا وجب التنبيه إلى مجموعة من الشروط الأساسية لمزاولة الرياضة في رمضان، مع التحذير من بعض الممارسات الفولكلورية التي من شأنها أن تعرض صحة الصائم لمخاطر محققة. أولا، ضرورة العودة التدريجية إلى مزاولة الرياضة. كثير ممن تربطهم بالرياضة شعرة -بل وحتى بعض الرياضيين المحترفين- يحاولون أن يصلوا مستوى مزاولتهم للرياضة من حيث قطعوه، مع الإمعان في الرفع من وتيرة التمارين وحدتها بغرض تعويض ما فات في أقرب أجل. فتكون النتيجة الحتمية أن يتسببوا في إصابات رياضية متنوعة الخطورة توقفهم عن مزاولة الرياضة لفترة أطول. لتفادي مثل هذا السيناريو، تصف قاعدة بسيطة في الطب الرياضي تدعى "قاعدة 10%"، طريقة للتدرج في مزاولة التمارين الرياضية بعد فترة من الانقطاع. تنصح هذه القاعدة بالزيادة في النشاط الرياضي جهدا ومدة وصعوبة بقدر لا يتعدى نسبة 10% في كل أسبوع. ثانيا، اختيار الوقت المناسب. ينصح بتقريب موعد النشاط الرياضي أثناء الصيام من ساعة الإفطار بقدر الإمكان (بساعة أو ربما ساعتين قبل موعد الآذان) بغرض تعويض ما يكون الجسم قد بدده عن طريق العرق من ماء وأملاح (الصوديوم على وجه التحديد) في أقرب فرصة. وقد يكون من الأحسن تأجيل موعد الرياضة إلى ما بعد صلاة التراويح أو قبل السحور (إذا أمكن) حتى تسهل عملية إعادة الإماهة أثناء مزاولة التمارين الرياضية وفي ظروف نسبة سكر مرتفعة في الدم تسمح ببذل مجهود بدني شاق. ثالثا، فقدان الوزن وجفاف الجسم. يقرر بعض الناس إصابة عصفورين بحجر واحد في رمضان، فيعتبرونه شهر صيام وحمية. منهم من يتقيد بإعلانه لهاته المبادئ الشريفة، ومنهم من لا يحترم نفسه بعد أن تدق ساعة الإفطار لينسى موضوع الحمية كليا، ليكتشف يوم العيد -أو ربما قبله- أن وزنه قد زاد بدل أن ينقص. تزيد المسألة تعقيدا عندما يقرر الصائم ربط الحمية بمزاولة الرياضة. و نستعيد من ذاكرتنا الجماعية في هذا الباب صورة كاريكاتورية لرجل سمين يتصبب عرقا وهو يهرول لماسافات ماراتونية على أرصفة شوارع المدينة وعلى طول الكورنيش في رمضان -وفي غير رمضان- وقد ارتدى معطفا ثقيلا، يستحب أن يكون بلاستيكيا أو مصنوعا من بعض الألياف البوليمرية... صحيح أن مثل هذه الممارسات الشعبية تتسبب في فقدان الوزن بصورة دراماتيكية بعد كل نشاط رياضي -وقد نكون أقرب إلى الصواب، إذا قلنا بعد كل عملية انتحارية. لكن الوزن المفقود لا يترجم إلا نسبة جفاف الجسم، لأنه من المستحيل أن يوافق ما يكون قد أحرقه الجسم من دهون في مثل هذه المدة الوجيزة نسبيا مهما طالت. لذا ينصح بتحديد الوزن قبل وبعد التمارين الرياضية -وخاصة الشاقة منها- لتعويض الفارق بإعادة الإماهة، بشرب مقدار 750 مل من الماء عن كل 500 غ تقريبا. رابعا، مراعاة تغذية متوازنة، في رمضان أكثر من أي وقت مضى. تجنب الدهون المشبعة والمهدرجة أو الإفراط في الملح والسكريات، مع تفادي الوجبات السريعة -عديمة القيمة الغذائية - والحرص على تناول خمس حبات من الخضر والفواكه وشرب لترين من الماء في اليوم الواحد على الأقل. خامسا، آخر الشروط ولعله أهمها، مراجعة الطبيب قبل الإقدام على ممارسة الأنشطة الرياضية المجهدة -في رمضان وفي غيره- بالنسبة لمن يعانون من حالات مرضية ، نذكر منها داء السكري وأمراض القلب والشرايين على سبيل المثال لا الحصر.