مما لا شكّ فيه أنَّ قرارَ إعفاء الجنرال القوي "حدو حجار" ،مسؤول القوات المُساعدة بالمنطقة الشمالية، من مهامه وإحالته على التقاعد، وتعيين "حسن التايك" لخلافته في المنصب ذاته بعد أن تمَّت ترقيته من رُتبة كولونيل ماجور إلى رُتبة جنرال ؛شكَّل حدثاً بارزاً تناولته وسائل إعلامٍ مغربية متنوعة، كما شكل مادة خام تم تداولها على نطاقٍ واسعٍ لدى مُختلف الفئات الشعبية المغربية. ولعل ما أعطى للحدث أهمية بالغة ،على ما يبدو ،ليس صُدور قرار الإحالة على التقاعد في حق الجنرال القوي وتعيين "التايك" رجل الإستخبارات العسكرية مكانه ،وإنما للظروف العامة التي أحاطت بالقرار. فإذا كانت الكثيرُ من التحليلات والمقالات الصحفية المنشورة قد ربطت ربطاً وثيقاً بين إحالة "حدو حجار" على التقاعد وحادثة انتحار شاب سيدي بطاش إثر حلاقة شعره بالقوة من طرف القائد "طارق حجار" نجل الجنرال القوي ،فإن في ذلك نوع من التسطيح وسوء فهم وتقدير خاطئ للأحداث ؛وهنا أتساءل: هل يُعقل أن يُعاقب الجنرال بفعلة نجله ؟ بمعنى آخر هل الشطط في استعمال السلطة من طرف القائد والذي أفضى إلى إنتحار الشاب فيما بعد، يدفع ثمنه الجنرال الأب؟ يُخيل إلينا أن الأمر لا يستقيم وبالتالي فإن القول بإعفاء الأب بسبب قضية نجله أمرٌ مُجانب للصواب. وإذا ربطت مصادر إحالة الجنرال "حدو حجار" على التقاعد بسبب تجاوزه سن التقاعد وضرورة ضخ دماء جديدة في الجهاز، بالنظر إلى المسؤوليات الجديدة التي أضيفت إليه، بناء على التعليمات الملكية بشأن إسناد مهمة التنسيق الأمني إلى الولاة والعمال وإدماج القوات المساعدة ضمن الحملات الأمنية، فإن مصادر أخرى ذهبت أبعد من ذلك وقالت أن صدور قرار إحالة الجنرال "حدو حجار" على التقاعد له ارتباط وثيق بتراكمات ل "تجاوزات" و"قضايا فساد وشكاوى كثيرة". ومهما تعدد التأويلات بشأن إقالة الجنرال الصّلب، فإن حزم وزارة الداخلية في مواجهة شطط القائد بعد واقعة انتحار الشاب، يؤكد أن أمور كثيرة تغيرت، سيما أن الأمر لم يعُد يقتصرُ على تحقيق لوزارة الداخلية، بل امتدَّ إلى النيابة العامة وتحقيق الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.