شدد السيد بنكيران في كلمته أمام أعضاء الفريق البرلماني لحزبه يوم الخميس 4 أبريل 2014 خلال لقاء تواصلي معهم على ضرورة الوفاء بالعقود والعهود حيث استشهد في هذا الإطار بقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " وبقوله تعالى " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم".كما حذر في السياق ذاته أعضاء فريق حزبه من اتباع الهوى وعدم الوفاء بالعهود حيث نصح من يريد أن يفعل ذلك أن يعمل بشكل مستقل بناء على إمكانياته أو يرحل إلى حزب آخر. ويستشف من كلمة السيد بنكيران أنه وضع خطا أحمر أمام العقود والعهود التي حذر أي عضو من الفريق البرلماني لحزبه أن ينقضها وإلا فإن مصيره الرحيل عن الحزب و العمل بشكل مستقل . ولا ريب أن كلام السيد بنكيران جميل ولا يسعنا إلا أن ننوه به ونثمنه ، لكننا إن سلمنا بأن ذلك الخطاب صادر عن قناعة شخصية ومسنود بمرجعية إسلامية فإن على قائله أن يكون أول من يحرص على احترامه والإلتزام به حتى ينآى بنفسه أولا عن شبهة من ينهى عن خلق ثم يأتي بمثله وحتى يجنب نفسه ثانيا من السقوط في المقت امتثالا لقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" . نعم إن على الأمين العام لحزب المصباح أن يفي أولا بالعهود والعقود التي التزم بها سواء خلال الحملات الإنتخابية أو في خضم تدبيره لشؤون البلاد والعباد، . ولعل من بين تلك العقود محضر 20 يوليوز الذي وقعه ممثلو الدولة المغربية مع الدفعة الثانية من الأطر العليا المعطلة ،وهو العقد الذي التزم السيد بنكيران بتنفيذه ثم ما لبث أن تراجع عن التزامه ليزج بالمعطلين المحضريين في أتون معاناة رهيبة ما تزال فصولها مستمرة حتى اليوم . ولأن السيد بنكيران شدد من خلال كلمته السالفة الذكر على ضرورة الوفاء بالعقود وبرأ الفريق البرلماني لحزبه من كل عضو قد يسول له ضميره أو هواه نقضها فإن على السيد بنكيران أن يلتزم بما قاله و يرحل من حزبه مادام قد أخل بالتزامه بتنفيذ محضر 20 يوليوز . إن على السيد بنكيران أن يعلم بأن مختلف أرشيفات المنابر الإعلامية الإلكترونية والورقية والسمعية والبصرية تتوفر على تصريحات وشهادات متناقضة أدلى بها في العديد من المناسبات ، بعضها التزم من خلالها بتنفيذ مقتضيات محضر 20 يوليوز وأخرى كرست جنوحه نحو الإخلال بها . ولعل تلك الشهادات تجسد الفجوة بين القول والفعل لدى السيد الأمين العام لحزب المصباح ، بل لدى العديد من أعضاء حزبه الذين تبنوا موقفه وأبوا إلا أن يطبلوا ويزمروا لقرار تراجعه عن تنفيذ محضر 20 يوليوز بالرغم من أن ذلك القرار المجحف نغص على المحضريات والمحضريين حياتهم وترك غياهب المعاناة والإنتظارية تلفهم . ونعتقد أننا لا نعدو الحقيقة إن زعمنا أن ملف معطلي المحضر قد فضح من جانب ازدواجية الخطاب لدى بعض قادة البيجيدي ، كما كشف من جانب آخر أن ما تلوكه الألسن من كون حزب المصباح يمتح سياسته من مرجعية إسلامية هو مجرد شعارات انتخابوية أعدت للإستهلاك والتسويق السياسي ليس إلا ،ذلك أن المرجعية الإسلامية بريئة براءة الذئب من دم يوسف من التنكر للعقود والإخلال بالمواثيق والعهود ، وليس في المرجعية الإسلامية ما يبيح تحت أية ذريعة الإجهاز على حقوق موثقة لعدد من عباد الله المستضعفين . ولكن هاهي شمس الإنصاف تأبى بفضل القضاء المغربي المستقل إلا أن تشرق لتبدد ظلمة الإجحاف ولتكشف للجميع مظلومية معطلي المحضر. نعم لقد أقرت المحكمة الإدارية بالرباط قبل قرابة سنة بقانونية المحضر، لكن السيد بنكيران لم يف بوعده الشهير بتنفيذ الحكم ، وهو الوعد الذي كان قد أطلقه يوما تحت قبة البرلمان أمام نواب الأمة ، بل إنه أصر على رفع القضية إلى محكمة الإستئناف الإدارية ليترك المحضريين مرة أخرى تحت رحمة الترقب والإنتظار . الآن تكاد سنة تنطوي منذ صدور الحكم الإبتدائي دون أن يلوح في الأفق ما يؤشر على دنو موعد الفصل في قضية المحضريين الذين ازدادت أوضاعهم المادية والمعنوية سوءا وتدهورا . لكنهم بالرغم من كل ذلك فإنهم ما فتئوا يعربون عن إيمانهم المتين بعدالة قضيتهم و باستقلالية القضاء المغربي ، كما أنهم يمنون من جانب آخر أنفسهم بتسريع الحسم في ملفهم انسجاما مع مقتضيات الفصل 120 من الدستور الذي ينص على" أنه لكل شخص الحق في محاكمة عادلة وفي حكم يصدر داخل أجل معقول " ، غير أن العديد منهم لم يخفوا في المقابل توجسهم من محاولة السيد بنكيران اللعب على عامل الوقت من أجل التملص من هذا الملف في أفق تصديره إلى حكومة ما بعد الاستحقاقات التشريعية المقبلة .