اعتبر نتنياهو الوزير الأول للدولة العرقية لإسرائيل اتفاق الدول الغربية مع ايران بخصوص الملف النووي، بأنه خطأ تاريخي ، والحال أن الخطأ التاريخي هو بالذات، قيام ما يسمى بالدولة اليهودية دولة على أساس ديني وعرقي لقوم يعتنقون اليهودية ولا غير ذلك يجمعهم فوق أرض فلسطين وتشريد شعبها والتنكيل به عبر الفترة الزمنية التي قامت فيه دولة إسرائيل منذ 1948. هذه الدولة تقوم في أسسها الفكرية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية على الحرب وتعيش عليها ،بل أكثر من ذلك لن تجد كينونتها إلا من خلال صناعة الحرب ،مما جعل منها قوة عسكرية في منطقة الشرق الأوسط ، تضرب كل توجه نحو الديموقراطية والتقدم لشعوب تسعى للأمن والرخاء ، لذا نجد اسرائيل هي القوة الضاربة لكل تململ ينحو تجاه الانعتاق من أنظمة استبدادية بالرغم من العداء المعلن بينها لكن الدعم المتبادل بين الأنظمة الدكتاتورية بالمنطقة غير خاف على المتتبعين وغيرهم وما مثال النظام السوري سوى الحالة القريبة لنظام لم يحرك ساكنا تجاه استرداد الجولان منذ 1973 ولما اراد الشعب التحرر من فردانية حاكم لا يرحم الأطفال (11الف طفل قتل وفق مجموعة التحقيق أوكسفورد البريطانية منذ 2011 ) ولا أي أحد ، سوى امتلاك ترسانة سلاح فتاكة من طيران ودبابات وأسلحة كيمائية لم تفزع يوما إسرائيل لأنها مطمئنة لنظام أسد على الشعب وقطة هادئة على إسرائيل التي تحمل تاريخا في المجازر وما دير ياسين وصبرا وشاتيلا إلا بعضا منها. إسرائيل خطأ تاريخي ساهمت في ارتكابه بريطانيا بوعد بلفور واستمرت في دعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية لحماية مصالحها الطاقية بالرغم من الأنظمة العربية المحيطة بإسرائيل منحت كل أوراقها الدبلوماسية لأمريكا عبر اتفاقيات كامب ديفيد واتفاقية أوسلو واتفاقية العقبة. ولم تعد قضية فلسطين ولا شعب فلسطين يشكلان من القضايا الأساسية للأنظمة العربية التي كانت تستعملهما لكسب الشرعية من جهة وتغطية مشاكلها الداخلية ، بل ومع تطور الأحداث أصبحت القضية الفلسطينية في شبه عالم النسيان، فالضفة الغربية وغزة كل في عزلته والمحتل الإسرائيلي يزيد في التفرقة والتعنت بممارساته الاستيطانية وبناء الجدران والتضييق في المعابر وتكريس سياسة الأبارتايد على مرأى ومسمع من العالم ومنظمته الأممية التي لم تساهم في حل مشكلة فلسطين التي ظلت تراوح مكانها 65 سنة . إن إسرائيل تراكم تاريخا من العنصرية بسياستها لتجد نفسها أمام أجيال من القنابل الموقوتة التي ستنفجر تحت أقدامها طال الزمن أو قصر ، لأنها لا تعرف سوى القتل والاغتيالات لتبقى هي الخطأ التاريخي الذي لا يمكن إصلاحه إلا بإزالت العقلية العنصرية من أبنائها وتغيير مناهج تعليمها من مناهج ذات بنية حربية عدائية وعنصرية الى مناهج تتوخى السلم والتعايش مع شعوب المنطقة . . إن وقوف حكومة الكيان الصهيوني ضد اتفاق القوى العظمى مع إيران بشأن الملف النووي ينم عن غطرسة هذا الكيان واستهتاره بالنظم الدولية وقيمها بل هذا دليل على أن هذا الكيان العنصري خطأ تاريخي على القوى المحبة للسلام وعلى العالم تصحيحه، فلما نجد هذه الكتلة العسكرية تتحرك بحرية وبدون رادع أخلاقي ولا مادي لتدمر المفاعل النووي العراقي سنة 2007 وآخر في سوريا، ولما تضرب مصنعا للأدوية في السودان وتغتال أبو نضال في تونس ، وتسمم ياسر عرفات وخالد مشعل قبل ذلك وتغتال أحمد ياسين بفعل إجرامي ، والعالم كله غارق في صمته ، ينظر لهذا الكيان بريبة تارة ولا يعرف ما هو تصرفه المقبل تارة أخرى وكأنه قدر محتوم ، فالتاريخ علمنا أن هتلر وميسوليني وفرانكو وستالين كلهم صاروا في مزبلة التاريخ لأنهم كانوا خطأ تاريخيا كما هي عليه إسرائيل اليوم . بأي منطق يتحدث بنيامين نتنياهو بأنه "لا يمكنه التزام الهدوء بينما الغرب يسرع الى توقيع اتفاق مع ايران سيكون كارثيا" . إسرائيل وحدها لها الحق في امتلاك السلاح النووي والدول المجاورة لها لا يمكنها أن تطور مفاعل نووية ولو لأغراض مدنية محضة و سلمية، ذلك هو الطغيان بعينه والعجرفة ذاتها ، ولكن كل ذلك تولد من خلال سنوات الدعم غير المشروط من قبل الدول الغربية لكيان سينقلب يوما عليهم ويهددهم في عقر ديارهم ، وما صعود لهجة عساكر صهيون أخيرا في وجه القوى العظمى إلا بداية ذلك التمرد سنرى مستقبلا تزايد التهديد والفعل القريب سيظهر . تلك فرصة تاريخية للشروع في تصحيح الخطأ التاريخي الذي سمح بإنشاء دولة إسرائيل التي تقوم على ركيزة عرقية ودينية. وإلا ستصبح المنطقة كلها نارا مشتعلة ستصل عمق الدول الغربية المتمادية في دعم كيان يقوم على جسد حضارة شعب عريق في التاريخ ومسالم يحب زراعة الزيتون ويلوح بغصنه في رمزية لا مثيل لها في حياة الشعوب وفي انفتاحه للتعايش والتسامح مع الغير بشكل يبين مدى تحضر وتمدين الشعب الفلسطيني الذي حولته الآلة الحربية الإسرائيلية الى لاجئين ومشتين عبر دول العالم. .
هل سيتم تصحيح الخطأ التاريخي من قبل شعوب العالم المحبة للسلام ووضع حد لوهم الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط واصطفاف الدول الغربية وراء كيان سيكون في المستقبل القريب سببا مباشرا في ردم تقدمها وإضرام النار في كل منجزاتها الصناعية والاقتصادية ؟ إن اتفاق الدول الغربية مع إيران خطوة مهمة نحو السلام وعودة الوعي لمسؤولي الدول الغربية واستيقاظ شعوبها من المخدر الإسرائيلي ، ولحظة مهمة في كشف الحقائق في ملف الشرق الأوسط وبالخصوص القضية الأم فلسطين ، لأن بدون حل هذه القضية فإن العالم وتلك المنطقة بالخصوص لن تعرف الاستقرار وبالتالي كل مصالح الدول الغربية ستكون في" كف عفريت" . .