طالبت منظمات حقوقية مغربية فرنسا بتقديم اعتذار رسمي للمغرب، بسبب ما لحق المغاربة من مآس إنسانية عديدة إبان حقبة الاستعمار التي دامت نحو 43 عاما. ودعت المنظمات إلى ضرورة أن تقوم فرنسا بتعويض المغرب عما حدث من استغلال ونهب لثرواته طيلة سنوات الاحتلال، من خلال تحملها سداد الديون الخارجية للمغرب. وتأتي مطالب هذه الجمعيات الحقوقية في وقت زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند للمغرب كأول زيارة رسمية له للبلاد يومي 3 و4 ابريل/نيسان، حاملا معه في حقيبته ملفات سياسية واقتصادية هامة تعلوها تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، علاوة على تأكيد موقف باريس من قضية الصحراء المغربية. انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وقال عبد السلام أديب، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع الرباط، في تصريحات للعربية نت بأن فترة الاستعمار الفرنسي الغاشم للمغرب اتمست بكثير من الاستغلال للإنسان وللخيرات والثروات، دون إغفال ما ارتكبته فرنسا حينها من عنف فادح وقهر للمواطنين المغاربة لإذلالهم وإخضاعهم. واستطرد أديب بأن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي أكبر المنظمات الحقوقية بالمغرب، تطالب فرنسا بتقديم اعتذار علني للمغاربة عما اقترفته يداها خلال فترة الاستعمار، وما تسببت فيه من حروب في الصحراء وفي منطقة الريف والمنطقة الشرقية من إبادات فظيعة للأرواح، وتحويلها المغاربة إلى عبيد يشتغلون في الأراضي والمزارع. وأشار المتحدث إلى استخدام فرنسا للكثير من المغاربة في الحرب العالمية الثانية في اوروبا وآسيا، الشيء الذي أفضى إلى إزهاق العديد من الأرواح، مضيفا بأن كل هذه الأحداث دليل على العدوانية المفرطة التي ارتكبتها السلطات الفرنسية إبان الاستعمار في حق ملايين المغاربة. وطالب أديب فرنسا بأن تبادر إلى جبر الضرر الذي لحق المغاربة بسبب مآسي الاستعمار الذي خلف خسائر جمة، وبأن تقدم للمغرب تعويضات عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي اقترفتها في الماضي، سواء السياسية والمدنية أو الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الناتجة عن هذه المرحلة. وحول مدى تأثير مثل هذه المطالب على فرنسا إلى حد دفعها لتقديم اعتذار رسمي للمغرب وتعويضه عن فترة الاستعمار، أفاد أديب بأن هذه الدعوات تعتبر بمثابة "حركة سياسية ناضجة يطالب بها المجتمع"، لافتا إلى أنها "مطالب ستؤتي أكلها مع مرور الوقت لواقعيتها واستنادها على اسس قانونية وحقوقية ومنطقية".
إلغاء ديون المغرب ومن جهتها طالبت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، العضو في منظمات وشبكات دولية لحقوق الإنسان، فرنسا بالاعتذار للشعب المغربي مع تقديم التعويض عن سنوات الاستغلال والاستعمار، من خلال إلغاء ديون المغرب الخارجية، وبأن تتحملها فرنسا كبلد مستعمر مسؤول بشكل أو بأخر عن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب". وزادت الجمعية ذاتها، بأنه "من حق الشعب المغربي أن يطالب بحقه في التعويض عن مآس عاشها أجداده وآباؤه، والبعض ممن لا يزالون يعايشون هذه الأجيال"، مضيفة بأنه "من الناحية القانونية تعد المطالبة بالتعويضات حقا مشروعا تضمنه القوانين الدولية". وتابعت المنظمة الحقوقية بأنه "من غير الممكن أن تمر أكثر من 57 سنة بعد الاحتلال دون اعتراف بالمسؤولية عن القتل والاغتيالات والنفي والسجون، ونهب الخيرات، والأضرار الجسيمة التي لحقت بالمغاربة من جميع النواحي، حيث يستوجب ذلك تعويضا، مثلما طالب الغرب بحقه في التعويض من ألمانيا النازية، ونال هذا الحق". وخلص بلاغ الجمعية إلى أنه "من حقنا كذلك كمغاربة تعرضت بلادنا للاستعمار في المطالبة بحقوقها، وهو حق لن ينازعنا فيه أي كان، ويجب أن تمتثل فرنسا وغيرها من الدول الاستعمارية إلى القانون، وهي المعروفة بدولة القانون وحقوق الإنسان"، على حد تعبير البلاغ.|