بعد أن قررت الحكومة الجزائرية أواخر شهر شتنبر الماضي إعادة العمل الفوري بالإجراء الخاص بضرورة الحصول على تأشيرة الدخول إلى أراضيها الوطنية لجميع المواطنين الأجانب الحاملين لجوازات سفر مغربية، توقع مراقبون أن الرد المغربي سيكون مختلفاً تماماً عن خطوة النظام الجزائري، الذي يبدو أنه يلعب آخر أوراقه أمام التفوق الدبلوماسي المغربي بقيادة الملك محمد السادس الحكيمة والرشيدة. وتأتي هذه التوقعات المدروسة من جميع النواحي بناءً على أن المملكة المغربية مقبلة على استضافة مناسبات قارية وعالمية، من قبيل كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، حيث سيظل باب المغرب مفتوحًا للجزائريين، ليشاهدوا عن قرب الكرم المغربي، وكذلك ليروا ما لا يريد النظام الجزائري أن يطلع عليه الجزائريون من تطورات مذهلة على جميع المستويات. هذا، وليست هذه المرة الأولى التي يتجاهل فيها المغرب التعليق على قرارات صادرة عن الجزائر، فاللامبالاة المغربية تجاه العبث تبقى أفضل رد، بدءًا من قرار قطع العلاقات الدبلوماسية إلى قرار وقف ضخ الغاز إلى إسبانيا عبر الأراضي المغربية ثم قرار إغلاق المجال الجوي أمام الطيران المغربي. وفي هذا السياق، كان الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو البيان الصحفي المقتضب الصادر عن وزارة الخارجية المغربية بشأن القرار الجزائري الأحادي الجانب بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب (يوم الثلاثاء 24 غشت 2021)، عندما تحدث وزير الخارجية الجزائري السابق، رمطان لعمامرة، خلال مؤتمر صحفي عن "الأعمال العدائية التي تقوم بها الرباط منذ فترة طويلة وحتى الآن" لتبرير قرار قطع العلاقات الذي اتُّخذ منذ فترة طويلة. واقتصرت السلطات المغربية بعد ذلك على القول بأنها أخذت علماً بالقرار، وأنها تأسف لاتخاذه وترفض المبررات الواهية التي استندت إليها السلطة الجزائرية، مع التأكيد على أن المغرب "سيظل شريكاً صادقاً ومخلصاً للشعب الجزائري وسيواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية سليمة ومثمرة." وتجدر الإشارة إلى أن المغرب كان قد ألغى فرض التأشيرة على المواطنين الجزائريين في عام 2004 بعدما كانت سارية منذ عام 1994، حيث فرض المغرب التأشيرة على الجزائريين في 1994 بعد هجوم مسلح استهدف فندق "أسني" في مراكش، واتهمت الرباط حينها أجهزة الاستخبارات الجزائرية بالتورط في العملية، فردت الجزائر بإغلاق حدودها مع المغرب. من جهة أخرى، حذرت عدة أصوات من أن السماح بدخول المواطنين الجزائريين إلى الأراضي المغربية بدون تأشيرة سيفتح الباب أمام مندسين للإساءة للمملكة، خاصة وأن المغرب مقبل على استضافة أحداث قارية وعالمية بارزة.