لا حديث بين المغاربة قاطبة هذه الأيام إلا عن الغلاء الذي يطال كل السلع والحاجيات الضرورية. وما تكاد تخرج من زيادة حتى تتفاجأ بالأخرى، أصبحنا نعيش حياة مليئة بالمفاجآت المعيشية، تمسي على واحدة وتصبح على أخرى، اخرهم الزيادة في قنينة الغاز دون مراعاة الظروف المعيشية للمواطن المغلوب على أمره. فبعد أن استبشر هذا الأخير خيرا بالدعم الاجتماعي لبعض الأسر، لم تدوم فرحته طويلا مع الحكومة بالزيادات وغلاء أضاحي العيد بشكل غير مسبوق منذ سنوات. غلاء لا تضاهيه منحة الدعم التي لا تتجاوز 500 درهم، وثمن خروف العيد بين 3000 و 8000درهم. بينما دخل الموطن لا يتجاوز ربع ذلك، وأحيانا أقل بكثير. فكيف سيساير هذا الغلاء الصاروخي وهو مقبل على استقبال الصيف وبعده الدخول المدرسي؟ فبئس المشكل الغلاء. فالأول في حاجة إلى مصاريف السفر والتنقل وزيارة الأحباب والأقارب، وقضاء عطلة الصيف في المنتزهات والشواطئ والتجوال عبر المدن المغريية، أو خارج المغرب لمن استطاع إلى ذلك سبيلا، من أجل الاكتشاف والراحة وتجديد الثقة لاستقبال موسم دراسي جديد. وذلك يتطلب ميزانية أعدت من قبل لهذا الغرض، رغم أن ذلك من المستحيلات وسط الغلاء والزيادات المتواصلة. أما الثاني (الدخول المدرسي) فهو الهاجس الأكبر للأسر المغربية خاصة البسيطة والفقيرة أمام ارتفاع أثمنة الكتب واللوازم المدرسية وتوقف برنامج مليون محفظة، وهو ما سيزيد من جرح المغاربة الذين يعولون على التعليم وتدريس أبنائهم كالسبيل الوحيد والأوحد لإنقاذهم من الفقر والتهميش والبطالة. فضلا عن الزيادة المستمرة بين الفينة والأخرى في رسوم التسجيل والواجب الشهري في المدارس الخصوصية، دون أخذ بعين الاعتبار ظروف ومعاناة الأسر المغربية مع صعوبة الحياة في جميع المجالات. وهو الأمر المرفوض لدى البعض منهم ولا من يسمع صوتهم "يلا مبغيتيش دي ولدك شي مدرسة اخرى ولا العمومي" أو ترديد قول وزير التعليم العالي السابق: "لبغا اقري ولدو اضرب يدو فجيبو" . بينما هناك فئة أخرى تتريث في التفكير قبل اختيار الفضاء الأنسب لأبنائها مهما كانت الظروف؛ لأن التعليم الخاص أصبح يجري في دم الأسر إما لتحسين مستوى أطفالهم نظرا للأعطاب التي تعاني منها المدرسة العمومية، أو لأنه "موضة" للتباهي والافتخار بين التلاميذ و الأمهات. أما الباقية فهي في حيرة من أمرها، وتتساءل عن سبب الزيادة وبعض المدارس لم تقدم شيئا جديدا تبرر قرارها كتجديد الفضاء ووسائل العمل وتوفير كل المستلزمات والزيادة في أجرة أطر المدرسة. والتي هي في الأصل هزيلة وأحيانا هزيلة جدا ولا تحترم قدرات وشهادات الشخص الذي فرضت عليه ظروف الحياة أن يعمل بالمثل: " كول ما جاك"، وإلا أُبعد: "بغيتي ما حسن سير شوف لك شي جهة خرى"، ما يضطره للاشتعال تحت شروط الطرف الآخر ولا يحق له مناقشة بنود العمل. إن المواطن اليوم أمام دوامة ثلاثية تتعلق بغلاء أسعار جميع المواد، وارتفاع ثمن الأضحية، والدخول المدرسي الذي يعمق جرح الأسر المغربية.