ابو غيث متبنيا اعتداءات 11 سبتمبر بعدما يقرب من عقد كامل قضاه بلا ملجأ ولا وطن، كان ينبغي على سليمان أبو غيث، زوج ابنة زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، الإدراك أنه عندما أجبر على الصعود إلى الطائرة المتوجّهة من تركيا إلى الكويت أنه لن يصل إلى وجهته، ولن يتجاوز حدود العاصمة الأردنية عمّان.
إقامة جبرية في إيران جرّدت الكويت أبو غيث من الجنسية، بعدما بثّ على الانترنت خطابات، اعتبرت تحريضية، بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. وعندما دخلت القوات الأميركية إلى أفغانستان، تمكن الرجل، الذي كان يشغل منصب المتحدث الرسمي باسم تنظيم القاعدة، من الفرار إلى إيران، حيث عاش رهن الاعتقال المنزلي حتى العام 2010.
في قاعة المحكمة، وعلى بعد أحياء عدة من موقع برجي التجارة في مدينة نيويورك، ظهر أبو غيث بلحية رمادية غزاها الشيب، حيث بدا كأنه شبح على هيئة الرجل الذي ظهر في أشرطة مصورة ليمجّد مقتل 3 آلاف اميركي على أيدي عناصر تنظيم القاعدة.
ووفقاً لموقع جهادي، أجبر أبو غيث قبل 3 اشهر على مغادرة إيران، ومعه عدد آخر من عناصر التنظيم، حيث تمكن من دخول تركيا باستخدام وثيقة سفر سعودية مزورة. وعند وصوله إلى أنقرة، أبلغت الاستخبارات الأميركية نظيرتها التركية بوجوده في 27 يناير/كانون الثاني الماضي، حيث اعتقل، وقبع في السجون التركية ما يقرب من 30 يوماً.
وان واي تيكيت طلب السفير الأميركي في تركيا تسلم أبو غيث، لكن أنقرة تخوفت من رد فعل شعبي غاضب، لذلك قررت أن تبعده إلى وطنه السابق الكويت، عن طريق رحلة تمر بالعاصمة الأردنية عمّان، أي إن أنقرة قطعت له تذكرة ذهاب (وان واي تيكيت) فقط إلى نيويورك، حيث تعتبر الاستخبارات الأردنية أن نظيرتها ال (سي اي ايه) الأميركية هي رفيقة السلاح.
وقالت مصادر أردنية لصحيفة "القدس العربي"، التي تصدر من لندن، إن عملية اعتقال أبو غيث في عمّان تمت بالتعاون بين أجهزة الاستخبارات في الأردن والولاياتالمتحدة وتركيا.
وكشف مسؤولون أميركيون، مطلعون على التحقيقات، أن ضابطاً في مكتب التحقيقات الاتحادي ومخبراً من شرطة نيويورك، أمضيا أكثر من عشر سنوات في جمع تحريات عن أبوغيث، ليس فقط لدوره كمتحدث باسم تنظيم القاعدة بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن، وإنما لأنشطة يعتقد أنه تورّط فيها قبل العام 2001.
ووجّهت الولاياتالمتحدة اتهامات إلى أبو غيث "بالتآمر على قتل الأميركيين" يوم الجمعة الفائت في المحكمة الجزائية الأميركية في لور مانهاتن، على بعد مبان عدة من موقع مركز التجارة العالمي.
أشار المسؤولون إلى أن لائحة الاتهام، التي قدمها ممثلو الإدعاء ضد صهر بن لادن، زعمت أنه "خدم القاعدة" منذ أيار/ مايو 2001 حتى العام 2002، إلى جانب اتهامات أخرى، مثل حثه لآخرين على القسم بالولاء لابن لادن، إضافة إلى التحدث باسمه ودعماً لمهمة القاعدة وتحذيره من أن هجمات مماثلة لهجمات 11 سبتمبر ستتواصل.
ونقلت ال "صنداي تايمز" عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية، قولهم إن عائلة أبو غيث، بما في ذلك واحدة من زوجاته الأربع، سمُح لهم بمغادرة عمّان إلى المملكة العربية السعودية.
ومن غير الواضح أين أمضى أبو غيث الأسبوع التالي من اعتقاله، كما تم استجوابه من قبل موظفي الاستخبارات الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي، على الرغم من أن مسؤولي الاستخبارات يصرّون على أن الاستجواب تم على الأراضي الأميركية.
اعتراف بالتآمر لقتل أميركيين خلال الأيام السبعة التي قضاها في سجن أميركي، استُجوب أبو غيث من قبل المسؤولين الأميركيين، الذين دوّنوا إفادته في 22 صفحة، ويزعم المدعون الأميركيون، أنه اعترف بالذنب بتهمة التآمر لقتل الأميركيين.
ولد سليمان جاسم أبو غيث في العام 1965، والد لستة أطفال، عمل سابقاً كمدرس للشريعة، وكان واعظًا في المساجد الكويتية، حيث ارتفعت شعبيته بعدما ألقى خطبة يوجّه فيها اللوم إلى الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لغزو وطنه في العام 1990.
يشار إلى أن اعتقال أبو غيث يمثل سابقة من نوعها في إدارة الرئيس باراك أوباما، تتمثل في أنه أول شخص متهم بالإرهاب والانتماء إلى القاعدة، الذي يحتجز في الخارج، بدلاً من أن يقتل في غارة لطائرة بدون طيار.
وتشير الأوساط إلى أن القرار بتقديمه إلى المحاكمة في نيويورك اتخذ من قبل أوباما، بناء على مشورة المدعي العام إريك هولدر.
وقال توم لينش، مستشار سابق للجيش الأميركي في شؤون مكافحة الإرهاب، إن أبو غيث ساعد على تنسيق تدفق التمويل والمقاتلين الأجانب داخل وخارج باكستان والعراق واليمن، وربما خلال فترة وجوده في إيران.