خلال جلسة عمومية خصصت للأسئلة الشفهية الأسبوعية بمجلس النواب، تطرق "نزار بركة"، وزير التجهيز والماء للإشكالات المرتبطة بالسياسات المائية المتبعة في السنوات الأخيرة، وكذا نجاعة هذه السياسات في تأمين الماء الصالح للشرب وكذا مياه السقي في ظل المتغيرات المناخية العالمية. وفي معرض جوابه على تساؤلات السيدات والسادة نواب الأمة، حذر "بركة" من "أزمة عطش حادة" قد يعاني منها المغرب خلال السنوات المقبلة، وذلك بسبب نقص الموارد المائية، خصوصا بعدما سجلت المملكة إلى غاية شهر شتنبر الماضي تساقطات متوسطة تراوحت بين 110 ملم بحوض "زيز"، و 115 ملم بحوض "سبو"، في حين تم تسجيل عجز على مستوى الأحواض المائية لملوية وكير وغريس وسوس ماسة. أما بخصوص نسبة ملء حقينة السدود بالمغرب، فقد أكد "بركة" أنها إلى غاية فاتح نونبر الجاري، لم تتجاوز 35 بالمائة، حيث سجل سد أم الربيع 11.8 بالمائة، وسد زيز 15.8 بالمائة، في المقابل سجل سد سبو نسبة ملء بلغت 58 بالمائة، و54 بالمائة بسد لوكوس. وأشار وزير التجهيز والماء إلى أن متوسط حصة الفرد قياسا لمياه التساقطات المجمعة بالأحواض المائية بالبلاد، ستتراجع مستقبلا بنسب هامة، مبرزا أن متوسط حصة الفرد من الأمطار تصل إلى 606 أمتار مكعبة، معتبرا أن هذا الرقم لا يعكس التباينات المجالية في التوزيع بين الأحواض المائية بالبلاد، حيث قدم نموذج حوض "اللوكوس" في الشمال، على سبيل الذكر لا الحصر، موضحا أن متوسط حصة الفرد فيه بلغ 1200 متر مكعب، بينما لا تتجاوز هذه الحصة141 متر مكعب بحوض أبي رقراق. وشدد "بركة" على أنه مع هذه التغيرات المناخية، فالرقم سيتراجع مستقبلا، حيث قال: "نتحدث عن انخفاض بين 10 إلى 20 في المائة في أفق 2030 وبين 40 إلى 50 بالمائة في أفق 2050"، مشيرا إلى أن بلادنا تمر من منطق تدبير ندرة المياه إلى تدبير قلة المياه بكيفية هيكلية. كما أكد وزير التجهيز والماء، أن هذا الأمر يتطلب يقظة كبيرة، واتخاذ تدابير مهمة في مجال الاقتصاد في الماء ومحاربة التبذير لتلبية حاجيات الشرب، والفلاحة، مضيفا أن هناك مجهودات تبذل بمعية باقي القطاعات الحكومية من أجل تقييم الأخطار، لوضع مخطط استباقي للتدخل في الوقت المناسب. وأشار "بركة" أيضا إلى أنه في إطار تدبير ندرة المياه وبروز ظواهر متطرفة، كالجفاف والفيضانات، وضعت الحكومة سياسة تهدف أساسا إلى تعزيز العرض المائي وتعبئة الموارد المائية، موضحا أن الإشكالية الكبيرة المطروحة، هي أنه في الثمانينات والتسعينات كانت هناك فرشة مائية غنية، وتم استغلالها وتم تجاوز الخصاص والجفاف المسجل آنذاك، في حين أن الإشكال اليوم، هو الاستغلال المفرط للفرشة المائية وبالتالي صعوبة تجاوز هذه المعضلة، خصوصا إذا واجه المغرب الجفاف لسنتين متتاليتين، مؤكدا في هذا الإطار، أن السؤال الذي ينبغي طرحه هو كيف سنواجه هذه المخاطر بالنسبة للمواطنين والاقتصاد والفلاحة؟، وبالتالي، يضيف "بركة"، من الضروري أن نتجند لهذه المحطة وتعبئة كل الإمكانيات المادية والبشرية. هذا وقد ذكر وزير التجهيز والماء بعدد من المخططات والبرامج الكبرى التي قادتها الدولة لمواجهة ندرة المياه وسنوات الجفاف منذ الاستقلال، وفي مقدمتها سياسة السدود منذ عقود سابقة، وبرامج تحلية مياه البحر بشكل حديث نسبيّا والتي أفرزت مجتمعةً نتائج وإنجازات هامة، مشيرا إلى أن الحكومة عازمة على مواجهة مخاطر ندرة المياه مستقبلا عبر سلسلة من البرامج والإجراءات بينها تحلية مياه البحر بالاستفادة من التجارب التي انطلقت بجنوب المملكة، وتسريع وتيرة بناء السدود لتفادي إهدار ماء السماء، فضلا عن الحفاظ على المياه الجوفية، والاشتغال على تغذية الفرشة المائية، وحماية الموارد الطبيعية وحماية المخزون المائي والفرشة المائية ومكافحة التلوث بما تعنيه هذه الإجراءات كلها من تدبير مندمج للماء.