لم تسجل العلاقات بين الرباطومدريد أي تقدم في الوقت الراهن لا سيما في ظل تشبث كل طرف بمواقفه، وفشلت الوساطات حتى الآن ومنها الفرنسية. وجرى الرهان على لقاء بين وزيري خارجية البلدين في لقاء روما حول محاربة حركة داعش لكن دون نتائج تذكر. ولا يتحدث المغرب نهائيا عن وجود وساطات لتجاوز الأزمة بين البلدين، في حين تؤكد مدريد وجود وساطة ولكنها تتستر عليها بعيدا عن أضواء الإعلام والسياسة لكي تحقق تقاربا أو تفاهما في حده الأدنى لبدء الخروج من نفق الأزمة. واندلعت الأزمة بين البلدين بشكل قوي خلال مايو الماضي عندما احتج المغرب على استقبال إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج من الكوفيد-19، وقام بالتخفيض من مستوى مراقبة الحدود مع سبتةالمحتلة، مما أدى إلى دخول أكثر من عشرة آلاف مغربي إلى المدينة. وشارك كل من وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيرته الإسبانية أرانشا غونثالث لايا في قمة روما الأسبوع الماضي حول محاربة داعش، ولكن لم يحدث أي لقاء بين طرفين، وهذا يدل على فشل الوساطات حتى الآن. وتؤكد مصادر سياسية مقربة من حكومة مدريد لجريدة "القدس العربي" وجود محاولات من طرف فرنسا لتقريب وجهات النظر بين البلدين، ولكنها لم تسفر حتى الآن عن أي نتيجة. وبدورها، لم تبد فرنسا أي حماس كبير حتى الآن في الوساطة. وعمليا، لا توجد أي دولة أخرى أوروبية مؤهلة للعب دور الوساطة بين البلدين، في الوقت ذاته، كل المؤشرات تشير إلى عدم حصول اتصال بين ملكي البلدين محمد السادس وفيلبي السادس، علما أن هناك أملا في لعب المؤسستين الملكيتين دورا في تجاوز الأزمة كما حصل في مناسبات عديدة في الماضي. وكل المعطيات تشير إلى صعوبة تقارب البلدين في الوقت الراهن بسبب الإصرار على مواقفهما، إذ يطلب المغرب من إسبانيا ضرورة الاعتراف بخطأ استقبال زعيم البوليساريو إبراهيم غالي وتغيير موقفها من نزاع الصحراء أو على الأقل عدم تحريض دول أخرى ضد سيادة المغرب على الصحراء، كما فعلت مع دول أوروبية ومع الولاياتالمتحدة عندما طالبت الإدارة الجديدة لجو بايدن التراجع عن اعتراف سلفه ترامب بالسيادة المغربية. وفي الاتجاه المعاكس، تصر دبلوماسية مدريد على لسان وزيرة الخارجية باعتبار استقبال زعيم البوليساريو شأنا سياديا إسبانيا. في الوقت ذاته، تصر على موقفها من نزاع الصحراء بدعم مساعي الأممالمتحدة، وتطالب الرباط بعدم طرح سيادة سبتة ومليلية للمفاوضات بين الطرفين. وبهذا، كل المؤشرات تدل على طول هذه الأزمة التي انفجرت بشكل صامت خلال ديسمبر الماضي عندما ألغت الرباط اجتماعا على مستوى رئيسي حكومتي البلدين وقد تطول حتى نهاية السنة الجارية، وبهذا فهي تجاوزت زمنيا أزمة جزيرة ثورة التي وقعت صيف 2002 وكانت أخطر أزمة خلال الأربعين سنة الأخيرة.