السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الهمسة الأولى : من المتقرر في النصوص أنه في كل عام تزداد الفتن وتتسع دائرة الأزمات , كما في الحديث الصحيح ( لايأتي زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ) رواه البخاري عن أنس . قال العلماء : وهذا عام على مستوى الأمة ليس خاص ببلد دون بلد , أو زمن دون زمن , فقد يكون ذلك البلد في هذا العام أحسن من الذي قبله , وقد يكون أحد الأزمنة القادمة خير من زمان مضى في انتشار الدين وارتفاع مستوى التعليم والدعوة . الهمسة الثانية : عند اشتداد الفتن ينبغي الفرار إلى الله تعالى والتقرب إليه , كما قال تعالى ( ففروا إلى الله ) الذاريات 50 وفي صحيح مسلم : ( العبادة في الفتن كهجرة إلي ) . وهذا المعنى يغيب عند بعض الناس , فتجده عند الفتن مهموماً بمتابعة الأحداث لحظة بلحظة , غائباً عن عبادة ربه , والقليل من يجمع بين إدراك الواقع وتحقيق الفرار إلى الله تعالى . الهمسة الثالثة : المفزع عند الشدائد إلى الله تعالى , لذا يجب أن نتربى نحن , ونربي المجتمع على تحقيق ( التعلق بالله تعالى ) وتفويض الأمور إليه والتوكل عليه والثقة بأنه قريب من عباده , كما قال تعالى ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) البقرة 186 وأما البحث عن الحلول عند مجلس ( الظلم لا الأمن ) أو ( الحلف الأطلسي ) أو ( جامعة الدول العربية ) فهو غير مجدي كما أثبتت التجارب والأزمات , فيا أيها المسلمون ليس لكم إلا الرحمن الرحيم الذي يراكم ويعلم بحالكم , فاصدقوا معه وتوجهوا إليه . الهمسة الرابعة : الثقة بأن أقدار الله كلها خير , مهما ظهر لنا خلاف ذلك , كما قال تعالى ( لاتحسبوه شراً لكم ) النور 11 . وقال تبارك وتعالى ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ) البقرة 216 . وفي الحديث الصحيح ( والشر ليس إليك ) رواه مسلم . فهذا الواقع الذي نتألم لتفاصيله وما يجري فيه من اضطهاد للمسلمين وإضاعة حقوقهم والاعتداء على الصالحين منهم وتفويت فرص الخير على الدعاة في مجالات كثيرة , كل ذلك وغيره لم ولن يخرج عن تقدير الله تعالى وعلمه وحكمته , وتدبر قوله تعالى ( أليس الله بأحكم الحاكمين ) التين 8 . ونحن عندما نتأمل اسم ( الحكيم ) الذي تكرر كثيرا في القرآن , لابد أن نتعبد لله تعالى بموجب هذا الاسم فنوقن بأن الله حكيم في تقدير كل مايجري مما يعجبنا ومالا يعجبنا . الهمسة الخامسة : مع اعتقادنا بأن كل شيء بقدر , فيجب علينا مدافعة القدر بالقدر , وعدم الركون إلى الظلم والاعتداء على الحقوق بحجة أن هذا هو القدر , بل الواجب مدافعة ما يصيبنا , وكما ندافع قدر المرض بالتداوي , فلابد أن ندافع قدر الظلم بالبحث عن الحلول التي تزيله أو تخففه على قاعدة المصالح الشرعية . الهمسة السادسة : ضبط القرارات التي نصدرها وقت الفتن بقاعدة المصالح والمفاسد , لإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ودرء المفاسد وتقليلها , والنظر لها يجب أن لايكون شخصياً من طرف واحد يرى الواقع من رؤيته الخاصة التي قد تصيب وقد تخطئ , بل يكون النظر للمصالح من مجموعة علماء يعرفون شريعة الله تعالى ويدركون الواقع ويعرفون مايجري فيه . الهمسة السابعة : دراسة السنن الكونية والتأمل في سير الأنبياء والأمم الماضية والحضارات السابقة وذلك من خلال التدبر لكتاب الله تعالى والنظر في التاريخ , كما قال تعالى ( قل سيروا في الأرض فانظروا ... ) الأنعام 11 , وقال تعالى ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا ) فاطر 43 , وإخراج هذه السنن للناس وتعليمهم إياها ليدركوا الواقع وأحوال الفتن التي تمر بهم . الهمسة الثامنة : اليقين الكامل بأن المستقبل لهذا الدين وأن النصر آت ولو بعد حين , كما قال تعالى ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين – إنهم لهم المنصورون – وإن جندنا لهم الغالبون ) الصافات 173 , وقال جل وعلا ( ألا إن نصر الله قريب ) البقرة 214. وتأمل في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما جرى لهم , ثم انظر في نهاية المعاناة التي كانت لهم وللفئة المؤمنة التي معهم , فانظر في قصة نوح عليه الصلاة والسلام , وكيف واجه قومه , ثم رفضوه , وتكون العاقبة بعد سنين ( فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين ) الأعراف 64. وفي قصة عاد عليه الصلاة والسلام , قال تعالى ( فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا ) الأعراف 72 . وفي قصة صالح عليه الصلاة والسلام , قال تعالى مبيناً العقوبة التي نزلت بالمخالفين له ( فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين ) الأعراف 91 . وفي قصة لوط عليه الصلاة والسلام , قال القوي العزيز ( فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين – وأمطرنا عليهم مطراً فانظر كيف كان عاقبة المجرمين ) الأعراف 84 . وفي قصة موسى عليه الصلاة والسلام , كيف كانت نهاية فرعون وجنوده ؟ قال تعالى ( فانتقمنا منهم فأغرقناهم في اليم ) الأعراف 136 . الهمسة التاسعة : من السنن الربانية أن الطغاة والمتكبرون وأهل الظلم لابقاء لهم , بل إن نهايتهم أقبح نهاية , وفي كتاب ربنا عدة شواهد , فتأمل تدرك : ( فُقطع دابر القوم الذين ظلموا ) الأنعام 45 ( وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون ) الأعراف 165 ( ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا ) يونس 13 ( ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون ) المؤمنون 27 ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) النمل 52 ( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) الشعراء 227 ( فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء ) البقرة 59 ولئن نجا الظالم من عقوبات الله في الدنيا لحكمة يعلمها الله تعالى , فكيف سينجو يوم القيامة ؟ قال تعالى ( وقد خاب من حمل ظلما ) طه 111 . وقال ( ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار ) سبأ 42. وقال ( فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم ) الزخرف 65 . وقال ( وأعتدنا للظالمين عذابا أليما ) الفرقان 37 . وقال ( يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) غافر52 . والآيات في هذا الباب كثيرة . الهمسة العاشرة : نسمع من يتحدث في وقت الفتن عن أشراط الساعة ويربط كل حدث من أحداث الواقع بدليل من أشراط الساعة وقد يكون صحيحاً مايذكره بعضهم , وقد يكون مبالغاً فيه , والمرجع هنا لأهل العلم الراسخين , ولنحذر من الخرافات التي يطلقها بعضهم انطلاقاً من أحاديث لا أساس لها من الصحة , والغريب أن عامة الناس يتمسكون بالأحاديث الغرائب لأن النفوس تتعلق بالغرائب غالباً. الهمسة الحادية عشر: يتحدث بعض الناس عن الواقع ويبدأون في التحليل وهنا إشارات : • تبقى هذه التحليلات التي تكون عبر الفضائيات أو الانترنت أو المجالس ( وجهات نظر ) قد تقبل وقد ترفض , فلا نجعل ولاءنا لفلان أو غيره على حسب وجهة نظره وهل هو يوافقنا أو يخالفنا . • لايصح أن نجزم بماسيكون بعد الحدث , نعم هناك ( فراسة ودراسة وتوقعات ) ولكن تبقى غير مؤكدة الوقوع , والله أعلم بما سيكون , والغريب أن البعض يقسم على ماذا سيحصل , وهذا نوع من القسم غير المشروع . • من العلماء من سكت عن البيان لرأي يراه – الله أعلم به – فلا يجوز أن نكفره أو نبدعه أو نفسقه أو نتهم النوايا وأنه صاحب مال أو سلطان , وفي الحديث الصحيح ( إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ) رواه البخاري . • العدل في النقد مطلب كبير سواء كان النقد للأشخاص أو للمؤسسات أو للقنوات أو للمواقع , وربنا يقول ( وإذا قلتم فاعدلوا ) الأنعام 152 , وتأمل هذه النماذج التي تبين خلق العدل في النقد عند الإمام الذهبي رحمه الله تعالى لما تكلم على بعض الشخصيات الذين لهم قدم في العلم والتعليم والتأليف : - في ترجمة الواقدي , قال الذهبي : وهو من أوعية العلم لكنه لا يتقن الحديث، وهو رأس في المغازي والسير، ويروي عن كل ضرب. [ تذكرة الحفاظ : 1/348] - محمد بن إسحاق صاحب المغازي , قال الذهبي: والذي تقرر عليه العمل أن ابن إسحاق إليه المرجع في المغازي والأيام النبوية مع أنه يشذ بأشياء، وأنه ليس بحجة في الحلال والحرام، نعم، ولا بالواهي بل يستشهد به. [تذكرة الحفاظ : 1/173]. - مقاتل بن سليمان المفسر , قال الذهبي: متروك الحديث، وقد لطخ بالتجسيم مع أنه كان من أوعية العلم. [ تذكرة الحفاظ : 1/174]. الهمسة الثانية عشر: نحن نقف مع العالم الذي يصدع بالحق ويبين المنهج الوسط المعتمد على الدليل لا الهوى , ولاشك أن بيان الحق من الواجبات في الفتن لإن الفتن قد يختفي الحق فيها بسبب كثرة الآراء والشكوك والشبهات حولها , ومما يؤكد ضرورة البيان لها سكوت بعض العلماء عن البيان. ولما قيل للإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسألة القول في خلق القرآن ( لو سكت ) ؟ فقال : إذا سكت الجاهل بجهل والعالم بتأويل فمتى يعرف الناس الحق ؟ الهمسة الثالثة عشر: عندما يقع العالم في زلة حيال موقفه مما يجري , فلا يصح أن نهدر حسناته , وننسى تاريخه الكبير في تعليم الخلق ونفع الناس , ولنعتبرها ( زلة ) ومن الذي لا يخطئ , وفي الحديث الصحيح ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) صحيح الجامع 4515 , قال ابن تيمية رحمه الله تعالى : ليس من شرط ولي الله أن يكون معصوماً من الخطأ والغلط ، بل ولا من الذنوب. الاستقامة (2/93) مدارج السالكين (1/537). الهمسة الرابعة عشر : يخوض بعض العوام أو المبتدأين في سلم العلم في النيل من العلماء والدعاة الذين سكتوا عن البيان , ولاشك أن هذا الخوض لا يجوز , وهذه غيبة بلاشك , وكيف نستحل غيبتهم بسبب موقف رأوه , سواء وافقناهم أو خالفناهم , وعرض المسلم حرام كما في الحديث الصحيح ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) رواه البخاري. الهمسة الخامسة عشر : تتعجب من أقوام جعلوا متابعة الواقع في كل أوقاتهم , حتى غاب وقت القرآن ووقت العلوم النافعة والدعوة إلى الله تعالى , لإن صاحبنا مشغول بالأحداث عبر الفيس بوك والمنتديات والمواقع الإخبارية , ثم إلى القنوات يتنقل من قناة إلى قناة , وهذا بلا ريب من الاعتداء على الزمن بأن يصرف جُله في أمور تتجدد وتتغير مابين لحظة وأخرى , ولا يعني هذا أننا ندعو إلى إهمال العناية بالواقع ولكن بالتجربة تكفينا دقائق في الليل والنهار في متابعة الجديد في الساحة . الهمسة السادسة عشر : بعض القنوات الإخبارية تكون المرأة هي التي تقدم الخبر وهي في كامل زينتها وقد كشفت شعرها وجزء من صدرها ولاتسأل عن المكياج بأنواعه , فياترى هل النظر لها يجوز بحجة متابعة الأحداث ؟ الجواب : يحرم أن ينظر الرجل إلى النظر إلى المرأة الأجنبية , وقد تواترت النصوص بتحريم ذلك ومنها : 1. يقول الله تعالى ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ) النور 30 . قال ابن كثير رحمه الله تعالى : هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم، فلا ينظروا إلا إلى ما أباح لهم النظر إليه ، وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم، فإن اتفق أن وقع البصر على مُحرَّم من غير قصد، فليصرف بصره عنه سريعًا . 2. في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: \"كُتِبَ على ابن آدم حَظّه من الزنى، أدرَكَ ذلك لا محالة. فَزنى العينين: النظر. وزنى اللسان: النطقُ. وزنى الأذنين: الاستماع. وزنى اليدين: البطش. وزنى الرجلين: الخطى. والنفس تمَنّى وتشتهي، والفرج يُصَدِّق ذلك أو يُكذبه\". 3. عن جرير قال سألت الرسول صلى الله عليه وسلم سئل عن نظر الفجأة ؟ فقال : اصرف بصرك . صحيح أبي داود 2148 . فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بصرف النظر عند نظر الفجأة فكيف بالنظر المتواصل . 4. عن علي رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم ( ياعلي لاتتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية ) صحيح الجامع 7953 . 5. أن النظر للأجنبية يقوي جانب الشهوة لدى الرجل, والشريعة جاءت بالمباعدة بين كل ما يثير الشهوة لدى الرجل من الطرق المحرمة . 6. أن النهي في الشريعة نوعان : • أن يكون النهي لما هو مقصود لنفسه كالزنا . • أن يكون النهي لما يعتبر وسيلة إلى الفساد , فالنظر وسيلة ومقدمة لفساد كبير , ولذا قال ربنا ( ولاتقربوا الزنى ) الإسراء 33 , فتأمل أن النهي عن المقاربة لا على الفعل . 7. أن النظر يدعو إلى الفكر , والتفكير يدعو إلى ما وراءه من الفعل . 8. أن عامة محاسن المرأة في وجهها فخوف الفتنة في النظر إلى وجهها أكثر منه في سائر الأعضاء . 9. أن النظر ذريعة للتلذذ بالأجنبية لقلة التقوى وضياع الورع عن الريبة . 10. أن النظر يجعل القلب أسيراً للمنظور إليه فيبقى الناظر في سجن الهوى. 11. أن البداية قد تكون نظرة لمذيعة الأخبار , ثم بعد ذلك يتعود صاحبنا لعموم النظر للأجنبية في كل حال , حتى يستمرئ ذلك , ولهذا جاءت الشريعة بسد الذرائع الموصلة إلى الحرام . الهمسة السابعة عشر: في وقت الفتن يتحدث الناس كثيراً عن مناصحة ولاة الأمر لأن صلاحهم صلاح لكثير من الأمور السياسية والاقتصادية في البلاد وبالتالي تخف دواعي الفتنة ويتحقق الأمن ومقومات حياة الناس على جميع مستوياتهم , وهنا لابد أن نؤكد على ضرورة السير على المنهج البين في نصيحة ولاة الأمر الذي يكون بالحكمة وعبر الطرق المشروعة التي لاتؤلب الحكام على الشعوب وتدعو للنفرة بينهم .ومن الوسائل المقترحة : 1. البرقية . 2. الفاكس . 3. الاتصال على المستشارين المقربين لولاة الأمر . 4. إيصال الصوت للعلماء الذين يسمع لهم ولاة الأمر . الهمسة الثامنة عشر : سنجد من يخالفنا في نظرته لهذه الأحداث فهل يا ترى سيبقى هذا المخالف من أهل السنة وممن نحبه ونسلم عليه ونزوره أم أن رأيه في الواقع سيخرجه من دائرة ( الولاء ) ليكون مع من نمارس معهم ( البراء ) ؟ الهمسة التاسعة عشر : بعض القنوات تغطي الحدث مباشرة , وتنقل الصورة كما هي , وفي هذا نشر كبير لأحداث العالم الإسلامي ليعرف العالم أجمع مالذي يجري في البلاد , وهذه القنوات لها منا الشكر – بغض النظر عن توجهاتها الأخرى - وهذا من الإنصاف في الحكم على المؤسسات والأشخاص , وربنا يقول ( ولايجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) المائدة 8 . الهمسة العشرون : كم نتمنى أن تكون لدى المسلمين قناة إخبارية سياسية عالمية تقوم على أحدث التقنيات المعاصرة في نقل الخبر , مع الجودة والسرعة في تغطية الخبر , وتحليله على ميزان الشريعة الإسلامية , وهذه دعوة لرجال الأعمال و الإعلام والساسة من الإسلاميين لعلهم يتقدموا إلى هذا المقترح بإخراجه إلى ساحة الفضاء . ومما نؤكد عليه : - الاستفادة من تفعيل الإعلام في نصرة الدين والدفاع عنه وتفعيل جوانب التأثير بكل مجالاته وطرائقه كالإنترنت والمجلات والصحف وغيرها من أبواب الإعلام . الهمسة الواحدة والعشرون : ضرورة تثبيت بعضنا لبعض بكل ما يمكن من وسائل التثبيت من الدعاء , أو الكلمة , أو الزيارة , أو الدفاع والذب عن العرض , وهذا التثبيت له دور كبير في وقت الفتن في تقوية القلب على المنهج , وتأمل موقف خديجة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الوحي لما قال : زملوني , وأخبرها الخبر في قصة الوحي , قالت : كلا والله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق . متفق عليه . فهذا الموقف في ذلك الوقت كان له أثر بالغ في تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم , وتأمل موقف الإمام أحمد مع السارق في السجن , لما قال السارق له : يا أحمد اصبر فإنك على الحق , قال الإمام أحمد : فقوى قلبي . والنماذج كثيرة في حياة السلف في تثبيت بعضهم لبعض , فحري بأهل الإيمان أن يقفوا صفاً واحداً في التثبيت على الحق وتشجيع القائمين عليه , والدفاع عنهم , لإن النفس قد تضعفهم وقت الفتن , وخاصة عندما يتكالب الأعداء على الدعاة الذين هم رموز للمنهج الحق . الهمسة الثانية والعشرون : التربية على التضحيات في التعامل مع الفتن والأزمات وفي مواجهة الباطل وأهله ,وديننا حافل بتضحيات الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام , وسار على منهجهم أتباعهم على مر الزمن , وحقق العلماء وأهل الجهاد بأنواعه قصب السبق في التضحيات ,وعندما نقرأ في السير والأخبار لأولئك الأبرار سوف نخجل من انعدام التضحيات عند فئام منا بل ومن علماء الزمن ودعاة القنوات والمشاهير . إن التضحية بريالات أمر ممكن لدى الكثير , أما التضحية بالكلمة في مواجهة منكر كبير قد عم وانتشر قد يكون صعباً نوعاً ما , والتضحية بالسفر لبلاد بعيدة لأجل الدعوة إلى الله قد لايقدر عليه من تربى على الترف والقرب من الأسرة , فهو لايطيق البعد عنهم ساعات فكيف بأيام وأسابيع ,مع أن تاريخ الصحابة رضوان الله عليهم فيه أكبر الدلائل على الابتعاد عن الأهل لأجل الجهاد شهوراً . وقد تكون التضحية باختيار السجن منزلا بدل المساكن الفاخرة ,فهذا يوسف عليه السلام يختار السجن بدال الموافقة على رغبة امرأة العزيز , وهذا أحمد بن حنبل يختار السجن لأجل كلمة الحق , ولم يعتذر بأن وراءه أسرة وأطفالاً , وقد تسألني عن ابن تيمية فأقول لك إن التاريخ كتب قصة وفاته وهو في سجن القلعة لأجل فتاوى يراها صواباً , فعجباً لشجاعة أولئك الرجال , وأين من يتشبه بهم في زمننا الذي غابت كلمة الحق بحجة ( درء المفاسد ) وأقول بل لأجل ( تحقيق مقاصد النفوس ) إلا عند القليل من أهل الخشية . إن الصبر عند الفتن والتربية على المصابرة ومجاهدة النفس على تجرع مرارة الهموم والاتهامات قد يكون ثقيلاً جداً عند من رضع الذل وشرب من كأس الجبن . إن أحفاد الرسل , وأشباه الصحابة يعلمون أن الصبر لابد منه في زمان الفتن , و ( للصبر حلاوة تبين في العواقب ) . اللهم إنا نسألك الثبات على الحق , اللهم افتح للمسلمين من أبواب فضلك , اللهم يسر أمر المسلمين , اللهم انتقم من أعدائك ياجبار ياقهار .