في ظل نقاش شعبي ونخبوي بالأوساط المغربية عن ارتفاع عدد الوفيات في صفوف المصابين بفيروس كورونا المستجد مقارنة مع عدد الحالات التي تماثلت للشفاء، وما يطرحه الأمر من تساؤلات العديد من المواطنين، خصوصا وأن تصريحات المسؤولين الصحيين بالمملكة في الأيام الأولى لظهور الوباء اتجهت نحو التطمين مستدلة بأرقام ونسب وفاة جد منخفضة مع تلك التي نعيشها اليوم... فهل فعلا نسب الوفيات بالمغرب مرتفعة أم أن الرقم "عادي" و"مطمئن" مقارنة مع دول أخرى؟ نهاية مارس الماضي، صرح محمد اليوبي مدير مديرية علم الأوبئة ومحاربة الامراض بوزارة الصحة أن نسبة وفاة المصابين بفيروس كورونا في المغرب "تقدر ب6 في المائة، وهي نفس النسبة ان لم تكن أكثر المسجلة في دول الجوار" يؤكد اليوبي، علما أن النسبة تغيرت بشكل كبير بعد حوالي أسبوعين فعدد الإصابات بالمغرب حاليا هو 1617 إصابة بالفيروس، فيما بلغت الوفيات 113 ما يعني أن نسبة الوفيات حاليا هي 9.4٪، وهي نسبة منخفضة نسبيا مقارنة بدول أخرى بالمنطقة وبالضفة الأخرى كذلك ولكنها تفوق النسبة العالمية المحددة في 6.1 ٪ بعدد مصابين يفوق 1789985 مصابا، ووفيات تتجاوز بدول العالم 109823. على الحدود الشرقية للمغرب، نجد الجزائر حيث عدد المصابين بكوفيد 19 يبلغ 1825 ما يعني أن نسبة الإصابة تبلغ 42.44 بالمليون وهي مقاربة لتلك المسجلة بالمغرب، فيما يبلغ عدد المتوفين 275 مريضا، وهو ما يرفع نسبة الوفيات لأكثر من 15٪، نسبة تتجاوز تلك المسجلة بالمغرب بكثير، ولكنها تقارب نسبة الوفيات بفرنسا والتي تبلغ 14.7٪، النسبة بإسبانيا حيث عدد المصابين 166019 هي 10.2٪، فيما تنخفض النسبة بشكل ملحوظ بتونس إلى 4.08.٪، وبدول أخرى إلى أقل من ذلك بكثير (إسرائيل مثلا أقل من 1 بالمائة). اليوبي حينها فسر نسبة 6٪ المسجلة آنذاك "أساسا بالشفافية في التعاطي مع الأرقام، إلى جانب أن أغلب الوفيات تسجل في صفوف الأشخاص المسنين أو المصابين بأمراض مزمنة كالربو، السكري وأمراض القلب والشرايين"، مؤكدا أن "متوسط السن لدى الحالات المتوفية يقدر ب 66 سنة" ومضيفا "أن 82 في المائة من المتوفين كانوا يعانون من أمراض مزمنة". بالرجوع لتجارب دولية أخرى، فتراجع نسبة وفيات فيروس كورونا في إيران من نسبة 50٪ في اليوم الأول من كشف الفيروس في مدينة "قم" جنوبي العاصمة طهران إلى حوالي 3٪ (رغم التحفظات الكبيرة لمنظمة الصحة العالمية على أرقام هذا البلد) أرجعه وزير الصحة الإيراني في تصريح سابق إلى زيادة عدد المختبرات التي تجري تحاليل الإصابة بالفيروس والتي انتقلت من مختبرين اثنين في البداية ل40 مختبرا حاليا. تقارير إخبارية واستنادا لتصريحات خبراء وخبراء سابقين بالمنظمة الدولية ربطت ارتفاع نسب الوفيات في العديد من البلدان بفرضيات ثلاث: أولاها ضعف النظام الصحي في البلد وعدم قدرته على احتواء الأزمة، ثانيها عجز جهاز الصحة عن اكتشاف الفيروس بشكل كامل، وثالثها عدم ضبط الأرقام الحقيقية للمصابين. بالمقابل خبراء مصريون أرجعوا ارتفاع نسب الوفيات بهذا البلد العربي والتي تتجاوز 7٪، لكون معظم الحالات المكتشفة هي من الحالات الحرجة التي تكثر فيها الوفيات، فالإكتشاف المتأخر وطلب المساعدة الطبية في مراحل متأخرة من الإصابة قد يكون حسبهم من بين أسباب ارتفاع الوفيات. إذن أسباب متعددة قد تنطبق على الحالة في المغرب، خصوصا ضعف البنية التحتية الصحية، والتي هي تراكمات لسياسات عقود طويلة، ووصول المصابين في أوقات حرجة جدا للمساعدة الطبية وهذا يرحع حسب حالتنا خصوصا في الأيام الأولى للمرض لعدم معرفة كثير من المواطنين بالمرض وعدم التحاق العديد منهم بالمؤسسات الإستشفائية إلا بعد ولوجهم مرحلة الخطر، وأيضا ضعف نسبة إجراء التحليلات الطبية التي تساهم بشكل كبير في الكشف عن حالات الإصابة مبكرا والحد بشكل كبير من انتشار المرض إلى جانب الرفع من فرص النجاة والتعافي لدى المصاب.