انتقد تقرير أعده المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة شبه رسمية مستقلة) أوضاع السجون والسجناء في المغرب، واقترح مائة توصية من أجل حماية حقوق السجينات والسجناء. وأشار تقرير قدم أمس (الثلاثاء) إلى استمرار «مجموعة من التجاوزات تمارس داخل السجون المغربية التي جرت زيارتها، وشملت 15 سجنا في مدن مختلفة». وقال التقرير إن حراس السجون يلجأون إلى ضرب السجناء بالعصي والأنابيب البلاستيكية والتعليق بواسطة الأصفاد في أبواب الزنازين لمدة طويلة، واستعمال الفلقة وغرز الإبر والصفع والكي والضرب على الأرجل والتجريد من الملابس على مرأى من السجناء، فضلا عن السب والشتم واستعمال عبارات تحط من الكرامة الإنسانية للسجناء والسجينات. وأضاف التقرير أن «هذه التجاوزات تحدث في أغلب السجون التي تمت زيارتها، مع اختلاف حجمها من سجن لآخر، باستثناء سجني إنزكان (شرق المغرب) والداخلة (جنوب الصحراء) اللذين سجلت فيهما حالات قليلة جدا من هذه التجاوزات». ويعتبر هذا التقرير الثاني من نوعه يركز على موضوع محدد، وسبق للمجلس أن أصدر تقريرا مماثلا حول «الصحة النفسية وحقوق الإنسان» تم خلاله التطرق إلى أوضاع مستشفيات الأمراض العقلية والنفسية. وقدمت جميلة السيوري، رئيسة جمعية «عدالة»، التقرير الذي يخص الأوضاع في السجون أمام صحافيين ودبلوماسيين، بحضور كل من إدريس اليزمي، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومحمد الصبار، الأمين العام للمجلس. في مقابل التجاوزات، نوه تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمجهودات التي تقوم بها إدارة السجون في مجال إصلاح وترميم السجون وتشييد أخرى، ومحاربة الفساد وإصدار قرارات تأديبية في حق المتورطين، إلا أن التقرير لاحظ الاستمرار في ترجيح مسألة «السياسة الأمنية» على حساب أمن وأمان السجناء وتجنيبهم سوء المعاملة. وجاء في التقرير استمرار تعرض السجناء والسجينات لسوء المعاملة من طرف بعض الحراس وموظفي إدارة السجون، مع ضعف وسائل البحث والتحري في الشكاوى التي يتقدم بها السجناء ضد الحراس والموظفين، أو تلك التي تتسرب عبر وسائل الإعلام أو تقارير الجمعيات الحقوقية. وأوضح أن «هناك مبالغة في استعمال السلطة التقديرية في تفسير أفعال وتصرفات السجناء وتفسيرها على أساس أنها تهدد أمن السجن»، مما يؤدي إلى حرمان السجناء من بعض الحقوق مثل إدخال بعض المواد الغذائية أو إلى إتلافها وإتباع سياسة العقاب الجماعي في حالة وقوع شكوى جماعية أو تمرد داخل أحد السجون، مع استمرار وجود أماكن لتعذيب السجناء في بعض السجون في مدن الدارالبيضاء وفاس والجديدة. كما رصد التقرير وجود تعسفات في استعمال إجراء الترحيل من سجن إلى آخر كوسيلة للتأديب في مواجهة بعض السجناء خاصة «سجناء السلفية الجهادية»، وعدم احترام التدرج في تطبيق العقوبة التأديبية تطبيقا لمبدأ تناسب المخالفة مع نوع الإجراء التأديبي، ووضع السجناء في الزنازين التأديبية مباشرة مع تطبيق أقصى مدة في حق البعض منهم، وضعف تفعيل آليات الرقابة والتفتيش من أجل القضاء على مظاهر الفساد التي تعرفها بعض السجناء بدرجات متفاوتة. وقال التقرير بالإضافة إلى الوضعية العامة للسجون والانتهاكات التي تطال حقوق السجناء والسجينات بصفة عامة، فإن النساء السجينات، يعانين بدرجة أكبر معاملة مهينة وحاطة من الكرامة، من ذلك السب والنعت بنعوت بذيئة ومهينة، بدءا من مخافر الشرطة وانتهاء بالسجن من طرف بعض المشرفات، وهي معاملة تتعرض لها خاصة السجينات اللائي اعتقلن بسبب الدعارة أو الخيانة الزوجية. وأشار التقرير إلى أنه وبعد انتهاء المدة المسموح بها لاحتفاظ السجينات بأطفالهن يضطررن إلى التخلي عنهم لفائدة أشخاص قد يستغلونهم في التسول وأمور أخرى أو يتركونهم في المؤسسات الخيرية. ويتضمن التقرير كذلك مائة توصية تنقسم إلى شقين، الأول يخص المدى القريب، ويتضمن توصيات موجهة لإدارة السجون ووزارة العدل والحريات ومنظمات المجتمع المدني، والشق الثاني، يرتبط بالمدى البعيد يهم التوعية والحوار، وتوفير الضمانات التشريعية الكفيلة بضمان حقوق السجينات والسجناء بالإضافة إلى توصيات أخرى من شأن تفعيلها حماية حقوق السجون والسجناء. ومن بين التوصيات هناك تحقيق المساواة في التعامل مع السجناء والسجينات، وعدم التمييز بينهم، وعدم استعمال العنف ضد السجناء أو مخاطبتهم بألفاظ مهينة أو بذيئة أو استعمال وسائل الضغط إذا لم تكن هناك وسائل أخرى وعدم اللجوء إلى نظام العزلة كإجراء تأديبي، باستثناء الحالات المنصوص عليها قانونا. وطالب المجلس محاربة الممارسات غير السليمة من ابتزاز ورشوة وتهديد، والتي يعاني منها السجناء والسجينات مقابل الاستفادة من حقوق أقرها لهم القانون من ذلك الزيارة، واستعمال الهاتف، مقابلة مدير السجن والعلاج خارج السجن