سجَّل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، خلال ندوة صحفية عقدها صباح اليوم بالرباط، "استمرارَ إعمال السياسة الأمنية على حساب أمن وأمان السجناء، وعلى حساب تجنيبهم سوء المعاملة، عبر مجموعة من التجاوزات التي تُمارس من طرف بعض أطر وموظفي المؤسسات السجنية في حق النزلاء". السجون المغربية: شتمٌ وصَفْع وكَيٌّ وتجريدٌ من الملابس... التقرير الموضوعاتي الثاني لل CNDH، والذي يهُم 100 توصية من أجل حماية حقوق السجينات والسجناء، سلَّط الضوء على خُروقات للقوانين المنظِّمة للمؤسسات السِّجنية المغربية ولكل الصكوك الدولية ذات الصلة، مُتمثّْلة في الضرب بالعصي والأنابيب البلاستيكية (التيو) والتعليق بواسطة الأصفاد في أبواب الزنازن لمدة طويلة، واستعمال الفلقة وغرز الإبر والصفع والكي والركل بالأرجل والتجريد من الملابس على مرأى من السجناء، فضلا عن السب والشتم واستعمال عبارات تحط بالكرامة الإنسانية للسجين والسجينة. وأشار ذات التقرير، إلى "غُلُوٍّ في تفسير أفعال وتصرفات المعتقلين وتكييفها على أساس أنها تهدد أمن المؤسسة، واتِّباع سياسة العقاب الجماعي في حالة وقوع تظلمات جماعية أو تمرُّدات بالسجون، فضلا عن استعمال الترحيل الإداري بطريقة تعسفية كوسيلة للتأديب في مواجهة المعتقلين خاصة منهم معتقلو السلفية الجهادية". كما سجّلت الوثيقة استمرار وجود أماكن لتعذيب السجناء في بعض المؤسسات السجنية، ك "أوطيطة 1، عين قادوس، الجديدة، مركز الإصلاح والتهذيب بالدارالبيضاء-.."، مع عدم احترام التدرج في إيقاع العقوبة التأديبية، وضعف في تفعيل آليات الرقابة والتفتيش من أجل القضاء على مظاهر الفساد التي تعرفها بعض المؤسسات بتفاوت درجاتها. السَّجينات: الحلقة الأضعف داخل مؤسسات بنهاشم قال تقرير المجلس الوطني، إن النساء السجينات يعانين بدرجة أكبر من المعاملة المهينة والحاطَّة من الكرامة بدء من مخافر الشرطة وانتهاء بالسجن من طرف بعض المشرفات على المعاقل الخاصة بهن، خصوصا اللواتي اعتُقلن بسبب "الفساد" أو الخيانة الزوجية. إضافة إلى معاناة مواليدهن أثناء مدة الاعتقال، وعدم توفر أماكنَ للحضانة وللترفيه للصغار، وأيضا اضطرارهن للتخلي عن أطفالهن بعد انتهاء المدة المسموح بها للاحتفاظ بأبنائهن. من جهة أخرى لَفت المجلس الوطني إلى غياب الوُلوجِيَّات داخل المؤسسات السجنية، الأمر الذي يشكل عائقا أمام حرية حركة السُّجناء المعاقين حركيا أثناء الفسحة وعند استعمال مرافق النظافة، وأيضا غياب متخصصين في لُغَة الإشارات لتيسير التواصل مع السجناء من الصُّم والبكم. التقرير رصد انتهاكات خاصة بسجناء أجانب، تقوم على التمييز على أساس اللون من طرف السجناء أنفسهم ومن طرف الإدارة أحيانا، بالإضافة إلى ضعف في التواصل والاتصال بالعالم الخارجي بل وانعدامه في بعض الحالات بسبب عائق اللغة وعدم التوفر على إمكانية الزيارة خصوصا بالنسبة للأفارقة جنوب الصحراء الذين لا يستطيعون الاتصال بسفارات بلدانهم. CNDH..ما بين الحوار والمناظرة والبروتوكول أوصى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإطلاق حوار وطني واسع حول الأوضاع بالسجون، من خلال عقد مناظرة وطنية تشارك فيها كافة المكونات المجتمعية الحكومية وغير الحكومية للتشخيص المشترك لواقع المؤسسات السجنية، وبلورة مقترحات للإصلاح تهم السجون ومراكز الإصلاح والتهذيب الخاصة بالأحداث. إضافة إلى تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة الرامية إلى المصادقة على البروتوكول الثاني الملحق بالعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الخاص بمنع عقوبة الإعدام. كما طلب المجلس من الحكومة المغربية تسريعَ مسلسل المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب، وكذا التسريع بإحداث آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب طبقا لهذا البروتوكول.. إضافة إلى فتح نقاش عمومي واسع حول إحداث هذه الآلية على اعتبار أنها تشكل إلى جانب الزيارات إلى كل أماكن الاحتجاز العامة والخاصة دعامة أساسية لتعزيز حماية الأشخاص المحرومين من حريتهم من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية والمهينة. وكان المجلس ذاته قد عمل على تشكيل فريق عمل، تحت إشراف المجموعة الدائمة لرصد الانتهاكات وحماية حقوق الإنسان التابعة له، للقيام بزيارة 15 مؤسسة سجنية عبر ربوع المغرب، في الفترة الممتدة ما بين 31 يناير و19 يونيو من العام الجاري، بناء على معايير محددة ومتعددة وانطلاقا من منهجية تتلاءم والقواعد النموذجية لزيارة أماكن الاحتجاز وتقنيات الزيارة المتعارف عليها دوليا.