الاحصائيات الأخيرة للمعهد الوطني الفرنسي كشفت معطيات وحقائق جديدة حول المغاربة المقيمين بفرنسا. أهم هذه الحقائق هو عدد هذه الجالية الذي تم كشفه لأول مرة والذي يضم المهاجرين وأبناءهم، سواء الحاصلين على الجنسية أو الذين لم يحصلوا عليها بعد ، حيث أصبح عددهم مليونا و314 ألفا حسب احصائيات المعهد الفرنسي لسنة 2008.هكذا أصبح عدد مغاربة فرنسا ثاني أكبر جالية أجنبية بعد الجالية الجزائرية وتضاعف عددها 3 مرات منذ 1975 ،حيث كانت تشكل هذه الجالية 6 في المائة من مجموع المهاجرين بفرنسا. وهذا المعطى جديد حيث في الاحصائيات السابقة كانوا في المرتبة الثالثة من حيث عدد الأجانب أي بعد الجالية الجزائرية والجالية البرتغالية. هذه الأخيرة تراجع عددها في السنوات الاخيرة، وهو نفس التراجع الذي شهدته الهجرة الإسبانية. أما نسبة المغاربة الذين لم يحصلوا على الجنسية ويعتبرون كمقيمين أجانب، فإن عددهم يصل الى 440 ألف نسبة ،بعد الجزائريين الذين يبلغ عددهم 468 ألف نسمة. من المعطيات التي كشفها هذا الاحصاء أيضا هو أن الفتيات من ابناء المهاجرين المغاربة والتونسيين يحصلون على البكالوريا بمعدل يفوق حتى أبناء الفرنسيين .وهذا المعطى الذي كشفته الاحصائيات يعكس واقعا عكسته أغلب الدراسات وسط أبناء الجالية المغربية المهاجرة بفرنسا، حيث أن الفتيات ينجحن في الدراسة وفي الحياة المهنية أكثر من نظرائهم من الفتيان. عدد المهاجرين من بين سكان فرنسا لا يتجاوز 8.4 في المائة في حين أن أبناء المهاجرين يشكلون 11 في المائة من بين سكان فرنسا .ونسبة الأجانب بفرنسا ليست كبيرة مقارنة بعدد السكان وبباقي البلدان الاوربية مثل ألمانيا أو اللوكسمبرغ، حيث يشكل المهاجرون في البلد الاخير نسبة 48 في المائة من السكان. أما في ما يخص الخصوبة، فإن الأجانب هم من يساهم في نسبتها المهمة حيث تعتبر فرنسا من أكبر البلدان الأوربية من حيث الخصوبة، وعدد الأطفال والنساء من إفريقيا من جنوب الصحراء هم الأكثر خصوبة بنسبة 4 أطفال لكل امرأة، في حين هذه النسبة لا تتعدى 3.25 بالنسبة لنساء من المغرب والجزائر، وما لاحظته هذه الدراسة فإن النساء المهاجرات تقترب نسبة خصوبتهن من الفرنسيات مع تزايد سنوات الاستقرار بفرنسا. ما كشف عنه هذا الإحصاء أيضا هو نسبة النساء التي تزايدت بشكل كبير مقارنة مع بداية هذه الهجرة المغربية في عقد الستينات، والتي كانت تتشكل من الرجال أساسا في بدايتها، قبل فترة التجمع العائلي التي بدأت في عقد السبعينات، لكنها اليوم تراجعت بفعل الحواجز التي وضعتها حكومة ساركوزي السابقة التي جعلت ممارسة حق التجمع العائلي جد معقدة، وتتطلب الحصول على سكن ملائم وأجر كاف وهي خاصية لا يتوفر عليها اليوم العديد من المهاجرين المغاربة، خاصة أن أغلب النساء يصلون الى فرنسا عبر التجمع العائلي. لكن هذا الاحصاء كشف ايضا معطى جديدا هو أن المهاجرين الحاصلين على الاقامة مؤخرا، أغلبهم من النساء وذلك بنسبة 54 في المائة. هذا الاحصاء حول عدد المغاربة بفرنسا هو أقرب للدقة، لكنه لا يجيب عن السؤال الحقيقي وهو: كم عدد المغاربة سواء المجنسين أو غير المجنسين، ذلك لأن العدد الدقيق للمغاربة ومزدوجي الجنسية بفرنسا أكبر بالنظر إلى أن الدراسة لم تأخذ بعين الاعتبار المغاربة من الجيلين الثالث والرابع المولودين بفرنسا أو من أبوين ولدا بفرنسا. كما لم تحص المغاربة الذين ولدوا بفرنسا والذين لم يعملوا على الحصول على الجنسية الفرنسية. وتنبني الدراسة على التعريف الفرنسي للمهاجر، باعتباره «شخصا ولد بالخارج وكان يحمل جنسية أجنبية أثناء الولادة». أما تعريف «المنحدرين من الهجرة فهم الأشخاص الذين ازدادوا بفرنسا ولديهم على الأقل والد من أصول مهاجرة.» وهذه كلها تقنيات وتعريفات للإحصاء جعلت العديد منهم خارج مليون و314 ألفا التي تم الاعلان عليها. هذه الدراسة كشفت أيضا أن ثلث هذه الجالية تسكن باريس وضواحيها وباقي الثلثين يتوزع عبر التراب الفرنسي. وباريس وضاحيتها بصفة عامة تضم أكبر عدد من الاجانب المقيمين بفرنسا الذين تصل نسبتهم من مجموع سكان المنطقة الى 17 في المائة واكبر النسب توجد بحي سان دوني أي 27 في المائة من مجموع سكان المنطقة. وفضلا عن المظاهر الديمغرافية وتدفق المهاجرين ، تبرز هذه الدراسة أوضاع المهاجرين وأوضاع أصولهم في مجالات التربية والشغل وظروف الحياة. إذا أخذنا التعرض الى العنصرية، فإن أبناء المهاجرين هم الاكثر عرضة لذلك 47 في منهم صرحوا بذلك في حين عدد المهاجرين الذين تعرضوا للعنصرية هو 29 في المائة. وفي ما يخص العدد الاجمالي للمهاجرين بفرنسا، فإن إحصاء 2008 يبين أن عددهم 3.7 مليون أجنبي، وهو ما يشكل 6.8 في المائة من مجموع سكان فرنسا وهي نسبة قليلة مقارنة مع باقي البلدان الاوربية مثل ألمانيا. وفي ما يخص عدد الاجانب المقيمين ببلدان الاتحاد الاوربي (27 بلدا ) فقد وصل عددهم الى 30 مليونا، وهو ما يشكل 6.1 في المائة من مجموع سكان هذه البلدان. وينتمي أغلبهم الى باقي البلدان الاوربية سواء البلدان العضوة أو غير العضوة وباقي المهاجرين هم من أصل افريقي أو آسيوي ومن القارة الامريكية، ونسبة الاجانب هي متفاوتة من بلد الى آخر . ففي بعض البلدان مثل بولونيا، رومانيا وسلوفاكيا لا تتعدى نسبتهم 1 في المائة ،في حين تصل هذه النسبة أي عدد الاجانب من مجموع السكان الى 44 في المائة. وفي سنة 2009 منحت البلدان الاوربية جنسيتها ل 696000 مهاجر والبلدان التي منحت جنسيتها بنسبة أكبر هي فرنسا، بريطانياوألمانيا.