عرض "محمد بنعليلو" وسيط المملكة يوم أمس الأربعاء 12 يونيو الجاري بالمعهد العالي للقضاء بمدينة الرباط، الخطوط العريضة للمخطط الإستراتيجي لمؤسسة وسيط المملكة المتعلق ب2019/2023. وفي معرض رده عن سؤال لصحيفة "أخبارنا المغربية" الإلكترونية، حول إلزامية التوصيات التي تصدرها المؤسسة، أوضح "بنعليلو" أن هذا السؤال أسال كثيرا من المداد، مشيرا إلى عدم تواجد أي جهة تملك توصيات إلزامية بالمعنى الزجري في المحيط الدولي. وعرف اللقاء، حضور مجموعة من الشخصيات الوازنة من ضمنها، وزير العدل "محمد أوجار" و"محمد عبد النباوي" رئيس النيابة العامة بالمغرب. وهذا النص الكامل للكلمة التقديمية لرئيس مؤسسة وسيط المملكة نُدرجه قبل عرض الشريط المصور: حضرات السيدات والسادة ؛ الحضور الكريم ؛ تغمرني سعادة كبيرة ومؤسسة وسيط المملكة تستضيف نخبة متميزة من سامي القضاة، ورؤساء المؤسسات الدستورية، وكبار المسؤولين في مختلف القطاعات الإدارية، وتمثيليات عن مختلف مكونات النسيج الجمعوي والاكاديمي والإعلامي، لتشاركها لحظة هامة في مسار أدائها وهي تقدم مخططها الاستراتيجي للخماسية المقبلة 209/2023، المخطط الذي جاء إعداده تجسيدا للإرادة الملكية السامية المعبر عنها أكثر ما مرة في مختلف الخطب والرسائل التي وجهها جلالة الملك، نصره الله، في مناسبات مختلفة حول أداء المرفق العمومي والاهتمام بقضايا المواطنين وخدمتهم، وتنفيذا لتوجيهات جلالته الرشيدة بمناسبة استقبال وتعيين وسيط المملكة. وبهذه المناسبة، أسوق إليكم حضرات السيدات والسادة الأفاضل،كل عبارات الشكر والترحيب، إذ أعتبر حضوركم المكثف، والمتميز، ذا دلالات معبرة ألخصها في ما يمكن الاعتزاز به من إرادة صادقة في التعاون مع هذه المؤسسة، التي يعتبر نجاحها نجاحا للإدارة المغربية ولسيادة القانون وسمو العدل والإنصاف. حضرات السيدات والسادة؛ نعم، إن المؤسسة منذ إحداثها في صيغة "ديوان المظالم" منذ ما يقارب عقدين من الزمن، أرست بحكمة وتبصر، الأسس المؤهلة للعب الأدوار الموكولة إليها، إلا أننا اليوم نعتبر هذه المناسبة علامة فارقة، وحدثا بارزا في تاريخها، حدثا نعتبره مؤسسا لمرحلة ارتقاء جديدة في أداء المؤسسة، قوامه تعزيز التعاون والتشاور والشراكات المجتمعية مع كافة المكونات، من إدارات، ومؤسسات وطنية، وهيآت مدنية وجامعية وإعلامية، في إطار نريده أن يبلور الانخراط التام في دعم ثقافة "التخطيط المعلن للجميع"، بما يؤسسه لتصور مستجد في تدبير المؤسسة، قوامه دعم شفافية الأداء على قاعدة "ربط المسؤولية بالمحاسبة"، إطار يستوعب ما تم تحقيقه من مكتسبات، ويتوجه بوعي نحو معالجة أمور تستدعي المرحلة الانكباب على معالجتها، واستكمال نقائص تستدعي ذات المرحلة استكمالها بجرأة وشجاعة ومسؤولية. ولأننا نعتبر هذا المخطط تعبيرا عن الرغبة الأكيدة التي تحدونا جميعا، في تحقيق هدف مشترك، أساسه سلامة الخدمات العامة، فإننا نعطي من خلال تقديم هذا المخطط بعدا آخرا ملموسا لمفهومنا لتنمية ثقافة تقديم الحساب. وقبل أن أعرض على أنظاركم، المضامين البارزة لمخططنا الاستراتيجي (2019-2023)، اسمحوا لي أن أحيطكم علما في إطار من الوضوح وما يتطلبه المقام، بمنهجية وخلفية وضع هذا المخطط. حضرات السيدات والسادة ؛ إن كل تدبير معقلن لبناء الغد، يفترض بالضرورة تحديد المسار بالشكل الذي يوضح الرؤى المستقبلية، على قاعدة جدولة زمنية مضبوطة، تأخذ بعين الاعتبار ما يلزم من احتياطات للبحث عن الأفضل، كلما طرأت مستجدات قد تغير التوجهات أو تعثر الإنجازات، بعيدا عما قد تفرزه الرتابة التدبيرية من مفاجآت. ومن هذا المنطلق، تم إعداد هذا المخطط بناء على منهجية تشاورية، تأسست على ما أفرزه ذكاؤنا الجماعي من خلاصات، استحضرت مقاربة محددات النموذج الاسترشادي للوساطة المؤسساتية، بنتائج التشخيص النظري والميداني لواقع هذه المؤسسة، من حيث حكامتها الداخلية، وعلاقاتها مع الإدارة والمواطنين، دون أن تغفل إجراء قراءة متمعنة في تراكماتها وما حققته من مكتسبات مهمة، وما يتطلبه تنزيل مقتضيات القانون الجديد في ظل واقع متسارع. وهي المنهجية التي أطرت حرصنا على اتخاذ هذا المخطط وسيلة لجعل المؤسسة:أكثر قربا من المواطن، عبر دعم شفافية أدائها، وتحسين الاستقبال، وتسهيل وتنويع سبل الولوج إلى خدماتها، وأكثر انفتاحا وتواصلا مع الإدارة، لجعلها متفاعلة مع تدخلات وتوصيات وسيط المملكة، وقبل هذا وذاك أكثر تجسيدا، لإيماننا بأن دور هذه المؤسسة ليس إنتاج التوصيات والمقررات، وإنما إيجاد الحلول ورد المظالم. وكما انطلقنا في إعداد هذا المخطط من تشخيص دقيق وهادف لنقط قوة المؤسسة، رصدنا أيضا نقط ضعفها، سواء من الناحية التشريعية أو المهنية أو التدبيرية أو البشرية أو المالية. السيدات والسادة الكرام؛ إنني على يقين من أن تحقيق نتائج ملموسة، ومستدامة، يستدعي عملا جادا مشتركا، يؤسس لانخراط جماعي في خدمة المواطن بعيدا عن الأنانيات القطاعية، والممارسات التي تساهم في اتساع دائرة أزمة الثقة في أداء مؤسساتنا ومرافقنا العمومية. ولأن التدخل في الوقت المناسب، وتحقيق نتائج ملموسة للمتظلمين، يشكلان أحد أكبر التحديات التي تواجه المؤسسة في هذا الصدد، لم نغفل أيضا عن القيام بتحليل منهجي للبنية الخارجية وللعلاقات التي تربط المؤسسة بمحيطها الخارجي، من أجل تحديد مكامن القصور التي تشوب مجال التعاون، والتفكير في إجراءات تقويمية من أجل تحسين مستوى الاستجابة لتدخلات الوسيط، والرفع من التسويات والوساطات الناجحة، وبالتالي تحقيق الأهداف التي نطمح إليها جميعا. ولأن المبتغى المتعلق ب "استدامة التدخل الفعال"، شكل أساس طموحنا، فقد حرص المخطط على التأسيس لمقاربة جديدة في الأداء المهني للمؤسسة توثر الرفع من جودة خدماتها، وتطوير منهجية معالجة التظلمات، ومراجعة بعض تصوراتها الوظيفية، دون أن تغفل تعبئة كل مواردها البشرية والمادية من أجل "مؤسسة حديثة وناجعة"، مرتكز أدائها دعم المهارات المعرفية لرأسمالها اللامادي، وانخراطها الكامل في نظام تدبيري قائم على ما تتيحه التكنولوجيات الحديثة من وسائل وأنظمة معلومياتية توظف ما يوفره الذكاء الصناعي من آفاق أرحب. وقد حرصنا كذلك على أن نجعل من هذا المخطط، أداة فعالة لتطوير التواصل بين الإدارة والمؤسسة، ووسيلة عملية لجعل هذه الأخيرة تشتغل وفق أهداف تكرس قيم الوساطة المؤسساتية، بوسائل وآليات للتدخل، تتوخى تحقيق الانتقال المنشود من معالجة الشكايات والتظلمات إلى قوة اقتراحية لدعم الإصلاح التشريعي والإداري والقضائي الذي تشهده المملكة. إننا نعتبر مخططنا الاستراتيجي هذا، مخططا طموحا، لكنه أيضا مخطط واقعي، قابل للتنفيذ والتقييم وفق مؤشرات مضبوطة، تراعي الإمكانات البشرية والمالية المتوفرة والمتدرجة. إننا واثقون من أن الخماسية المقبلة، ستشكل فرصة لتحقيق التحول نحو تواجد داعم للتطور المؤسساتي العام الذي تعرفه المملكة المغربية، بفضل الرعاية التي يوليها جلالة الملك حفظه الله لهذه المؤسسة، واعتمادا على الانخراط الجماعي وإرادة التعاون البناء لتحقيق أهدافنا الاستراتيجية للسنوات المقبلة. آملين أن نجعل من هذا المخطط دعامة أساسية لمرحلة متقدمة من مراحل تطور أداء هذه المؤسسة، وأن يشكل نقلة نوعية نحو مستوى، تُعتمد فيه مقاربة تعنى في آن واحد وبشكل مندمج بمجالات التسيير والتنظيم وجودة الأداء، نظرا لما للأمر من أهمية بالنسبة للمرتفقين الذين يتطلعون لملامسة التطور العميق لأداء هذه المؤسسة باعتبار دورها في تحقيق العدالة المرفقية بأبعادها ودلالاتها المختلفة. وإيمانا بأن هذا المخطط هو نتاج عمل بشري قابل للإثراء، أرادت المؤسسة من خلاله الانفتاح على كل الفعاليات، لتساهم بما قد يكون لها من ملاحظات ومقترحات، والتي ستشكل لا محال قيمة مضافة ستعمل المؤسسة جاهدة على أخذها بالاعتبار وستسعد بتنزيلها.