في خرق سافر للقانون, الأكاديميات تعتقل أجرة الأساتذة الذين فرضت عليهم التعاقد و تضرب بعرض الحائط مبدأ الأجر مقابل العمل, علما أن الأجرة هي في مقابل ما استخلصته الأكاديمية من جهد الأجير, و هنا هذه المنفعة هي التدريس. فأين نحن من حديث رسول الله و سنته, فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه)، وفي رواية: (حقه) بدل (أجره) رواه ابن ماجه، وصححه الألباني. و هو من الناحية القانونية مخالف لمنطوق الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود، الذي ينص على أن: “… إجارة الخدمة أو العمل، عقد يلتزم بمقتضاه أحد طرفيه بأن يقدم للآخر خدماته الشخصية لأجل محدد أو من أجل أداء عمل معين، في نظير أجر يلتزم هذا الأخير بدفعه له…”. *ظهير 19 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) المتعلق بقانون الالتزامات والعقود. أي أن الأجر والعمل عنصران متلازمان في عقد الشغل بحيث يدور الأول وجودا وعدما مع الثاني. هذا تجاوزا للنظرة الاختزالية للأجر, اي أن الأجرة لا تؤدى إلا عن العمل الفعلي. هنا يصبح صاحب الاختصاص هو القضاء مع امكانية المطالبة بالتعويض عن الضرر اللاحق بالاساتذة من هذا التعسف. فأين وصلت رحلة قطار التعليم الاحتجاجي إذن؟ و من الذي جعل الأساتذة وجها لوجه مع القوات الأمنية بشوارع المملكة؟ ان قطار التعليم الاحتجاجي اليوم توقفت مقطورته الرئيسية وقوفا اضطراريا بمحطة التعاقد و التي عرفت صعود أفواج 2016و 2017و 2018 و الوافد الجديد فوج 2019. وقفة تسببت فيها ملحقات العقود و التي قوبلت بالرفض و العصيان و عدم الرضوخ. قطار متهالك لم ينفع معه تغيير قطع غيار و لا تغيير مسار, من التوظيف إلى التشغيل. قطار يتنفس الصعداء من ثقل حمولته و ضعف طاقته الاستيعابية و تهالك مقطوراته, و الأخطر من ذلك عدم ملاءمته للسكة المرصوفة تحت عجلاته. قطار يلتمس مساره مترددا في خطواته, غير واثق من اتجاهه, انطلق متأخرا عن مواعيده كالعادة, يسابق (الريح). بعد أن احتدم الشد و الجذب بين الأساتذة و الحكومة, و اختلط الأمر بين الملفات الاجتماعية و السياسية هناك وجد مرتزقة السياسة ضالتهم. - سياسة حكومة سعد الدين العثماني أمين حزب العدالة و التنمية ربان سفينة الاختلاف الحكومي, و سوابقها في قمع احتجاجات الأساتذة, هي المسؤول الأول و الأخير عن هكذا اصطدام بين أبناء الشعب المغربي. بعد مسارعة الحكومة و الأكاديميات لاصدار البيانات بالضغط نحو توقيع الملحقات, نزل الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد الى الشوارع و غلقوا الأقسام كرد فعل على قطع الأجرة على الرافضين للتوقيع. كيف لن تنجح الجهود الرامية الى احتواء أزمة التعليم بعد لجوء الحكومة الى تقديم ضمانات للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد من أجل ادماجهم بالأكاديميات التابعين لها بنفس حقوق زملائهم الرسميين, دليل على عدم الثقة بين الطرفين. و مرد ذلك الى أزمة الثقة المجتمعية الناتج عن الأداء السياسي العام و المتعاقب. فمسألة الإخلاف بالعهود الانتخابية سمة كل مرحلة انتخابية, مما أفقد الفعل الانتخابي و العمل السياسي دوره المحوري في تدبير الشأن العام, و تحقيق الرخاء الاقتصادي, و تحصين المكتسبات لعامة الشعب.