ألقى "الحبيب المالكي" رئيس مجلس النواب، كلمة بمناسبة اختتام الدورة الثانية من السنة التشريعية 2017/2018. وتطرق رئيس مجلس النواب في كلمته، إلى حصيلة الدورة واستعراضها بمنطق النوع والقيمة المضافة، وليس بمنطق الأرقام والنسب فقط، كما قال "المالكي". وأكد الرئيس، أنه وتنفيذا لتعليمات جلالة الملك محمد السادس أعزه الله في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة، شرع المجلس في إعداد مساهمته بشأن النموذج التنموي الجديد الذي ينبغي لبلادنا اعتماده، والذي كان موضوع توجيه ملكي إلى الحكومة والبرلمان كي يعد كل في مجال اختصاصاته رؤية في هذا الشأن، حسب ما جاء في نص الكلمة. وهذا النص الكامل لكلمة "الحبيب المالكي": .السيدات والسادة الوزراء السيدات والسادة النواب السيدات والسادة نستعرض في هذه الجلسة الختامية، حصيلةَ الدورة الثانية من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحالية، استعراضٌ ليس بمنطق الأرقام والنِّسب فقط، ولكن أيضا بمنطق النوع، منطقُ القيمة المُضافة في أعمالنا، ومنطق التساؤل عن مدى تَمَثُّلِنَا لروح الدستور وأبعاده، وحمولاتِه الإصلاحية الحقوقية، وتَوَجُّهِه إلى المستقبل، مَنْطِقُ تَمَثُّلِ آثارِ أعْمَالِنَا الرقابية وإنتاجِنا التشريعي ومُنْجَزِنَا في مجال تقييم السياسات العمومية، على الحياة العامة وعلى تطور بلادنا وعلى التماسك الاجتماعي وتحسين أوضاع مواطنينا، وعلى علاقة مؤسستنا بالمجتمع. إنه منطق التفاعل اليقظ والإيجابي مع قضايا المجتمع. وليس هذا التفاعل، اختيارياً، بل هو ضرورةٌ، لأن دِينَاميات المجتمع بكل أبعادها، يَنْبَغي أن تجد صَدَاها في المؤسسات المنتخبة، بل وتُنْقَل إلى قلب الاشتغال المؤسساتي، وفي مقدمته بالطبع البرلمان. وينبغي أن تكونَ موضوعَ حوارٍ وتداولٍ مُؤسساتيٍ بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بِقَصْدِ إيجادِ الحلولِ للمشاكل والتوافقِ على المَخَارِج السياسية والاقتصادية والتدبيرية، العملية والواقعية، بِمَا يُلَبِّي حاجيات المجتمع ومَطَالِبِه، ويَسْتحضرُ في نفسِ الآن، الإكراهات والتحديات والإمكانيات، في سياقات ليست بالسهلة ولا تُسْعِفُ دوماً، مِمَّا يتطلب الإبداع والاجتهاد الجماعي. في هذا الأفق، وتنفيذاً لتعليمات جلالة الملك محمد السادس أعزه الله في الخطاب الذي وجهه إلى الأمة بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة، شرع المجلس في إعداد مساهمته بشأن النموذج التنموي الجديد الذي ينبغي لبلادنا اعتماده، والذي كان موضوع توجيه ملكي إلى الحكومة والبرلمان كَيْ يُعِدَّ كلٌّ في مجال اختصاصاته رؤية في هذا الشأن. ويَنْدرجُ ما أنجزنَاهُ معاً، رئاسةً ومكتباً وفرقاً ولجاناً نيابيةً، في إطار منطق التفاعل مع المجتمع وفقَ رؤيةٍ تلتقط دينامياته المتعددة. ففي ما يخص العمل الرقابي، تَمَثَّلَ ذلك، في النقاش الذي شهدته جلسات الأسئلة الشفوية المتعلقة بالسياسة العامة والذي تمحور حول قضايا تتسم بالراهنية وتستأثر باهتمام الرأي العام من قبيل مستجدات قضية الوحدة الترابية، وصيانة حقوق الإنسان على النحو الذي يرسخ حقوق المواطنة الكاملة ويكفل كرامة المواطن. وتميزت الجلسات العمومية المخصصة للأسئلة القطاعية بنفس التوجه الرامي الى تكريس ثقافة الحوار والاقتراح والبحث عن الحلول للقضايا القطاعية، الاقتصادية، والمالية والاجتماعية والثقافية وعلاقات بلادنا الخارجية، وذلك في تفاعل إيجابي لمجلسنا مع هذه الاوضاع. وقد كانت هذه الجلسات بمثابة وقفات تقييم وحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، تميزت بالنقد البناء، ولكن أساساً بالاقتراحات والتوضيحات، والتوافق على أهمية وضرورة مواصلة الإصلاح والالتزام باتخاذ ما يلزم من تدابير، لتعزيز وترسيخ المكتسبات وضمان اسْتِدَامَتِها والبناءِ على هذا التراكم من أجل التقدم. وبالأرقام، بلغ عدد الأسئلة التي أجاب عنها السيد رئيس الحكومة في الجلسات المخصصة للسياسات العامة 21 سؤالا من بين 44 سؤالا أحيلت عليه باعتبارها أسئلة تتعلق بالسياسة العامة. وبلغ عدد الأسئلة الشفوية التي خضعت لمسطرة الإحالة على الحكومة 972 سؤالا أجابت الحكومة عن 385 منها ومن ضمنها أجوبة عن أسئلة طرحت في دورات سابقة فيما بلغ عدد الأسئلة الكتابية التي أحيلت على الحكومة 2140 سؤالا، توصَّل أعضاءُ المجلس ب 1150 جوابا عنها. وفي باب الرقابة على العمل الحكومي دائما، وفي نفس أُفُقِ التفاعل مع انتظارات المجتمع والنقاش العمومي، مضت اللجان النيابية، من جهة أخرى، في إنجاز مهامها الاستطلاعية باعتبارها آلية رقابية جد ناجعة. وأَعَدَّتْ تقارير وتوصيات حول المواضيع التي اسْتَطْلَعَتْ بشأنها مُتناولةً قضايا مركزيةٍ في انشغالاتِ المجتمع والنقاش العمومي، وذهبت إلى أَبْعَدَ من التشخيص وجَمْعِ المعطيات والمعلومات، إلى اقتراحِ مَخَارجِ وبدائل وتوصيات نعتبر أَنَ مِنْ شأن إِعْمالها تأسيسُ التدبير على أساسِ تعزيز الحكامة الجيدة والجودة والنجاعة مما يجسد مرة أخرى الترصيد والقوة الاقتراحية لمجلس النواب. وهمت المهام الاستطلاعية التي تم الانتهاء منها، أو التي هي في طور الانجاز أسعار المحروقات وأوضاع السجون والمعابر الى المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية وظروف استقبال مغاربة العالم بالموانئ والملاعب الرياضية والرعاية الاجتماعية والخدمات الصحية العمومية. وللتذكير فإن مكتب مجلس النواب وافق خلال هذه الدورة على إنجاز ثمان مهام استطلاعية من بين 16 طلبا أحيلت عليه برسم السنة التشريعية. السيدات والسادة الوزراء السيدات والسادة النواب السيدات والسادة نحرص على أن يكونَ عمَلُنا الرقابي مُنْتِجاً ويُحدثَ الآثار التدبيرية المتوخاة في تجويد التَّدخلات العمومية وتدبير المرافق العمومية وتصحيح الاختلالات. ومن أجل ذلك نحرص على ترصيده وتوثيقه وتقويمه. في هذا الإطار رسخنا آلية جرد وتوثيق التعهدات الحكومة في الجلسات العامة لمجلس النواب، وراسلنا أعضاء الحكومة بشأن كل تعهد. وبلغ عدد هذه التعهدات التي راسلنا الحكومة بشأنها برسم الدورة الحالية 53 تعهداً مقابل 95 خلال دورة أكتوبر ليصل العدد الإجمالي للتعهدات المرصودة برسم السنة التشريعية 148 ردت الحكومة على 32 منها. وهذا تحول مهم نحن بصدد ترسيخه في الثقافة البرلمانية ببلادنا. وما من شك في أن هذه الآلية ستُسْعِفُ في إِعْمَالِ المبدأ الدستوري المتمثل في ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتضعُ الرأي العام في صورة اشتغال المؤسسات. وفي ما يخص تطبيق القوانين، وفي نفس الأفق، أرْسَيْنا آليةَ تَتَبُّعِ هذا التطبيق، لأننا نعتبر أن مصادقة البرلمان على القوانين دون نشرِ المراسيم التطبيقية لإعمالها تَبقَى دون جدوى. وقد أسَّسْنَا ذلك على استنتاجٍ أساسي مَفَادُه أن حوالي ثلث التشريعات التي يصادق عليها البرلمان لا تَصْدُرُ المراسيم التطبيقية بشأنها لِما يتجاوزُ السنة. وبالتأكيد، فإن الإِعْمَالَ الأمثلَ لهذه الآلية التي شرعت اللجان النيابية في تنفيذها، سيقودُنا إلى اعتمادِ مساطرَ أنجع وأكثر تقدما، إذ إِنَّ القوانين تَصْدُرُ لتُنَفَّذَ ولِيَلْمَسَ المواطنون أثارَها على المجتمع، وعلى علاقاتهم بالمؤسسات. وما ينطبق على القوانين ينطبق على خلاصات وتوصيات المهام الاستطلاعية. وفي إطار ذات التوجه، وإعمالاً لمقتضيات الفصل 148 من الدستور والنظام الداخلي أعدت لجنة مراقبة المالية العامة تقريراً بشأن الحساب الخصوصي المتعلق بصندوق التنمية القروية اعتمادًا على تقرير المجلس الأعلى للحسابات في هذا الشأن وعروض وبياناتِ أعضاء الحكومة حول تدبير الصندوق. وفضلا عن المناقشة في الجلسة العامة التي ساهمت فيها الفرق والمجموعة النيابية، اعتمد المجلس بناء على اقتراح من اللجنة المعنية، 23 توصيةً وافقت الحكومة على 17 منها، مما يكَرِّسُ مرة أخرى منهجية التوافق والتجاوب، ويجسد قيمة الحوار حول قضايا مركزية في التنمية، ومِمَّا يكرسُ، تَوَجُّهَنَا كمجلسٍ إلى الاستثمار الأمثل لتقارير المؤسسات الدستورية، ومنها بالطبع المجلس الأعلى للحسابات، من أجل اقتراح ما يُجَوِّدُ حكامة المَرْفَقِ العام وما يجعلُ الإنفاقَ العمومي مُنتِجاً للأَثَرِ الإيجابي على حياة المواطنات والمواطنين. وسنكون حريصين على التطبيق الأمثل لمقتضيات الدستور في ما يخص العلاقات مع باقي المؤسسات الدستورية وهيئات الحكامة. وفي باب التشريع، نعتبر حصيلة المجلس أيضا نوعية، من حيثُ قيمةُ النصوصِ المصادَقِ عليها، والبالغِ عددها 34 بين مشروع ومقترح، منها 29 مشروع قانون وخمس مقترحات قوانين ليبلغ بذلك عدد النصوص التي صادق عليها المجلس خلال السنة التشريعية 65 نصا، منها نصان خلال الدورة الإستثنائية. ويتعلق الأمر في هذه الدورة بعدد من النصوص المُؤَسِّسَة، كما هو الحال بالنسبة لمشروع القانون المتعلق ببنك المغرب ومشروع القانون المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة الكترونية ومواكبتها، ومشروع القانون المتعلق بمؤسسة الوسيط وذَاكَ المتعلق بمدونة التجارة وغيرها. ويتعلق الأمر بنصوص تَكْفَلُ التأطيرَ القانوني لعصرنةِ الاقتصاد والخدمات والنظام النقدي الوطني وتَسْتَشْرفُ مستقبلَ قطاعاتٍ واعدةٍ ومفتوحةٍ على العالم. وفي هذا الباب، ينبغي التذكير بأهمية المبادرة التشريعية لأعضاء المجلس والتي نضعها في صلب الأوراش التي نعمل على تنفيذها. فقد بلغ عدد مقترحات القوانين التي تقدمت بها الفرق والمجموعات النيابية والمحالة على اللجان الدائمة، 82 مقترح قانون. وسنظل في مجلس النواب نُرَاهِنُ على تَفَهُّم الحكومة وعلى الحوار معها وعلى تقدير الأهمية القصوى التي تكتسيها هذه المبادرات التشريعية في إثراء التشريع الوطني، وتسريع وثيرته مما ينبغي معه التجاوبُ مع المبادراتِ التشريعية للمجلس على أساس ما يَكْفَلُه الدستور ومبدأ التعاون وتكامل السلط. وفي نفس الإطار، ينبغي التذكير بأن أعضاء المجلس تقدموا ب 570 تعديلا على مشاريع القوانين المصادق عليها خلال الدورة الحالية قبلت الحكومة 188 منها، أي بنسبة 33 %. وبشأن ممارسة المجلس لوظيفته في مجال تقييم السياسات العمومية، وكَمَا عِشْنَا ذلك جميعاً، تميزت هذه الدورة بتقديم ومناقشة تقرير مجموعة العمل الموضوعاتية المعنية بالتنمية القروية بشأن "مساهمة البرنامج الوطني للطرق القروية الثاني في فك العزلة عن المجال القروي والجبلي بالمغرب". ومَا مِنْ شك في أن اختيارَ هذا الموضوع ليكونَ محورَ تقييمِ السياساتِ العمومية، كاختصاصٍ دستوريٍ حصريٍ للبرلمان، يُجسد تَوَجُّهَ المجلسِ إلى إنجاز وثيقةٍ استندتْ إلى معطيات رقمية، ومستوياتِ الإنجاز ومجالاتِ الاستهداف والإطارات الاتفاقية، لإنجاز تجهيزاتٍ حيوية بالنسبة لسكان الجبال، هذا الخَزَّانُ الثَّرِيُ للقِيَمِ والخيراتِ والمواردِ والتاريخِ والحضارة. ومباشرة بعد تقديم ومناقشة تقرير عملية التقييم الثالثة أطلقنا عملية التقييم الرابعة التي ستكون هذه المرة عملية تقييم قبلية، إذ تم اختيار السياسة الوطنية في ما يتعلق بالتعليم الأولي. وكما أكد ذلك جلالة الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها جلالته يوم 18 يوليوز 2018 إلى المشاركين في اليوم الوطني حول التعليم الأولي ف" إن إصلاح قطاع التربية والتكوين، وفي مقدمته التعليم الأولي، يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للأجيال القادمة. لأن أطفال اليوم، هم رجال الغد" مشددا جلالته على أن" هذا الورش الوطني الكبير يقتضي الانخراط الواسع والمسؤول للجميع، من أجل كسب هذا الرهان، وتحقيق أهدافه، داخل الآجال المحددة". وتفعيلاً لمقتضيات الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، والقانونين التنظيميين بشأن العرائض والملتمسات من أجل التشريع تم تشكيل اللجنة المكلفة بالعرائض والملتمسات فيما يتم إعداد القاعدة والنظام المعلوماتيين الخاصين بتدبير عرائض المواطنات والمواطنات وملتمساتهم من أجل التشريع، ضماناً لتدبيرٍ شفافٍ لهذه المبادرات المواطنة. وإذا كانت الديموقراطية التشاركية والمواطنة إصلاحاً مركزيا متقدما في دستور 2011، فإننا نعتبرُ المجتمع المدني، شريكاً أساسياً في إِعْمالِ هذه الصيغة الراقية من المشاركة في تدبير الشأن العام، وفي اقتراح التشريع وفي تأطيرِ مطالبِ المواطناتِ والمواطنين في صيغة عرائض، مع ما لذلك من فوائد في نقل انشغالات المجتمع ومطالبه إلى قلب المؤسسات، وبالتالي البحث عن حلول لها. ومع كل الحرص الذي ينبغي أن يَظَلَّ قائماً على احترام سلطة المؤسسات الدستورية وشرعياتها، وخاصة الشرعية الانتخابية في حالة البرلمان،فإنَّنا نعتبرُ هيئاتِ المجتمعِ المدني، شريكاً في إِعْمَالِ الديموقراطية التشاركية والمواطنة. وبعد أن اعتمدنا المقتضيات التشريعية والمساطر التدبيرية للعرائض والملتمسات سننظم ابتداء من الدخول البرلماني المقبل سلسلة لقاءات للتوعية والتحسيس والحوار مع المجتمع المدني في شأن مبادرات المواطنين، وذلك في سياق تنفيذ التزاماتنا في شأن الشراكة من أجل برلمان منفتح وإعْمَالاً، بالطبع، لمقتضيات الدستور. السيدات والسادة الوزراء السيدات والسادة النواب السيدات والسادة بالموازاة مع الحصيلة النوعية في أعمال المجلس على مستوى الجلسات العامة التي بلغ عددها 28 جلسة، واصلت اللجان النيابية الاشتغال بدينامية أسْرَعَ وأنجعَ، ليس فقط في الشَّقِ التشريعي، ولكن أيضا، وبالأساس في ممارسة الاختصاص الرقابي، إذ إن من بين 90 اجتماعاً عقدتها برسم هذه الدورة، تم تخصيص 45 اجتماعاً للعمل الرقابي ومساءلة الوزراء والاستماع إلى بياناتهم حول قضايا مركزية تتسم بالراهنية من قبيل القضية الوطنية، وترسيخ حقوق الإنسان وصيانتها والتربية والتكوين والتعليم، والتشغيل وخدمات الماء والكهرباء والتنمية القروية والتغطية الاجتماعية وأوضاع المقاولة الوطنية وقضايا مغاربة العالم. وفي هذا الصدد نسجل انه لأول مرة يحدث توازن بين الأعمال الرقابية والأعمال التشريعية للجان وهو مؤشر آخر للثقافة البرلمانية الجديدة التي يتم إرساؤها. وفي سياق إعمال الدستور في ما يرجع إلى تمتيع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات، وسعي الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، واصلت مجموعة العمل الموضوعاتية المكلفة بالمساواة والمناصفة، أعمالها وراكمت العديد من الاقتراحات والتوصيات التي ستكون بدون شك جد مفيدة في اعتماد التشريعات والتدابير والسياسات العمومية لبلوغ هدف المساواة والمناصفة وإعطائها مضمونا عمليا. وأغتنم هذه المناسبة لأثْنِيَ على دينامية هذه المجموعة، وعلى أداء مجموع النساء أعضاء هذا المجلس وعلى عطائهن المتميز. السيدات والسادة الوزراء السيدات والسادة النواب السيدات والسادة إذا كانت هذه الحصيلة في ممارسة المجلس لاختصاصاته الدستورية، تدعو للارتياح وتحفز إلى مزيد من الإنتاج النوعي، فإنها ما كانت تتحقق بهذا النحو، لولا تجاوب الحكومة والتي أشكر رئيسها وأعضاءها على ما جسَّدُوهُ من روح التعاون والتكامل والاستعداد الدائم للبحث عن الحلول التوافقية للقضايا المطروحة. وهو ما انخرط فيه أعضاء المجلس الذين أثني على تعبئتهم من أجل تجويد أعمال المؤسسة. وإدراكا من مجلسنا للدور الحاسم للدبلوماسية البرلمانية الثنائية والمتعددة الأطراف في العلاقات الدولية وتأثير البرلمانات والمنظمات البرلمانية المتنامي في القرار الدولي، واصَلْنا إعمالَ الرؤية الجديدة في مجال العلاقات الخارجية والتعاون الدولي مكرسين مقاربات الترصيد والحضور والاستباق والمأسسة والتأطير القانوني لعلاقاتنا الثنائية مع البرلمانات الوطنية والانتقال من الظرفي إلى المُمَأْسَسِ المستدامِ. وفي هذا الصدد، عَمِلْنا على توطيد علاقاتنا مع عدد من البرلمانات الوطنية في أمريكا اللاتينية وآسيا ومنطقة البلقان، إذ وقعنا خلال هذه الدورة على خمس اتفاقيات ومذكرة تفاهم مع المؤسسات التشريعية في كل من صربيا والجبل الأسود وجمهورية البنين وبرلمان دول الأنديز وبرلمان أمريكا اللاتينية والكراييب. ونظمنا كبرلمان مغربي دورتين لكل من المنتدى البرلماني المغربي الإسباني والمنتدى البرلماني المغربي الفرنسي واللذين كانا بمثابة قمتين برلمانيتين انكبتا على دراسة مواضيع في غاية الأهمية بالنسبة لعلاقاتنا مع هاتين الدولتين الصديقتين؛ كما نظمنا لقاء دراسيا مع برلمان المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا (CEDEAO)، حول تنقل الأشخاص والبضائع في إفريقيا. وكان للزيارات التي قامت بها رئاسة ومكتب المجلس وأعضاء مجموعات الصداقة مناسبات لتوثيق العلاقات مع البرلمانات الوطنية والتعريف بقضايا بلادنا. ونتوخى من هذه المأسسة والتأطير الاتفاقي ضمان استدامة العلاقات وترسيخها وترصيد المُحَقَّق في إطارها وبنائها على الالتزامات المتبادلة والدفاع المتبادل عن المصالح والقضايا الحيوية لبلادنا ولشركائنا. وعندما نقوم بذلك، فإننا نحرص على أن نكونَ اقتراحيين نستكشفُ مع مُخَاطَبِينَا وشُرَكَائِنا إمكانياتِ التعاون المتعدد القطاعات وآليات مَأْسَسَةِ الدور الجديد للبرلمانات في العلاقات الدولية. وبالموازاة مع ذلك واصلنا ترسيخَ حضورنا في إفريقيا في الاطارات الثنائية ومتعددة الأطراف. وقد كان من علامات ذلك انضمام البرلمان المغربي، كعضو كامل العضوية إلى برلمان عموم إفريقيا وحصول مجلسنا في أول دورة يحضرها بصفته عضوا في هذه المؤسسة القارية على مهمة مقرر لجنة العدل وحقوق الإنسان. ويندرج هذا الحضور الفاعل، في صميم سياسة المغرب الإفريقية التي يرعاها تخطيطاً وإعمالا في الميدان جلالة الملك محمد السادس. وبالتأكيد، السيدات والسادة النواب، فإن حضورنا النوعي والاستباقي واليقظ في الدبلوماسية البرلمانية، يتصدره اهتمام مركزي هو الدفاع عن قضية وحدتنا الترابية والتصدي لكل الادعاءات والافتراءات التي ينسجها خصومنا. وأغتنم هذه المناسبة لأُثْنِي على تعبئة أعضاء المجلس، في مكتب المجلس ورئاسات الفرق واللجان، وفي مجموعات الصداقة والشُّعَبِ الوطنية واحترافية أدائهم في الدبلوماسية البرلمانية. وترسيخاً لمنهجية المَأْسَسَةِ والترصيد، أَحْدَثْنَا، إعمالا للنظام الداخلي للمجلس، ثلاث مجموعات موضوعاتية جديدة تُعنى الأولى بقضية الوحدة الترابية للمملكة والثانية بالشؤون الإفريقية والثالثة بالقضية الفلسطينية التي تعتبر انشغالا مركزيا بالنسبة للمملكة المغربية. وبهذه المناسبة لا يَسَعُنِي إلا أن أُشِيدَ مرة أخرى بالمواقف الحازمة المُنَاصِرة للعدل والحق التي مافتئ جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس الشريف. يؤكد عليها والداعية الى تمكين الشعب الفلسطيني من كامل حقوقه الوطنية، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. ومن البديهي أن يسير مجلسنا على هذا الطريق المناصر للعدل وللشرعية الدولية وهو ما جسدناه في عدد من المبادرات كان منها النقاش الذي فتحناه خلال جلسة 14 ماي 2018 على إثر أعمال القتل التي مارستها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في حق عدد من أبناء الشعب الفلسطيني. ومن جهة أخرى، واصل المجلس في إطار برامج التعاون الدولي تنفيذ البرامج المتفق بشأنها مع عدد من الشركاء الدوليين في إطار التفاعل والتعرف على الممارسات البرلمانية المقارنة والتعريف من جهة أخرى بنموذجنا، وبما يحققه المجلس في ممارسة عدد من اختصاصاته. ولا تخفى عليكم القيمة المضافة الكبرى لهذه البرامج في توطيد علاقاتنا مع عدد من البرلمانات الوطنية. السيدات والسادة الوزراء الزميلات والزملاء السيدات والسادة حتى يتمكن مجلس النواب من القيام بمهامه واختصاصاته ووظائفه، ينبغي أن يتوفر على وسائل العمل، وخاصة على إدارة برلمانية عصرية وقوية بموارد بشرية كفأة، مواكبة ومنضبطة. في هذا الصدد صادق مكتب المجلس على خطة عمل جديدة للمجلس، أسَّسَتْ على التراكم، وتتضمن أكثر من 140 تدبيراً مركزيا. ومن جهة أخرى صادق مكتب المجلس على منظام جديد لإدارة المجلس سيمكن العمل به من هيكلة هذه الإدارة وفق رؤية شاملة متوجهة نحو المستقبل. وستتم هذه الهيكلة وفق الشفافية ومبادئ الاستحقاق وتكافؤ الفرص وأخذا بعين الاعتبار عنصر الكفاءة والمردودية والانضباط والانخراط في عمل المؤسسة. وسيظل الرهان والهدف الرئيسي هو مساهمة المجلس في ترسيخ الممارسة الديموقراطية وتقوية دولة المؤسسات ومواصلة تنمية بلادنا وتطويرها وتمنيعها وصيانة استقرارها وأمنها تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله، في سياقات دولية وإقليمية، تعرفون ما الذي يميزها. وعلينا أن نستحضر أن بلادنا بقيادة جلالته حققت الكثير من التقدم وعددا من التحولات والمكتسبات السياسية والحقوقية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية الحاسمة، وعلى مستوى تموقعها القاري الدولي، وهو ما يتعين على الجميع العمل على ترصيده. وعلينا، دوما، أن نستحضر، في الممارسة والخطاب، أن تقوية المؤسسات، ومنها البرلمان، أمرٌ حاسمٌ وضروري للحفاظ على الاستقرار والأمن. وعلينا أن نُدْرِكَ أن قوة المؤسسات مرتبطة بقدرَتِنَا على ترسيخ ثقافة التوافق في القضايا الكبرى للوطن. وعلينا أن نَتَمَثَّلَ قيمةَ برلمانِ القرب بما هو إصغاء للمواطنين والتعرف على حاجيات المجتمع. من أجل ذلك ينبغي أن نتعبأ جميعأً وسوياً، بنفس التصميم وروح التعاون بين المجلس والحكومة وباقي المؤسسات الدستورية ومؤسسات الحكامة. وفي الختام، أود أن أشكر كل من ساهم ويساهم في تيسير أعمال المجلس وفي مقدمتهم موظفات وموظفي المجلس على تعبئتهم جميعاً من أجل تمكين السيدات والسادة الأعضاء من القيام بمهامهم، كما لا يفوتني أن أشكر أفراد أمن البرلمان ونساء ورجال الصحافة على مساهمتهم في تناول أعمال المجلس. شكراً على حسن الإصغاء