نحن كبرلمانيين مطالبون بجعل هذه المؤسسة تساهم في ترسيخ الإصلاحات وتوطيد البناء المؤسساتي والاستجابة لانتظارات المواطنات والمواطنين قال الحبيب المالكي «نعرب عن تعبئتنا التلقائية، في مجلس النواب، وانخراطنا الكامل في تفعيل كافة آليات المحاسبة بما فيها محاسبة الذات، كلما اقتضى ذلك الواجب والمسؤولية القانونية والأخلاقية ؛ والمحاسبة المؤسساتية التي ألح عليها، الخطاب الملكي السامي». وأضاف الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب في كلمة له بمناسبة اختتام الدورة التشريعية الثانية من السنة التشريعية الأولى من الولاية التشريعية العاشرة، في إطار هذه الرؤية الملكية، نحن مطالبون في مجلس النواب بجعل هذه المؤسسة مساهمة في ترسيخ الإصلاحات، وتوطيد البناء المؤسساتي، والاستجابة لانتظارات المواطنات والمواطنين في مجالات التشريع، ومراقبة العمل الحكومي، وتقييم السياسات العمومية، وتمثيل المواطنين، والتواصل معهم، وجعل المؤسسة أقرب إليهم. حصيلة هذه الدورة لمجلس النواب وأوضح المالكي أن هذه الدورة كانت مثمرة، بفضل مساهمة النواب وتعبئتهم الاستثنائية، وكذا بفضل التعاون، والتواصل، والحوار الدائم والمثمر والبناء، بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وهكذا، «صادقنا على البرنامج الحكومي بعد نقاش غني مثمر، وحصلت الحكومة على التنصيب البرلماني، بعد ثقة وتعيين جلالة الملك لها. وتمكنا، في أعقاب ذلك مباشرة، من مناقشة القانون المالي والمصادقة عليه. وكان هذا الاستحقاق مرة أخرى مناسبة للحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حول اختياراتنا الاقتصادية والمالية ونجاعتها وآثارها الاجتماعية» وقد أثمر هذا النقاش قبول الحكومة لنسبة ما يناهز 40 % من التعديلات التي تقدم بها أعضاء المجلس على مشروع قانون المالية والبالغة 154 تعديلا، وهو ما أثرى القانون المالي، ويشجع على تعزيز المساهمة البرلمانية في إغناء قوانين المالية وتجويدها. في المجال التشريعي اعتبر رئيس مجلس النواب حصيلة الإنتاج في هذا المجال، حصيلة هامة بالنظر إلى الزمن الذي استغرقته مناقشة القانون المالي، حيث صادق مجلس النواب على 49 مشروع قانون، ومشروع قانون تنظيمي واحد يتعلق بتحديد شروط وإجراءات الدفع بعدم دستورية قانون ما، أي تمت المصادقة على نسبة 71% من مشاريع النصوص المحالة على المجلس والبالغة 71 مشروعا منذ بداية السنة التشريعية. وأبرز المالكي أن هذه النصوص التشريعية المصادق عليها تغطي حقوقا،وقطاعات، وأنشطة، وخدمات مختلفة، من قبيل القضاء، وتعزيز استقلاليته، وصيانة حقوق الإنسان، وتكريس المناصفة، ومكافحة التمييز، وإحاطة حق الملكية بمزيد من الضمانات القانونية، وتوفير الإطار القانوني لتطوير الاقتصاد الرقمي، وتوحيد الإطار المؤسساتي لتشجيع التصدير، وجلب الاستثمارات الأجنبية، وترصيد وتكريس الحقوق الاجتماعية، والتكريس الدستوري لدور ومكانة الشباب والجمعيات في المجتمع. النظام الداخلي للمجلس وأكد رئيس مجلس النواب أن المجلس قد حرص على أن يصادق على نظامه الداخلي المعدل، موضحا في هذا الصدد أنه نص ساهمت فيه مختلف مكونات لجنة النظام الداخلي، وصيغ على النحو الذي يلائم أحكام الدستور وبناء على التراكم، ويتوخى ويستحضر الانفتاح على المجتمع، وينص على العديد من آليات العمل ويستوعب خلاصات الممارسة البرلمانية الوطنية. ولا تخفى عليكم الأهمية الكبرى للنظام الداخلي بالنسبة لتيسير أعمالنا. المصادقة على عدد من الاتفاقيات وسجل المالكي أن الحصيلة أيضا تضم الموافقة على اتفاقيات ثنائية ومتعددة الأطراف. وتكتسي مصادقة المجلس على هذا العدد الوافر من الاتفاقيات خاصة مع بلدان إفريقية شقيقة، ومن أجل الانضمام إلى المؤسسات الإفريقية، بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، (تكتسي هذه المصادقة) أهمية خاصة. فالأمر يتعلق باتفاقيات وقعت خلال زيارات جلالة الملك محمد السادس لهذه البلدان وتحت إشراف جلالته. اتفاقيات -يقول المالكي- من شأن تنفيذها المساهمةُ في تنويع وتعزيز علاقاتنا ومبادلاتنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والخدماتية والروحية مع هذه البلدان، وتيسير الاستثمارات المغربية فيها، وهو ما يشكل دعامة للسياسة الإفريقية الجديدة للمغرب التي يقودها ويسهر عليها جلالة الملك، وتحكمها رؤية استراتيجية مبنية على الشراكة والربح المشترك وإعمال اختيار التعاون والشراكة الصادقة جنوب-جنوب، بما يعزز انبثاق إفريقيا الجديدة الصاعدة. وأضاف المالكي في ذات السياق أن التصديق على عدد من الاتفاقيات المتعلقة بالاتحاد الإفريقي، سيمكن البلاد من الانضمام إلى مؤسسات افريقية استراتيجية من قبيل برلمان عموم إفريقيا ومفوضية الأمن والسلم بالاتحاد، مع ما لهذا الانضمام من أهمية في الدفاع عن قضايانا وفي مساهمة المغرب في تطوير آليات عمل مؤسسات الاتحاد، مؤكدا انه ليس في حاجة إلى التذكير بآثار كل ذلك على ترسيخ تموقع المغرب في الجغرافية السياسية القارية والدولية وانعكاساته الإيجابية على الدينامية الاقتصادية في البلاد. وشدد رئيس مجلس النواب على ضرورة أن يشكل التفاؤل وتثمين الحصيلة، حوافز لتطوير المبادرة التشريعية التي مصدرها مجلس النواب كما و كيفا، علما بأن عدد مقترحات القوانين المحالة على المجلس منذ بداية الولاية الحالية يبلغ 35 مقترحا. «وسنحرص على النهوض بالمبادرة التشريعية من جانب مؤسستنا باتخاذ عدد من الإجراءات منها ما ضمناه في النظام الداخلي». وأشار المالكي إلى أنه بجانب المجهود التشريعي المطلوب تجسيد مفهوم برلمان القرب على مستوى التشريع ، والبرلمان القريب تشريعيا من المواطنين ينبغي أن يتجاوب، على نحو جدلي، مع الظواهر والقضايا والحاجيات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبرلمان القرب ينبغي أن يتتبع ويراقب تنفيذ القوانين خصوصا من خلال مراقبة إصدار القوانين وبالأساس إصدار مراسيمها التطبيقية. في مجال مراقبة العمل الحكومي في مجال مراقبة العمل الحكومي، أوضح رئيس مجلس النواب أن عدد الأسئلة بلغ 5357 منها 3426 سؤالا شفويا و1931 سؤالا كتابيا . وبلغ عدد الجلسات العامة التي عقدها المجلس 34 جلسة موزعة بين جلسات للتشريع وأخرى لمراقبة العمل الحكومي والاستماع إلى تقارير المؤسسات الدستورية ومناقشتها، استغرقت أكثر من 74 ساعة من العمل. وعقدت اللجان النيابية الدائمة 149 اجتماعا استغرقت 420 ساعة أي بمعدل اشتغال 52 يوما كاملا إذا احتسبنا 8 ساعات عمل في اليوم، و بمعدل حضور يتجاوز 70 في المئة. ومن جهة أخرى، تواصل مجموعة العمل المكلفة بتقييم السياسات العمومية اشتغالها حول موضوع الطرق بالمناطق الجبلية. ونتطلع يقول المالكي « إلى أن تكون نتائج عملها مفيدة في تجويد السياسات والبرامج العمومية. و سواء تعلق الأمر بالموضوع الذي تشتغل عليه مجموعة العمل الموضوعاتية أو بالتقريرين اللذين توجا مهمة التقييم السابقة، فإن الأهم والغاية، هي استثمار نتائج التقييم من أجل تصحيح الاختلالات واستدراك جوانب النقص، في كل سياسة عمومية تخضع للتقييم، وتجنب ارتكاب نفس الأخطاء عند التخطيط ووضع البرامج وعند التنفيذ، وتلك مسؤولية الحكومة والمصالح الخارجية اللامركزية والجماعات الترابية، ولكن أيضا مسؤولية البرلمان الذي عليه ممارسة مهامه في مساءلة الحكومة وممارسة اختصاصاته الرقابية انطلاقا مما وقف عليه من اختلالات عند التقييم». في مجال الديبلوماسية البرلمانية أبرز المالكي أن في مجال الدبلوماسية البرلمانية، كان الحرص أولا على تشكيل مجموعات الصداقة البرلمانية مع 140 برلمانا وطنيا لإدراكنا أهميتها في توطيد العلاقات مع البلدان التي تمثلها وفي تعزيز الثقة معها، كما شكلنا 15شعبة وطنية في المنظمات البرلمانية متعددة الأطراف، بالإضافة إلى اللجنة البرلمانية المشتركة بين البرلمان المغربي والبرلمان الأوروبي. وبالموازاة مع ذلك، شارك المجلس، واحتضن عددا من المؤتمرات والاجتماعات البرلمانية متعددة الأطراف الدولية والقارية والجهوية، كان آخرها المؤتمر الخامس والعشرون الطارئ للاتحاد البرلماني العربي «دورة القدس» التي انعقدت بناء على دعوتنا بصفتنا رئيسا للاتحاد على إثر الإجراءات القمعية والعنصرية الإسرائيلية في المسجد الأقصى. وتوجت الدورة ببيان أدان السياسات الإسرائيلية، وحدد مجموعة من الخطوات التي سينجزها الاتحاد لمواجهة سياسات الاحتلال. وكان المؤتمر مناسبة لتثمين الدور المركزي والحاسم والمواقف النبيلة والجريئة التي يتخذها جلالة الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس، للحفاظ على الطابع العربي للقدس الشريف، ودعم صمود أهلها وحماية المسجد الأقصى . وفي هذا الباب، قال المالكي «لا تخفى عليكم أهمية ما ينجزه مجلس النواب في مجال الدبلوماسية البرلمانية تكاملا مع الدبلوماسية الرسمية وحشد الدعم لقضايا المغرب ودفاعا عن مصالحه الحيوية وفي مقدمتها الدفاع عن قضية الوحدة الترابية وتقوية حضوره النوعي الفاعل والمؤثر في منظومة الدبلوماسية البرلمانية التي أصبحت إطارا لإنضاج المواقف واستشراف الشراكات وتوطيد العلاقات حيث حرصنا على تفعيل مختلف آليات التعاون والحوار البرلماني على الصعيدين الثنائي ومتعدد الأطراف…» إعمال مقتضيات الدستور لتفعيل حق تلقي الملتمسات من أجل التشريع والعرائض قال رئيس مجلس النواب «سيكون على مجلسنا الشروع في إعمال مقتضيات الفصلين 14 و15 من الدستور، المتعلقين بتلقي الملتمسات من أجل التشريع والعرائض. ومن أجل ذلك عملنا على إدراج مقتضيات تتعلق بإعمال هذين الفصلين في النظام الداخلي للمجلس بما يتلاءم والقانونين التنظيميين المتعلقين بشروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات من أجل التشريع والعرائض» وذكر المالكي بأهمية هذا الإصلاح الدستوري والسياسي والمؤسساتي في إعمال الديمقراطية التشاركية وتيسير مشاركة المواطنين في مقاربة الشأن العام، مشددا على أن الأمر يتعلق بورش هام يقع في قلب الإصلاح الدستوري الذي اعتمده المغرب في 2011، إذ أن ممارسة هذا الحق تساهم في تعزيز الديمقراطية بتمكين المواطن من المشاركة في القرارات المتخذة مركزيا ومحليا مما يعزز الثقة في المؤسسات ويزيد من اقتدارها لدى المواطن. وفضلا عن ذلك، فإن ممارسة هذا الحق تساهم في تعزيز مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة الذي نص عليه الدستور، وشدد جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2017 على ضرورة تطبيقه بصرامة . ومن أجل تيسير تفاعل المجلس مع إعمال هذا الحق، نعمل في إطار أحد برامج التعاون الدولي على إحداث القاعدة المعلوماتية لتلقي ومعالجة العرائض والملتمسات بما لذلك من ربح رهان الديمقراطية التشاركية. على سبيل الختم شدد المالكي على أن هذه الجلسة تشكل مناسبة لتجديد الدعوة إلى التعبئة الجماعية لأعضاء المجلس، من أجل جعل المؤسسة رافدا مؤسساتيا لتعزيز الدينامية الإصلاحية التي تميز البلاد وإعمال الدستور والارتقاء إلى مستوى الإصلاحات الدستورية والمؤسساتية التي اعتمدها، ويعتمدها، المغرب والتي ينبغي أن تنتج سياسات يلمس المواطن ثمارها. وتعهد رئيس مجلس النواب أن تشكل السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة، سنة تجسيد برلمان القرب والتفاعل الإيجابي مع انتظارات المجتمع ومع الذي يشغله تشريعا ومراقبة وتمثيلا للمواطنين وعملا في الواجهة الخارجية، سنة إعطاء نفس جديد للعمل البرلماني مساهمة في تعزيز الإصلاحات التي تراكمها بلادنا بتدرج وبثبات والتي ينبغي أن تنتج الوَقْعَ الضروري على الحياة اليومية للمواطنين.تلك مسؤولية كل واحدة وكل واحد منا، ومسؤولية أجهزة المجلس مكتبا ولجانا دائمة، ولم تفته الفرصة ليتقدم بالشكر لأعضاء المجلس على تجندهم لإنجاح هذه الدورة، ومسؤولية رؤساء الفرق والمجموعة النيابية وجميع النواب الذين أثني على تعبئتهم ومساهمتهم البناءة في تيسير أعمال المجلس وإثرائها، والشكر موصول إلى كافة العاملات والعاملين بإدارة المجلس وإلى العاملين في وسائل الإعلام من تقنيين ومصورين وصحفيين على مواكبتهم لأشغال المجلس، خاتما كلمته ب «أعاننا الله لما فيه خير بلادنا وتنميتها واقتدارها وتقدمها تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده»