يبدو أن سياسة الوزير السابق محمد حصاد على رأس وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي ومدخله الإصلاحي للقطاع بصباغة الجدران لم يكن كافيا لتلميع صورة المدرسة المغربية أو على الأقل الحفاظ على وضعها دون انفلات؛ فمنذ الدخول المدرسي الجاري وحالات الاعتداء على الأساتذة والأستاذات في تصاعد خطير، بل شهد الموسم الحالي حالات تعنيف غير مسبوقة، مما جعل التساؤل يطرح بجد: هل المدرسة المغربية محضن للتربية والتعليم أم أنها مؤسسة أصبح التواجد بها مصدر خوف وقلق وارتياب؟ كما عرف الموسم الدراسي في بدايته إعفاءات كثيرة لمديرين إقليمين وجهويين ليكون الختام بالمسؤول الأول عن القطاع بربوع الوطن السيد الوزير محمد حصاد.
من هنا يتبين أن الإصلاح الحقيقي هو إصلاح للعقول قبل غيره من مداخل الإصلاح التي لها أهميتها بالتبع، بعد إصلاح صاحب التدبير والتسيير بالأصالة. ومما يلاحظ من خلال الإعفاءات أو القرارات التي تصدر من حين لآخر، لمن هم على رأس المسؤولية في القطاع سواء محليا أو إقليميا أو جهويا، أنهم أبعد ما يكون عن فهم ما يقتضيه التدبير والتسيير، والملاحظ أن الجامع المشترك بين هؤلاء جميعا هو تضخم "للأنا" تجاوز الحدود وتجاوز القانون المنظم للعلاقات، فتجد منهم من يصدر قرارا للتكليف في تجاوز لكل المذكرات، ومعللا ذلك برغباته وهواه. ومنهم من لا يكلف نفسه فتح تحقيق في تظلمات ولا اطلاع على الوثائق والمستندات، ويطلق العنان لقلمه باعتبار أن قراراته صدرت بناء على اتصال بالسيد المدير، في عبثية واستهتار، معتبرا نفسه فوق المساءلة والحساب. كما هو شأن صاحبنا الذي عوض أن يتساءل عن سبب سوء التدبير في تكديس لأساتذة علوم الاقتصاد والتدبير، ورفع تقارير للجهات المختصة تفعيلا لمبدأ الحساب، تجده يوجه بندقيته صوب الأستاذ طالبا منه القيام بما لا وجود لقانون يلزمه به، ولا مصلحة تربوية تبرره.
سيدي المدير الإقليمي إن مطالبتك لأساتذة علوم الاقتصاد والتدبير بتدريس الرياضيات أو الفرنسية أو الاجتماعيات، ما مستندك القانوني فيه؟ وما تبريرك التربوي له؟
أنتم القدوة لغيركم في احترام القانون وتنزيله، فلا يليق بموقعكم أن يصدر منكم الشطط وسوء الامتثال للقوانين في تكريس لمبادئ الاستبداد والتسلط....
رجاء يا من تتحلون القيادة في التسيير، فأبناء المغاربة أمانة في أعناقكم، فلا تتلاعبوا بمستقبلهم وتكوينهم، فالرياضيات لها أهلها من أهل الاختصاص كما هو الشأن باللغة الفرنسية والاجتماعيات. وأساتذة علوم الاقتصاد والتدبير لهم مجالهم الذي يلزمهم. فكفى عبثا وتلاعبا باستقرار الأستاذ، وتدميرا للتلميذ وتضعيفا له