الحقيقة أن المرء يقف مشدوها مندهشا مما يحدث هذه الأيام فيما يمكن وصفه بالهستيريا، التي أصابت بعض دول مجلس التعاون الخليجي ذوي التماهي مع النظام المصري الانقلابي. إنه نوع من التسونامي، الذي أصاب العلاقات الخليجية في مقتل من حيث لا يدرون. التحليلات المختلفة لما يجري في الواقع كشفت عورة الخليجيين، وهنا يظهر للعيان زيف مقولة "خليج واحد شعب واحد"، التي يتباهى الساسة ويرددونها بوعي لا يرقى إلى وعي الشعوب الخليجية التي استطاع بعض قطاعاتها المجتمعية الدفاع عن النسيج الخليجي الواحد... أياد خفية مناصرة للظلم مستهدفة للثروات تعمل بدون مسؤولية على زعزعة استقرار دول مجلس التعاون، لإفشال التلاحم الخليجي الذي أظهر تماسكا فولاذيا أثناء ثورة الربيع العربي.
وما يحير العقول في هذه الأزمة المفتعلة، هو التحامل اللاأخلاقي على دولة شقيقة مسلمة عربية خليجية. دولة قطر التي عرف عنها كل الخير، واشتهرت بالمصداقية ومد يد العون للجميع بغض النظر عن التحالفات. فلكل دولة الحق التحالف حفاظا على مصالحها العليا.
قد يختلف الساسة والحكام فيما بينهم ويقاطون بعضهم بعضا. لكن الشعوب لن تنزلق ولن تقف مع ظلم الظالم أبدا مهما حاول أهل الشر ومهما استعملوا من وسائل التهديد والقمع لبث الرعب في الصفوف
ستبقى الأغلبية الساحقة من أبناء الخليج ترفض هذا الظلم والحيف الذي نزل على دولة شقيقة كقطر.
إن كانت الشعوب العربية صامتة الآن، ولم تجد الفرصة بعد للتعبير عن سخطها وامتعاظها من هذا الوضع البائس؛ فلن تعدم يوما ما فرصة لرفض هذا الظلم وتمزيق الصحيفة، كما مزقت الصحيفة الظالمة التي حاصرت النبي محمد صلى الله عليه وسلم في شعب قريش من قبل.
إن الوضع اليوم في عالمنا العربي والإسلامي سيئ للغاية وبشكل غير مسبوق. فقد وصلنا - يا للهول - إلى درجة ميل بعض من كنا نظنهم من أهل الحق والرأي والمشورة، مالوا مع دعوات الظلم والفتنة، وانساقوا كالنعاج مشاركين في مسلسل تخريب الوطن العربي خدمة للكيان الصهيو-صليبي.
إنهم يشاركون في مسرحية كتب نصها الأعداء، وقام على إخراجها الأفاكون، ويقوم بدور التمثيل فيها أبناء جلدتنا. إنها مسرحية ظلم وعدوان بامتياز.
فعلى العقلاء من زعماء العرب، التقدم بسرعة لدور الوساطة وتقريب وجهات النظر، كما تقدمت مشكورتين، كل من دولتي الكويت والمغرب.