الصحراء المغربية: جمهورية غانا تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع 'الجمهورية' الوهمية    السكوري يؤكد أن تعديلات إضافية ستطرأ على مشروع قانون الإضراب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    شركة "سبيس إكس" تطلق 24 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    عاصفة ثلجية قوية تشل حركة أوروبا    الدولي المغربي عبد الرزاق حمد الله يصبح الهداف التاريخي لكأس الملك السعودي    محمد صلاح يرد على كاراغر ساخراً: "بدأت أعتقد أنك مهووس بي"    صفقة مثيرة للجدل: كراء "منطقة خضراء" ب50 درهما للمتر لمستثمر لبناء ثلاث مدارس خاصة في طنجة    السلطات معبأة لفتح المحاور الطرقية بعد التساقطات الثلجية    عمال شركة أوزون يحتجون بالفقيه بنصالح    غانا تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع الجمهورية الوهمية    المتصرفون المغاربة يستنكرون التمييز ويدعون إلى إصلاح عاجل لنظام الوظيفة العمومية    المغربي بوعبيد يعزز صفوف "صحم"    المنتخب النسوي U20 يخوض معسكرا مكثفا بالمعمورة    فنان أمريكي يرفض التعاقد على "عدم مقاطعة إسرائيل"    ضحايا في "زلزال الهيمالايا" بالتبت    الرحلات الجوية تعود إلى مطار دمشق    توقعات طقس اليوم الثلاثاء بالمغرب    عامل الحسيمة يتفقد تقدم أشغال مشاريع طرقية كبرى في الإقليم    1,5 مليار درهم قيمة الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    لبنان.. القوات الإسرائيلية تبدأ الانسحاب من الناقورة وهوكستين يؤكد التزام "كل الأطراف" باتفاق وقف النار    أزيد من 50 قتيلا في زلزال بقوة 7,1 درجة ضرب جنوب غرب الصين    سفيان رحيمي يتصدر قائمة الهدافين دوليا لعام 2024 حسب تصنيف IFFHS ب 20 هدفًا مذهلًا    بنسعيد يستعرض دواعي مشروع قانون حماية التراث    كلية الآداب بتطوان وجماعة العرائش يوقعان اتفاقية إطار للتعاون    بنعلي: نشر التعريفة الخاصة بالشبكة الكهربائية يساهم في خفض فاتورة الطاقة المنتجة والموزعة للمستهلك المغربي    منتجع مازاغان يحصل على عدد كبير من التتويجات في عام 2024    الرئيس الفرنسي يشيد "بالطموح غير المسبوق" للشراكة التي تم بناؤها مع المغرب    مرسى ماروك تستثمر في محطة نفطية جديدة في دجيبوتي.. لتعزيز سلاسل الإمداد اللوجيستي في شرق إفريقيا    موعد مباراة برشلونة ضد بيلباو في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني والقنوات المجانية الناقلة    المنصوري تكشف أرقاما جديدة حول طلبات الاستفادة من دعم السكن    محمد بنشريفة مدربا للمغرب التطواني خلفا لعزيز العامري    ترامب يدعو إلى ضم كندا بعد استقالة ترودو    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور    ماحقيقة فيروس الصين الجديد الذي أثار الفزع حول العالم؟    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    ميناء طنجة المتوسط يتقدم للمركز الثالث في تصنيف عالمي لسنة 2024    "ذا بروتاليست" و"إميليا بيريز" يتصدران الفائزين بجوائز غولدن غلوب    التهراوي يبرر أسباب إلغاء صفقات عمومية .. وحموني يفضح مصحات خاصة    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    بورصة البيضاء تنهي التداولات بارتفاع    أسعار النفط ترتفع إلى أعلى مستوياتها منذ أكتوبر    ماكرون يشيد "بالطموح غير المسبوق" للشراكة التي تم بناؤها مع المغرب    الشعب يفرح بالمطر والحكومة أيضا..    مقاطعة أم انهيار: غياب ممثلي «جمهورية تندوف» في الخارج عن ندوة «لحمادة» للعلاقات الخارجية    تزنيت تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975    المغرب يشارك في مسابقة "le Bocuse d'Or" وكأس العالم للحلويات وكأس العالم للطهاة    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    رسميا | الكاف تعلن موعد قرعة كأس إفريقيا للاعبين المحليين    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    بعد أن ارتفعت أسعار اللحوم البيضاء إلى أثمنة قياسية    رثاء رحيل محمد السكتاوي    آية دغنوج تطرح "خليك ماحلّك" باللهجة لبنانية    دراسة: التفاعل الاجتماعي يقلل خطر الإصابة بالنوبات القلبية    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا يستخف المجتمع المغربي بخطورة محاولات الانتحار؟
نشر في أخبارنا يوم 15 - 10 - 2016

منذ استقراري في المغرب لاحظت أن العديد من المغاربة لا يأخذون بالجدية الكافية الأفكار الانتحارية عند المريض و لا حتى محاولات الانتحار التي تنتهي بالفشل. وأندهش دائماً حينما يزورني مريض، مراهق أو شاب أو من الفئات الأكبر سناً، مع مرافقين من أفراد عائلته و أستمع إليهم وهم يروون لي محاولة انتحاره ولكن بكل برودة وكأنه شيء بسيط عادي أو كأنهم لا يأخذون المحاولة الانتحارية بجدية و لا يرون انها عملية خطيرة وبأن حياة المريض تبقى تحت خطر تكرار المحاولات الانتحارية في أي وقت خاصة إذا لم يُعالج ويوضع تحت المُراقبة الطبية في مستشفى لحمايته من نوازعه الانتحارية وتوفير الخدمات العلاجية له.
و الأخطر من هذا أنه بعد أن يُنقل المريض في أعقاب محاولته الانتحارية إلى قسم المُستعجلات، يتم الاكتفاء فقط بتقديم الاسعافات الأولية له و من ثم يُسمح له بالعودة الى منزله بدون أن يخضع في الحين لفحص طبي نفساني كافي لتقويم خطورة الانتحار وإصدار ما يجب القيام به لحماية المريض من طرق علاجية سليمة.
الانتحار يعتبر من الأولويات ذات الخطورة العالية ويُعد من المستعجلات في الطب النفسي لأنه يهدد حياة المريض و تقع المسؤولية المباشرة على الطبيب و العائلة في حماية حياته حيث يجب إخضاعه للعلاج الفوري في المستشفى خاصة إذا لاحظ الطبيب أن هناك أعراض ومؤشرات تدل على خطر الانتحار كأن يُعبر المريض شفوياً أو كتابياً عن افكار انتحارية أو يقدم على محاولة انتحار. و لا تُشترط موافقة المريض المعني على الخضوع للعلاج حيث أن القانون يسمح للعائلة والطبيب باتخاذ الاجراءات اللازمة لأن المريض في مثل هذه الحالات يشكل خطراَ شديداً على نفسه و بالتالي من الواجب وضعه تحت مراقبة صارمة و اتباع الطرق العلاجية التخصصية اللازمة وفق القواعد الطبية المتعارف عليها عالمياً.
نجد مخاطر الانتحار لدى المصابين بأمراض نفسية معروفة و بإمكان الطبيب النفساني في جل الحالات تقويم درجة خطورتها بملاحظة المؤشرات كما أن هناك الأفكار الانتحارية التي يعبر عنها المريض مباشرة لأقربائه مثل "أنا عْييت لْوْكان صْبْت نْقْتل راسي ونْتْهنّا من هادْ الحياة" وأرغب أن أتحدث بمزيد من التفصيل عن هذه الحالة بالضبط.
ألاحظ أن لا أحد في مجتمعنا يأخذ بعين الجدية هذه التعبيرات الأليمة عند المريض ونسمع عادة مثل هذا الجواب "نْعَلْ الشيطان راهْ حْرام هادْ الشي لي كتقول". ومثل هذا الرد يزيد في عذاب المريض لأنه لا يجد من يَحس بعذابه بل يجد من يزيده إحساسا أشد بالذنب وهذا بدوره يضاعف وثيرة تفاقم أفكاره الانتحارية. فمن واجب المحيط العائلي عند سماع المريض يعبر عن رغبته في الموت أو الانتحار أن يأخذ الأمر بكامل الجدية و الخطورة ويتوجب عليهم مراقبته في كل ثانية و عرضه على طبيب نفساني أو نقله على الفور إذا لزم الأمر إلى أقرب مستشفى.
و لا يزال الانتحار من الطابوهات المسكوت عنها في ثقافة مجتمعنا وهذا من الاسباب التي تجعلنا لا ننظر اليه بكل واقعية وتقدير خطورته حق التقدير. كما أن هناك سبباً آخر يرتبط بالاعتقادات و التصورات الدينية الخاطئة الشائعة في مجتمعنا مثل الاعتقاد أن الانتحار موجود فقط في الدول الغربية والغير المسلمة وأن مرض الاكتئاب سببه ضعف الإيمان بينما مجتمعنا محصن تماماَ لأن جميع افراده مسلمون مؤمنون فلا مكان فيه للاكتئاب والانتحار. فإذا أصيب مريض بالاكتئاب يعتبر في نظر محيطه ضعيف الايمان وبالتالي يشعر بالعار و الخجل من طلب العلاج وبمرور الوقت يزداد آلاماً وعذاباً. أما إذا كانت له أفكار أو رغبة في الانتحارأو أقدم على محاولة انتحارية فيتم تلقائياً تفسير ذلك بالكفر و انعدام الإيمان ويحكم عليه سلفاً بأن مصيره جهنم ولهذا تسوء حال المريض المسكين و تشعر عائلته بمشاعر الخجل و العار ويسكتون على خطورة حياة المريض المهددة بالموت في كل ثانية. ورغم هذه الخطورة ومع كامل الاسف ما زلنا نسمع هذه العبارات القاسية تتردد على مسامع المريض الذي حاول الانتحار "أوِلي واشْ باغي ديرْنا شوها في وسط العائلة وجيران والناس" أو "واش بغي تمشي للنار".
مع الأسف الشديد هذه الاعتقادات و الطابوهات هي التي تعرقل الأخذ بعين الجدية حالة المريض و تعطل التدابير الوقائية و العلاجية. لذلك يجب علينا ان نعلم بأن المريض لا يصل الى قرار الانتحار كحل نهائي لآلامه وعذابه إلا بعد مشوار طويل وإذا لم نساعده للعلاج فاحتمالات الانتحار تبقى جد مرتفعة لأن الانتحار هو نتيجة مرض نفساني قابل للعلاج ولا علاقة له بالهوية الدينية للفرد ويوجد في جميع المجتمعات على اختلاف بلدانها و تنوعاتها العرقية و الدينية و الحضارية.
فالمنظمة العالمية للصحة أعلنت بأنه تقع في المعدل العام العالمي حالة انتحار واحدة في كل 40 ثانية. أما بالمغرب على الصعيد الوطني في العام 2012 تم تسجيل 1628 حالة انتحار علماً أن هناك صعوبات في تقديم إحصاءات دقيقة لظاهرة الانتحار في مجتمعنا.
فالمرجو أن نأخذ الاكتئاب بكامل الجدية ونراعي أنه مرض خطير يقود عند الإهمال إلى الانتحار وأحسن مساعدة نقدمها للمريض هو أن نقف إلى جانبه و أن نعرضه على الطبيب المختص سواءً بموافقته أو رغماً عن إرادته وأن نتفادى جميع النصائح المتداولة
في الثقافة الشعبية مثل اللجوء للدجل و الشعوذة لأنها خاطئة وخطيرة على حياة المريض. و يكفي أن نلاحظ أن المريض يعبر عن رغبته في الموت أو الانتحار لندرك بوضوح أن أمامنا حالة مستعجلة وأن حياته في خطر و يجب عرضه فورا على الطبيب و إخضاعه للعلاج الفوري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.