لا يسعنا إلا الشد بحرارة على قرار الحكومة المغربية القاضي بمنع استعمال " الميكة" في تعاملاتنا اليومية لِمَا لها من أضرار صحية على الأفراد و البيئة لا يُنْكِرُها إلا جَاحِد. و نشكر الإعلام المغربي و الإشهارات التي أَرَتْنا كيف نستطيع تغيير نظرتنا لطريقة تلفيف المشتريات خاصة من طرف "شميشة" و بعض أراء المواطنين الذين "جزاهم الله خيرا " فَكَّرونا بأيام " القفة و أكياس الورق التي كنا نضع فيها البيض و الفواكه الجافة " ... لكن بمَا أننا شعب "عزيز عليه الكريتيك" و أنا طبعا واحد منهم ، أتساءل في أمر لا يخلو من مكر: " هؤلاء الناس داروا الإشهار فابور و لا خداو عليه الفلوس؟". وبما أن قرارات الحكومة الحالية لا تخلو من نظرية المؤامرة، فلا بد لنا من التشكيك أيضا في صدق ماتدَّعيه من الحرص على صحة المواطنين الذين خنقتهم "الميكة و البلاستيك" على حد زعمها, و الدليل الصارخ على عدم انسجامها في أقوالها هي تلك السفينة المحملة بنفايات ايطاليا التي رست بالجرف الأصفر و التي رغم تأكيد وزارة البيئة على أنها لا تشكل خطرا على البيئة إلا أنه لا يسعنا سوى التساؤل: "إذا كان هَمُّ الحكومة هو البيئة، فمن الأولى أن تَدَعِي أرض المغرب بعيدا عن نفايات دول أحرى و حاربي مُخلَّفاتك أنتِ بدل إيجاد حل لمشكل دول أخرى؟" الأمر الثاني الذي أرَّق العاملين بقطاع "الميكة" هو ماهي البدائل التي اوجدتها الحكومة لتعويض الخصاص فيها في السوق المغربية. أنا لن أتحدث عن البدائل الموضوعة في إشهارات التلفزة لأن الذي لا يرى من الغربال فهو أعمى. حيث نرى شميشة تذهب إلى المتاجر الكبرى و المحلات الراقية, لكن ماذا عن الأسواق الشعبية؟ لن أتحدث عن الغرامات أيضا، و لكن شغبي الشقي لا يتركني في حالي ، لأطرح السؤال التالي: " ماهي الشركات أو بالأحرى أسماء أصحاب الشركات الذين سيستفيدون من صنع السلع البديلة عن "الميكا"؟ و بكم سيصبح ثمنها في السوق المغربية خصوصا أن مع مجيء الحكومة الحالية ، فإننا نعلم علم اليقين أن لا شيء مجاني و لابد أن تكون بين طيات أي إصلاح "زيادة". الأمر الثالث الذي يُثِير الريبة هو: لماذا التركيز فقط على "الميكة" دون غيرها من المواد الملوثة للبيئة؟ و السؤال الذي يفرض نفسه هنا: "هل المواد الأخرى المصنوعة من البلاستيك لا يدخل البترول في مكوناتها و هل تتحلل بسرعة عند رميها ؟ اما بخصوص ملف صندوق التقاعد، فبعد أن تمكن رئيس الحكومة من تمريره بعد أن خذلت النقابات نضالات الشغيلة و لاندري ما المقابل الذي أخذته مقابل بيع الموظفين بعد أن تركتهم ينامون في العسل لتوقظهم على كابوس لم يستوعبوه لحد الأن ، فإنني أخيرا وجدت العلاقة بين القضيتين اللتين شغلتا تفكيري كل هذه الأيام: "الميكة و التقاعد". فبعد الإصرار الكبير على تمرير قانون التقاعد بمساوئه الثلاث في عمر هذه الولاية الحكومية بالذات حتى يُحسب له الفضل في ذلك، نرى أن "بن كيران" كرئيس للحكومة ضرب "عين ميكة" على الحملة الشعبية التي طالبت بإلغاء "تقاعد البرلمانيين و الوزراء" إلى حد اعتبار الأمر لا يستحق التفكير فيه أصلا. بل إنه جَنَّد إلى جانب شبيحته الإلكترونية كل الأحزاب التي انحنت للعاصفة في أولها ثم نست الأمر برمته و انغمست في البذخ من أموال الشعب :"كاطكاطات مرسيديسات و فيلات و غيرها...." عرفتم الأن وجه الشبه بين قانون" منع الميكة و التقاعد"، ف "الميكة الشعبية" قد تجعلك تؤدي غرامة ربما تؤدي بك إلى الإفلاس ، لكنها في نفس الوقت"عين ميكة" قد تغض الطرف عنك لتحصل على تقاعد مريح مدي الحياة.