ملف ملتهب سيوضع على مكتب وزير التربية الوطنية محمد الوفا. زوال اليوم سيستقبل في مبنى وزارته وفدا عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية يرأسه العميد أحمد بوكوس. النقطة الوحيدة التي ستطرح على جدول الأعمال تحريك ملف تدريس الأمازيغية المهدد بالفشل. قبل أن يجتمع الوزير الإستقلالي بوفد المعهد الملكي، دقت الجمعيات الأمازيغية ناقوس الإنذار. الكل استنكر سياسة «اللامبالاة وصم الآذان» التي تنهجها الوزارة ومعها جل الأكاديميات والمندوبيات تجاه تدريس الأمازيغية أحد أهم مكتسبات الحركة الأمازيغية منذ عهد حكومة التناوب التوافقي والتي كادت أن تصبح في خبر كان. مصادر مقربة من المعهد أكدت أن الوزير سبق أن تجاهل لقاء أعضاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، لكن رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران تنبه لأهمية الملف وكونه يكتسي صبغة سياسية، وطلب من وزير حكومته بحث المعهد مع مؤسسة عهد إليها بتقديم الإستشارة للمؤسسات الرسمية في كل الملفات المتعلقة بالأمازيغية، خاصة أن بعد ضغط الجمعيات الامازيغية وضغط الشارع في مسيرة «تاوادا ن ئيمازيغن» السابقة بالرباط والمقبلة بالدار البيضاء. لن يجد أعضاء المعهد الملكي صعوبة في إيصال الرسالة لوزير ينتمي لحزب كان ضد ترسيم الأمازيغية في الدستور، فالأمر لا يحتاج سوى لتفعيل الإتفاقية الموقعة بين المعهد الامازيغي ووزارة التربية الوطنية سنة 2003، ثم تحصين المكتسبات التي تحققت في مجال تعليم الأمازيغية، والرقي بتعليمها ليكون في مستوى الوضع الدستوري للأمازيغية التي أصبحت رسمية إلى جانب اللغة العربية. طيلة عشر من حياة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أعدت المؤسسة الكتب المدرسية والدلائل البيداغوجية لست مستويات من التعليم العالي، ومصوغات التكوين الأساسية لمراكز تكوين أساتذة التعليم الابتدائي، ومصوغات التكوين المستمر الخاص بالمفتشين وأساتذة اللغة الأمازيغية، إضافة إلى ما يتعلق بالتكوين الخاص بالمراكز التربوية الجهوية، وتم تكوين أكثر من 12 ألف أستاذ، و أزيد من 300 مفتش ، و558 مدير في التعليم الابتدائي، إضافة إلى تكوين 75 من المكونين بمراكز أساتذة التعليم الابتدائي، لكن كل ذلك قد يذهب سدى. في نهاية الشهر المنصرم عقد مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية دورته العادية الثانية، وكانت الوضعية الراهنة للأمازيغية في كل من التعليم المدرسي والتعليم الجامعي من أهم نقط جدول الأعمال. لكن أعضاء المجلس لاحظوا تراجعا في وتيرة تعميم تدريس الأمازيغية، بسب قلة الموارد البشرية، نتيجة عدم تخصيص ما يلزم من المناصب المالية لتوظيف أساتذة جدد وبسبب إعادة تكليف وانتشار عدد من أساتذة الأمازيغية. مسألة الموارد البشرية الضئيلة التي توفرها الوزارة الوصية والجامعات لمسالك الدراسات الأمازيغية نبه إليه أيضا أعضاء المجلس. وضعية تدريس الأمازيغية أعادت الشعور بالحيف والإقصاء إلى نفوس الفاعلين الأمازيغيين، واعتبروا أن «التعامل مع تدريس الأمازيغية يفتقد إلى الجدية المطلوبة والحس الوطني اللازمين سواء لدى المسؤولين على الصعيد المركزي والجهوي والمحلي»، ودعوا وزير التربية الوطنية إلى «تحمل مسؤوليته وذلك بإشعار الاكاديميات الجهوية والنيابات الإقليمية بضرورة احترام مقتضيات الدستور الجديد في شأن الامازيغية والتراجع عن كل القرارات التي تمسّ بتدريس الأمازيغية». لن يكتفي أعضاء المعهد في لقائهم بوزير التربية الوطنية بعرض مآل ملف تدريس الأمازيغية في المدرسة العمومية، لكن أيضا تذكير المسؤول الحكومي أن تدريس الأمازيغية أحد أهم مكتسبات الحركة الديمقراطية والأمازيغية في المغرب والتي تحتاج للإنصاف ورفع التهميش عنها.