يعود اليوم العالمي للماء الذي يصادف 22 مارس، من كل سنة، ليفسح المجال لنقاش جاد ومستفيض حول مساهمة هذا المورد الحيوي في التنمية المستدامة والأمن الغذائي والطاقي، وليدق ناقوس خطر يتهدد الإنسانية ومن شأنه أن يتسبب في حروب وصراعات بين دول العالم. وتحت شعار "الماء والعمل" يهدف المحتفون بهذا اليوم هذا العام، إلى تحسيس المواطنين عبر العالم بضرورة الحفاظ على الماء الذي يعتبر العمود الفقري للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، والأكثر عرضة للتلوث والتبذير والاستعمال المفرط. وفي هذا الصدد، أوضحت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو في رسالة لها بالمناسبة، أن العديد من الدول السائرة في طريق النمو، تتواجد بمناطق تسجل ندرة للمياه ومعرضة للتضرر بشكل أكبر من تبعات التغيرات المناخية، مبرزة أن الطلب على الماء في تزايد مستمر، خاصة بالدول الناشئة حيث تنمو الفلاحة والصناعة والمدن بشكل مضطرد. واعتبرت أن الماء عنصر ضروري في الحياة اليومية ومكون أساسي لتنمية شاملة ومستدامة، وهو ما دفع المنظمة إلى إعطائه مكانة محورية في البرنامج الجديد للتنمية المستدامة الممتد في أفق سنة 2030. ولقد راكم المغرب على مدى سنوات تجربة متميزة في مجال تعبئة الموارد المائية والتزود بالماء الصالح للشرب والتطهير السائل، كما انخراط في رفع التحديات المتصلة بالأهداف الجديدة للتنمية المستدامة محليا وإقليميا، وذلك عبر تبنيه لسياسة حيوية استفادت من البنيات التحتية المهمة. وقد تبنت المملكة في هذا الإطار، سياسة لتعبئة الموارد المائية من خلال تشييد السدود وأشغال نقل المياه، وتعزيز الجانب المؤسساتي والقانوني عبر القانون رقم 95-10 المتعلق بالتدبير المندمج والتشاركي واللامتمركز للموارد المائية، وإحداث وكالات للأحواض المائية وتقديم الميكنزمات المالية لحماية هذه الموارد. وكشفت معطيات للوزارة المنتدبة المكلفة بالماء، أن هذه السياسة مكنت من توفير بنية تحتية مهمة، تتكون من 139 سدا كبيرا بسعة تناهز 17 مليارا و600 مليون متر مكعب وآلاف الآبار للمياه الباطنية، كما أن مجموع ساكنة المناطق الحضرية المغربية مزودة حاليا بالماء الصالح للشرب، في الوقت الذي عرف معدل التزويد في المجال القروي تطورا كبيرا، وانتقل من 14 في المائة سنة 1994، إلى 94،5 في المائة في الوقت الحالي. وأبرزت أن المملكة تسعى إلى ربط مجموع الساكنة الحضرية بشبكة التطهير السائل في أفق 2030، كما تم إطلاق برنامج وطني يهدف إلى تعميم التطهير السائل في أفق سنة 2040 بالعالم القروي، حيث لا تتعدى نسبة الربط حاليا 10في المائة. ويرتقب أن تناقش القمة العالمية حول التغيرات المناخية (كوب22) التي ستنعقد بمراكش شهر نونبر المقبل، سبل إطلاق تعبئة تتبنى دبلوماسية نشيطة واستباقية لإسماع صوت القارة الإفريقية التي تعاني من الآثار المترتبة عن ندرة المياه، في المحافل الدولية، ولدعم قضية الماء وإدماجها ضمن أولويات مفاوضات تغيير المناخ، علاوة على إبراز جهود المغرب في المجال محليا وإقليميا ودوليا. وتقر الدول التي تواظب على المشاركة في اللقاءات والمؤتمرات الدولية التي تهتم بحماية الموارد المائية، من قبيل الاجتماع العالمي لوزراء الماء والتطهير الذي انعقد يومي 15 و 16 مارس الجاري بأديس أبابا (إثيوبيا)، بأن التدبير المستدام للماء هو رهان عالمي، حيث سيمكن رفع هذا التحدي من بناء مجتمع جديد ومتضامن ومواطنة حقيقية، وهو ما يستوجب تعبئة مستمرة للمجتمع الدولي والجهود المتواصلة لوكالات التنمية وكافة المانحين. يشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت قد اعتمدت القرار 47 / 193 في دجنبر من سنة 1992 باعتبار يوم 22 مارس يوما عالميا للماء، حيث كان أول احتفال به سنة 1993، كما تستعد لاعتماد خطة جديدة للتنمية المستدامة لما بعد عام 2015.