شكل إلقاء القبض على فتحي تربل المحامي الليبي الذي تولى قضية الدفاع عن الأهالي في مجزرة سجن أبو سليم التي ارتكبها نظام معمر القذافي عام 1996 وراح ضحيتها 1200 سجين، الشرارة التي عجلت بانطلاق الاحتجاجات الشعبية في ليبيا ضد النظام. وقال تربل في اتصال هاتفي مطول من بنغازي مع (إفي) إن "الناس بدأت في 15 فبراير/شباط في ميدان الشجرة ببنغازي بترديد نفس الشعارات التي رفعها الثوار في تونس ومصر". وأضاف "اعتقلت لأنني كنت على رأس مجموعة من أسر ضحايا سجن أبو سليم وكنا نخرج في أيام السبت للمطالبة بكشف حقيقة مجزرة السجناء" أمام محاكم بنغازي منذ يونيو/حزيران 2008. وتمت الدعوة لاحتجاجات حاشدة في ليبيا ضد القذافي في أعقاب سقوط زين العابدين بن علي بتونس في 14 يناير/كانون ثان، ونجاح الثورة المصرية ضد حسني مبارك في 11 فبراير/شباط. وتمت الدعوة لهذه الاحتجاجات في البداية في 17 فبراير/شباط للاحتفال بمرور خمسة أعوام على مقتل 11 شخصا خلال قمع المتظاهرين أمام القنصلية الايطالية في بنغازي، أثناء اعتراضهم على قيام وزير الاصلاح الايطالي، روبرتو كالديروني، بإظهار قميص يحمل رسوم كاريكاتورية مسيئة لنبي الاسلام محمد. وأوضح أنه "تم في يوم السبت الموافق 12 فبراير/شباط عقد اجتماع عادي لأسر السجناء، والاتفاق على الخروج إلى الشوارع في يوم 17 تضامنا مع أسر الضحايا الذين قتلوا أمام القنصلية الايطالية". وأشار تربل إلى أن الدعوة كانت للتضامن مع أسر الضحايا "لكننا كنا ننوي خلال المسيرة المطالبة بالحرية وسيادة دولة القانون وإجراء إصلاحات". لكن بسبب نشاطه السياسي الذي تسبب في دخوله السجن خمس مرات، أولها أثناء دراسته في المعهد، قررت السلطات اعتقاله في 15 فبراير/شباط 2011 في محاولة لوأد الاحتجاجات قبل اندلاعها. بيد أن بعد انتشار خبر اعتقاله، خرجت مظاهرات عفوية للمطالبة بالافراج عنه، وخلال التجمعات في اليوم التالي تم رفع شعارات الثورتين المصرية والتونسية. وأشار إلى أن هذه الشعارات وصلت إلى ميدان الشجرة حيث تردد لأول مرة هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" في اليوم السادس عشر. وفي نفس اليوم، امتدت الاحتجاجات إلى مناطق أخرى بشرق وغرب البلاد، وانتشرت في أنحاء ليبيا في يوم الدعوة الاصلي للمظاهرات في 17 فبراير/شباط. وقال المحام الليبي "منذ اليوم الاول عرفت أن التيار الذي بدأ في 15 فبراير/شباط لن يتوقف لكنني كنت اعرف أن النظام الليبي دموي وعنيف". وأضاف "آلاف الأشخاص ضحوا بحياتهم في الطريق إلى أن انتصرت الثورة" بشكل نهائي في 20 اكتوبر/تشرين أول مع سقوط سرت المعقل الاخير للنظام ومقتل القذافي. وتابع "النظام طبع ثقافته الخاصة خلال أربعين عاما، ودمر البنية التحتية للبلاد، وتركه من دون مؤسسات، وقضى على الثقافة وعزل ليبيا عن العالم". وبالإضافة إلى هذه المشاكل، يواجه الليبيون تحديات عظيمة في مقدمتها السيطرة على الحدود وانتشار السلاح والنزاعات القبلية. لكن تربل أكد على "قدرة الليبين على تجاوز هذه التحديات" مشيرا إلى أنه تم البدء في تكوين أحزاب سياسية وانتشار وسائل الاعلام والدعوة لانتخابات. واعتبر أن "ليبيا تمضي في الطريق الصحيح نحو بناء دولة الديمقراطية والقانون".