بر الوالدين من الفرائض التي أمر الله بها سبحانه وتعالى، وقرن بين عبادته وبين بر الوالدين للدلالة على أهمية برهما، فقال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾.. [الإسراء:23-24]، وحض رسول الله صلى الله عليه وسلم على بر الوالدين، وعَدَّ عقوق الوالدين من الكبائر. وأما حكم صحة حديث: «الجنة تحت أقدام الأمهات»، فلقد روى ابن عدي في «الكامل» من طريق موسى بن محمد بن عطاء، حدثنا أبو المليح، حدثنا ميمون، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الجنة تحت أقدام الأمهات، من شئن أدخلن، ومن شئن أخرجن». قال ابن عدي: «موسى بن محمد المقدسي منكر الحديث».
وورد بشطره الأول: «الجنة تحت أقدام الأمهات» من حديث أنس رضي الله عنه، برواية أبي بكر الشافعي في «الرباعيات»، وأبي الشيخ في «الفوائد»، والقضاعي، والدولابي، عن منصور بن المهاجر عن أبي النظر الأبار عن أنس مرفوعًا به، ومن هذا الوجه رواه الخطيب في الجامع لأخلاق الراوي، وذكره السيوطي في «الجامع الصغير».
وقال المناوي في «فيض القدير»: «قال ابن طاهر: منصور وأبو النظر لا يعرفان، والحديث منكر». (فيض القدير بشرح الجامع الصغير 3/361، ط. المكتبة التجارية الكبرى).
وإن كان الحديث بلفظه ضعيفًا إلا إنه ورد حديث صحيح بمعناه، فروى ابن ماجه والنسائي واللفظ له وأحمد والطبراني في «المعجم الكبير» بإسناد حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، من حديث معاوية بن جاهمة: أنه جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أردت أن أغزو، وجئت أستشيرك؟ فقال: هل لك من أم؟ قال نعم: قال: «فالزمها؛ فإن الجنة تحت رجليها»، وأما رواية ابن ماجه: فعن معاوية ابن جاهمة قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: «ويحك أحَيّةٌ أمك؟»، قلت: نعم يا رسول الله، قال: «فارجع فبرها»، ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: ويحك، أحَيّةٌ أمك؟ قلت: نعم يا رسول الله، قال: فارجع فبرها، ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال: «ويحك، الزم رجلها، فثم الجنة».
قال المناوي: «والمعنى أن التواضع للأمهات وإطاعتهن في خدمتهن وعدم مخالفتهن إلا فيما حظره الشرع سبب لدخول الجنة». (فيض القدير بشرح الجامع الصغير 3/361، ط. المكتبة التجارية الكبرى).